أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

شهادة من الغوطة عن صواريخ الموت الهادئة.. وكرنفال ترفيهي لمن بقي من أطفالها

قتلهم بشار الكيماوي

قبل المجزرة بيوم، طلبت مني مجموعة "نسمة" التطوعية، المساعدة في إيجاد تمويل لكرنفال ترفيهي لأطفال الغوطة، في اليوم التالي وصلتني من المجموعة الرسالة التالية: لاداعي لإيجاد التمويل، لأن الأطفال استشهدوا!
كانت المجموعة تخطط، لتقديم مسرحية وألعاب تسلية واحتياجات مدرسية لـ350 طفلا، في حزة وكفربطنا، على أن يحتفل الأطفال في إحدى صالات كفر بطنا البعيدة عن نيران الحرب، حسب الدراسة المبدئية للاحتفال، إلا أن قذائف الكيماوي سبقت المجموعة ونظمت "احتفالا" يليق بوحشية بشار الأسد. 

الموت بهدوء
أويس الشامي الناطق الاعلامي لاتحاد تنسيقيات الثورة السورية، في كفربطنا، شرح لـ"زمان الوصل" بعض الوقائع التي كان شاهداً عليها، ويبدأ أويس في شهادته من القصف الذي سبق المجزرة قائلاً: كان القصف في ليلة الثلاثاء 20 آب اعتياديا على بلدات الغوطة التي تعايش أهلها مع الموت اليومي، إما على يد الحصار الخانق أو على وقع القصف.

ويتابع: لكن في فجر الأربعاء 21 آب، استيقظ الأهالي على صوت رهيب جدا وواضح ومسموع بكل أرجاء العاصمة والغوطة لانطلاق 7 صواريخ، والغريب أن الصواريخ لم تحدث صوتاً قوياً عند سقوطها.

التعثر بالجثث
ووفق أويس الشامي، هرع الأهالي لرؤية الصواريخ التي سقطت بهدوء، ولكن ما إن فتح الأهالي النوافذ والأبوب حتى سقطوا هم أيضا بهدوء، فسارعت الكوادر الطبية إلى المكان المستهدف بعد أن وصلتها نداءات الاستغاثة، غير أنها وقفت مكتوفة الأيدي عندما شاهدت مئات الجثث المتجمعة في الشوارع دون أي قطرة دم، وكأنه مشهد مقتطع من فيلم رعب خيالي، إلا أن الطامة الكبرى كانت -وفق الشامي- عندما أُصيب أعضاء الكادر الطبي بالاختناق.

ولما وصلت نداءات الاستغاثة إلى غرفة العمليات الطبية في الغوطة، والمُشكلّة حديثاً والمرتبطة بجميع النقاط الطبية، انطلق فريق من الغرفة لإجلاء المصابين والشهداء برفقة كوادر إعلامية مهمتها توثيق الحدث، وسقط من الفريق الإعلامي بحسب أويس شهيدان.

"شموا ريحة البارود وماتوا "
عندما يضطر طفل للقفز فوق جثث عائلته، يصبح الخوض في الجانب الإنساني أمرا خانقا، فلا شك أن مشاهدة فيديو مكون من 4 دقائق، يُظهر شهادة طفل لم يتجاوز العاشرة عن موت كل أفراد عائلته أمامه، كفيل بجعلك تتمنى الموت ألف مرة قبل أن تسمع بأن في الغوطة أطفالاً يسألون عن ذويهم، دون أن يجدوا من يقدم لهم إجابة، وأن هناك أطفالاً خطفهم الموت من النوم، وأن بعض الأمهات جمدن أبنائهن 24 ساعة، أملاً في أن يستيقظوا، وأن أرحم حالات الموت، تلك التي أصابت عائلة بأكملها فلم تترك شاهداً يصرخ وحده مذبوحا.

"جدي وأبي وأخي وأمي شموا ريحة البارود وماتوا..وأنا شو جابني لهون ما بعرف".. كلمات قالها الصبي في الفيديو، ولم يعرف أن الذي أتى به إلى هنا هو موت الضمير والإنسانية والقيم وكل مايوحي بوجود البشر.

الكرنفال من جديد
أعلنت أمس السبت مجموعة نسمة التطوعية، على صفحتها على فيسبوك عن تنظيم كرنفال آخر غير المهرجان الذي شهده العالم منذ أيام والذي احتفل خلاله أكثر من 600 طفل في الجنة بعد أن ماتوا مرتين، الأولى جوعاً بسبب الحصار والثانية اختناقاً بالكيماوي، الكرنفال الجديد حسب "نسمة"، سيكون في الغوطة التي تشبه الربيع في انبعاثه، وهو للأطفال الذين نجوا من المجزرة، وسيتضمن الكرنفال -الذي مازال ينتظر الدعم والتمويل المادي- مسرحية يؤديها الأطفال، ومسابقات ترفيهية وهدايا، علّ شريان الحياة ينبض في الأجساد الصغيرة مرة أخرى.

لمى شماس - زمان الوصل
(102)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي