لا أعجب أبداً من أولئك الذين (حسب ادعاءاتهم) يقفون مع انتفاضة الشعب على عصابة الأسديين وتاريخ هذه العصابة العريق بالإجرام والإفلاس الوطني، وفي ذات الوقت يعارضون تدخل الغرب بتوجيه ضربة عسكرية لسلاح تلك العصابة، التي تمارس بنهمٍ قتل الشعب السوري منذ أكثر من عامين بهذا السلاح المستورد، وتمادت في ممارسة القتل أكثر من كل الأعداء، ويبررون هذا بأن "كرامتهم الوطنية" تأبى عليهم قبول الاعتداء على سوريا الوطن. الحقيقة، بأني على استعداد لاحترام وتقدير هذه "الكرامة الوطنية"؛ لو كانت سوريا عبارة عن جغرافيا فقط، يحدها من الشمال تركيا العثمانية، ومن الشرق العراق الإيراني، ومن الجنوب الأردن الأميركي، ومن الغرب الجولان المحتل منذ نصف قرن، والمغيَّب عن الشعب السوري، ولن أنسى الضاحية الجنوبية!
سوريا، يا أصحاب "الكرامة الوطنية"؛ ليست سهولا ولا جبالا وأنهارا ومناخاً، بل هي قبل كل شيء جغرافيا بشرية، فسيفساء من البشر، بلغ تعدادهم قبل بداية حرب الإبادة التي يمارسها النظام ثلاثة وعشرين مليون كائن بشري (أستثني من هذه الصفة كلاب النظام) .
الجغرافيا بدون الإنسان ليس لها قيمة إلا في الأبحاث والعلوم! فكفى ضحكا على الذات، وكفى تقوقعا في زنازين شعارات القومية المتعفنة، التي لم تجلب لنا إلا الهزائم والدمار الإنساني. هذه "الكرامة الوطنية"، لا يمكنني تصنيفها إلا في إطار "انفصام الشخصية" أو في إطار المثل القائل: "يموت الحمار ولا ينكسر حرف منه". هذه "الكرامة الوطنية"، لا يصلح تطبيقها إلا في ثقافة "إجر بالبور وإجر بالفلاحة"، وما هي إلا منظومة صواريخ شعاراتية؛ تدافع عن القاتل (عصابة الأسد) وتشحنه بطاقة لرفع منسوب القتل والدمار.
لو قامت إسرائيل باستعمال السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري أو أي شعب عربي، وقرر الغرب أو الروس – تحت تأثير منشطات الضمير- توجيه ضربة لإسرائيل؛ لرقصوا كالصوفيين، حتى يتحررون من قوة الجاذبية ويحلقون في فضاء الانتصار.
يبدو أن اصحاب هذه "الكرامة الوطنية"، يتقبل ضميرهم القتلة (من أهل البيت) ولا يتقبلون قتلة القاتل وعصابته، لأنهم من خارج الجغرافيا السورية! فطوبى لهذه "الكرامة الوطنية"، وليستمر الأسد في إبادة الشعب السوري؛ لكني على ثقة تامة بأن أطفال سوريا سيمسحون مؤخرتهم بهذه "الوطنية"؛ إلا إذا حوَّلتم هذا الشعار إلى معجزة، تنقذون بها الأطفال والنساء، وتعيدون الملايين المشردة إلى ديارهم، وتقطعون أيادي عصابة الاسد التي دمرت البلاد.
في الختام، أقول وبصوت عالٍ، إني مع التدخل الغربي وقصف وتدمير مواقع عصابة النظام وسلاحه الذي ابتاعه من دم الشعب السوري ليحارب إسرائيل، لكنه لم يستقوِ به إلا على شعبه وعلى جاره اللبناني.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية