
رسالــــة مفتوحة إلى السيد كمال اللبواني... فيلمون بدري

قرأت في بعض الجرائد العربية الصادرة في السادس عشر من آب 2013 نبأ مفاده أن:
(المعارض السوري البارز وعضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني، كمال اللبواني، يرفض زج أسماء بعض الشخصيات أو الترويج لها لقيادة الجيش الوطني... وقال:
إن العميد مناف طلاس شخصية غير مقبولة من الضباط السوريين المنشقين ومن الثوار، وأن شخص طلاس لا يحظى بدعم في المعارضة بسبب تاريخ والده.)
أود أن أسأل السيد اللبواني هل نسي كيف ارتفعت أصوات المعارضين المشردين في فنادق العالم في الأشهر الأولى من اندلاع الثورة، داعية العسكريين والمدنيين في الدولة إلى الانشقاق عن النظام وعن جيشه بشكل خاص؟ ثم لماذا يُقبل انشقاق العميد فلان ويُرفض غيره؟ ولماذا لم تُعلنوا جدولاً بأسماء آباء الضباط المرفوض انشقاقهم سلفاً؟ واستأذن السيد اللبواني بسؤاله عن تاريخ والده، (أرجو ألا يُساء فهمي، فكل ما أريده التذكير بقوله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى)..
أنا لا أعرف السيد اللبواني إلا مما قرأت له في الصحف، ولكنني غير متابع لآرائه كلها في هذه المرحلة من الثورة، ربما لأنه عضو بارز في هذه المعارضات المتشظية كإناء من الفخار الجاف أصابته طلقة مدفع دبابة ت 72.
هذه المعارضات التي لا تعرف إلا التشرذم وأداء الأدوار التي يرسمها لها النظام.
وهل يظن السيد اللبواني ومعارضاته وهيئاته السياسية وائتلافها الوطني وتنسيقياتها، أنهم حصلوا فعلا على تفويض للتكلم باسمنا؟ بعد أن ظلوا يتفرجون على إبادة فقراء سوريا وتدمير بلدانها، وحشدهم في مخيمات الذل منذ أكثر من عامين؟
وهل حصلت انتخابات تسمح للسيد اللبواني بالظن أنه يمثلنا؟ ولئن كان عسيراً تنظيم الانتخابات في الوطن المحتل، فهل تتجرأ المعارضات على تنظيم انتخابات في مخيمات الذل المنتشرة في دول الجوار؟ أظن أن الفكرة لم تخطر في بال السيد اللبواني لمعرفته بأن أكثرية الناس في المخيمات من النساء، وهن عورات وناقصات عقل ودين؟
أذكر أنه يوم أُعلن انشقاق مناف طلاس كيف ارتفعت أصوات معارضين سوريين تؤكد أنه لم ينشق!.. ولما تأكدوا من انشقاقه راحوا يفتشون كل يوم عن سبب للنيل منه.. فهمنا الآن من السيد اللبواني أن والد مناف هو السبب، فشكرا لهذا الإيضاح.
هل يعرف السيد اللبواني إلى مَن عهد الجنرال ديغول لما انشق بعد هزيمة فرانسا في 1940 وأسس في لندن "فرنسا الحرة" بقيادة فصائل المقاومة الفرنسية في أرض الوطن المحتل؟
لقد عهد بقيادتها إلى رجل من خصومه السياسيين التاريخيين.
لست في وارد الدفاع لا عن مناف ولا عن غيره. ولكنني أريد تهنئة هذه المعارضات وجيوشها الظافرة باستراتيجيتها بعيدة النظر التي جاءتنا باللحى السوداء وبراياتها الأشد سواداً.. ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أتوجه برجاء إلى قيادات هذه المعارضات من مدنيين وعسكريين أن يحرمونا من رؤية صورهم في الخطوط الأمامية، بعد أن حرمنا النظام من الخبز، وأن يلتزموا الصمت ولو من قبيل التواضع ونكران الذات، بسبب فداحة المأساة السورية.
لن أطلب المستحيل فأرجو المعارضات الكف عن اللهو والتحول إلى جبهة متماسكة ولو إلى حين، وهذا عسير لأنني لم ألمح بينهم أية قامة تشبه ولو من بعيد من شكلوا الكتلة الوطنية لقيادة نضال الشعب السوري ضد الاحتلال الفرنسي.
تلك الكتلة التي أصرت على انخراط كل مواطن في نضالها، بصرف النظر عن منبته الطائفي او العرقي وعمَن هو والده!.. في حين نشاهد بعد عشرات السنين من "التقدم" فصيلاً كثيراً العدد من فصائل المعارضات، ما زال يقفل بابه أمام كل من لا ينتمي إلى طائفته، والأنكى أن هذا الفصيل يزعم أنه منخرط في ثورة مناهضة للطائفية..
أليست هذه مهزلة يا سيد لبواني أشد هولاً من رفض العميد مناف أو قبوله؟
متى سيكف هؤلا المعارضون "الفَخّاريون" عن التحدث باسمنا؟ ولماذا لا يتحدث كل منهم باسمه الشخصي إلى أن تتحرر سوريا ويتمكن شعبها من اختيار ممثليه، هذا إذا بقي كيان اسمه سوريا، بعد أن حقق النظام، منذ تشرين الثاني 1970 برنامجه الرهيب بجعل تعايش السوريين مستحيلاً إذا لم يحكمهم من وقّع مع مناحم بيغن اتفاقه الشهير برعاية كيسنجر.
روادتني منذ أشهر كثيرة فكرة قيام هذه المعارضات بحل هيئاتها وتنسيقياتها ومجالسها، التي تحولت إلى حلبات لصراع الديكة كما في أفغانستان وباكستان.. فهذا يوفر على المعارضين صرف "جهادهم" دون جدوى، كما يوفر على الدول المانحة نفقات باهظة يمكن تحويلها إلى القابعين في مخيمات الذل. هذه طبعاً فكرة ما بعد حداثية لا ينبغي حملها على محمل الجد.
تحدثني نفسي بالالتزام بقول نُسِب إلى عمر بن الخطاب حين سُئل فى موضوع حساس وأجاب: "أُمِرنا ألا نتعمق".
لو تَعمقت قليلاً لربما زعل مني السيد اللبواني، وأنا الحريص على ألا " أُزعلَ" أحداً، بخاصة إذا كان معارضاً "مشرداً"/ ومع ذلك أود إضافة هذه الفقرة:
نشرتْ الجريدة التي قرأتُ فيها خلاصة لتصريح السيد اللبواني، إلى جوار تصريحه، هذا الخبر ومعه هذه الصورة:

مساهمة لـــ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية