هدد بشار الأسد مع بداية الثورة العالم بأنه سيحول سوريا إلى أفغانستان ثانية وأطلق –هو ومجموعة من موظفيه- تهديدات متعددة آخرها يوم أمس بأنه سيحرق الشرق الأوسط.
هل هو جاد في مثل هذه التصريحات؟ بكل تأكيد نعم, لكن جوهر المسألة ليست في رغبته بتنفيذ هذه التهديدات بل بقدرته على تنفيذها, فما هو حجم الطاقة التي يمكلها في هذا الاتجاه وإلى أين من الممكن أن تصل؟.
الحقيقة أن نظام الأسد لديه قدرة على التأثير في المشهد اللبناني وهذا حصل أكثر من مرة واستطاع أن يقوم بعمليات ضمن الخطوط الأولى من تركيا ويملك قدرة على التأثير في العراق أيضاً، وربما بلدان أخرى قريبة أو حتى أبعد قليلاً, لكن في النهاية له طاقة تأثير معينة لا يمكن أن يتجاوزها في حقيقة الأمر ولن يتعداها مهما فعل.
الطاقة التأثيرية للأسد ومن معه يتحدد شكلها وقوتها بحدود الدفع المكتسب من حلفائه الحقيقيين إيران وحزب الله ومن معهم, وبالتالي يستطيع أن يؤثر ويضغط في حدود قوة ونفوذ هاتين القوتين الداعمتين ومن يتعامل معهما وقد تكون لبنان والعراق بالدرجة الأولى هما مسرحا العمل الذي سيبدأ الأسد بالعمل عليه لإثبات قدرته وتنفيذ تهديداته في إشعال الشرق الأوسط, قد يُشجع ويدفع في ناحية أخرى على ضرب إسرائيل -لكنه لن يفعل ذلك بنفسه- وستكون هذه الضربات قليلة المفعول ولا تتعدى مسألة إقلاق وخلخلة الأمن فيها وربما في دول أخرى عربية أبعد قليلاً.
يجب الانتباه إلى مسألة مهمة هي أن مجموع الطاقة التأثيرية التي يملكها النظام وحزب الله وإيران ومن معهم تساوي الواحد الصحيح وبالتالي أي نقل لهذه الطاقة واستخدام له من قبل طرف سيؤثر على الطرف الآخر فعندما يعمل النظام –مثلاً- في لبنان ويبدأ بالتفجير والتخريب فهذا سيأخذ من قوة حزب الله وطاقته وسيجعله أكثر انشغالاً. وسيتهلك وقتا أكبر على التحصين والأمن والتدبير، وكذلك عندما يعمل في العراق, فأي اعتماد على حلفائه سيزيد عليهم الحمل ويقلل من قدرتهم على التأثير.
بالنسبة لروسيا بكل تأكيد هي ستعطيه –وقد فعلت بالفعل- كل الطاقة اللازمة لتنفيذ تهديده حول "الأسد أو نحرق البلد" لكن أغلب التوقعات تشير إلى أنها لن تغطيه في بقية المناطق التي يفكر بتنفيذ تهديداته فيها وخاصة تلك التي تتعلق بأمن إسرائيل.
النظام لديه مجموعة من الأوراق التي سيعمل عليها في الفترة القادمة -وهي على سبيل المثال وليس الحصر- ترك الحبل أكثر لقطعان الشبيحة لممارسة المزيد من القتل والإجرام وربما تطوير عملها بشكل يشابه عمل حزب الله في لبنان في المستقبل, توأمة بعض المجموعات في العراق ولبنان مع مجموعات سورية لحماية نفسها تحت مسمى حماية المقدسات أو المقاومة، وبالتالي خلق قوى مقلقة للمنطقة, محاولة العمل على المحور الكردي مرة أخرى وبالتالي تبعاته في تركيا وسوريا والعراق, كل هذه الأمور وأكثر مرهونة في النهاية بطاقته وحدود تأثيره التي استهلك منها قسما كبيرا في تنفيذ وعوده السابقة بإحراق البلد وخرابه.
حمص المحاصرة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية