أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كراسي ميشيل كيلو الموسيقية... حسان الحسون

أعترف أنني -كالآلاف غيري- عجزت عن تقييم شخصية ميشيل كيلو السياسي والمعارض المليئة بالتناقضات والمواقف المتضاربة، ومتى يكون الدكتور "جيكل"، ومتى يتحول إلى مستر هايد، إلى درجة أكسبته عن جدارة واستحقاق لقب (جنبلاط سوريا).

في مقاله الأخير تحت عنوان (صورة يجب تصحيحها!) يوم 4 أيلول 2013 في جريدة الشرق الأوسط، يستعرض ميشيل كيلو المواقف المشرفة للجيش الحر بناءً على شهادات لمثقفين عملوا في صفوفه، ثم يخلص إلى ضبابية الموقف حوله، خاصة الموقف الأمريكي الذي يصوره على أنه "تجمع يضم جهاديين ومتطرفين وأصوليين يقاتلون نظاما شرعيا لأنه علماني" كما قال، وأن هذه الصورة بدأت تنطلي حتى على العرب دون أن تبذل أي جهود لتصحيحها على حد رأيه!!

موقف غريب، بل بالغ الغرابة من مثقف علماني جداً كانت تنطلق معظم مواقفه تجاه الثورة بشكل عام والجيش الحر بالذات من هذا المنطلق: أنا علماني، وأنتم إسلاميون جهاديون، إلى درجة رسخته في نظر الكثيرين أنه لم يكن يقل (تشويهاً) وأسلمة للثورة من هيثم مناع، وأنه ساهم بشكل كبير في إيصال هذا الانطباع للعالم الآخر معتمداً على تشعب علاقاته الدولية والعربية.

المشكلة، أن كيلو ومناع لم يكونا الطرفين الوحيدين، بل معظم من يمكن أن نسميهم (علمانيون)، وخلق كثير من جمهور الثورة الذي عاش خلال حكم آل الأسد تحت وابل من زخم الإعلام الذي شيطن كل من هو إسلامي، إلى درجة صار يصعب تغييرها أو حتى تحييدها.

هذا الأمر لم يكن بسيطاُ أو هامشياً، بل مفصلياً وبالغ الأهمية بالنسبة للثورة، ومنذ بداية العمل المسلح كنا نحذر من (تضخيم) دور الإسلاميين والجهاديين في الثورة من خلال النفخ بهيئته وصورته من قبل مناهضيه قبل مؤيديه، وأنه سينعكس بشكل سلبي خطير على الثورة فيما بعد، وأن هذا الموقف يجب أن ينبع من مسؤولية وطنية قبل أن ينبع من موقف حزبي أو فكري أو ثقافي.

المشكلة التي وضعنا بها كيلو ومن على شاكلته، والتي يحاول -ربما- أن يتبرأ منها في هذا المقال، أن قراءاتهم للأمر لم تكن في سياقها الصحيح أساساً، وأن هذه الثورة قامت في مجتمع يشكل الإسلام أكثر من 80% من أبنائه، وأن من أبسط ما يمكن أن يقوم به المسلم -كأي تابع لدين- هو أن يعود إلى ربه ودينه في الملمات، وأن لحية عبد الرزاق طلاس التي نتفها العلمانيون شعرة شعرة لم تكن مرضاً، إنما عرضاً كالكثير من الأعراض والمظاهر التي ترافق وقوع البلاء بشكل حتمي، وطبيعي، وعفوي، وبعيدا عن كل ما يمكن أن تحمله في أذهان الأقليات، أو العلمانيين، وأن معظم جمهور الثورة هو من البسطاء أساسا والمظلومين الذين وضعهم الظرف في مواجهة حتمية مع الموت.

لا أستطيع أن أقرأ مقالة ميشيل كيلو على أنها موقف أصيل، ولا حتى مراجعة لموقف مغلوط، ولا تشفع شخصية كيلو المتقلبة كلاعب "جمباز" له أن نبني عليها موقفاً لما صار إليه، ولست أراها إلا (موقف ترضية) لما بات وقوعه وشيكاً، وبدونه ربما.

(100)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي