يعيش سكان لبنان هذه الأيام فوبيا (رهاب) التفجيرات، التي بات احتمال عودتها وتصاعدها حديث الشارع اللبناني، المنهك من قبل بتفجيرات كثيرة وحروب، أبرزها الحرب الأهلية التي امتدت 15 عاما.
ونشرت "بي بي سي" تقريرا عرضت فيه بعض سمات هذا الرهاب، حيث وضع أحد أصحاب المحال في بيروت يافطة على زجاج محله كتب عليها "يرجى عدم التفجير قرب المحل لأن أكثر من نصف البضاعة بالدين"، وهو قد يبدو كلام هزليا للوهلة الأولى، لكنه يحمل في طياته مخاوف اللبنانيين وهواجسهم القديمة المتجددة من السيارات المفخخة.
وقال التقرير إن صاحب اليافطة يدرك تماما أن من يزرع أي عبوة متفجرة، لن يستجيب لطلبه، لكنه يبدو مدركا أيضا أن التفجيرات باتت حقيقة يتوقع حدوثها اللبنانيون في أي وقت وأي مكان.
وباتت تغلب على جلسات الناس هذه الأيام الأحاديث عن آخر الإشاعات حول العثور على سيارات ملغمة، أو احتمالات ركن سيارات مفخخة في مناطق شيعية وأخرى سنية؛ بهدف تحويل التوتر المذهبي القائم في لبنان حاليا إلى حالة من الاقتتال.
وانتشرت، في نهاية الأسبوع فقط، أكثر من 5 أخبار تداولتها وسائل الإعلام المحلية عن وجود سيارات مفخخة، شملت المناطق من بيروت إلى الطريق الساحلي باتجاه الشمال وصولا إلى مدينة صيدا والنبطية في الجنوب، دون أن تستثني مدخل الضاحية الجنوبية للعاصمة.
وتبين فيما بعد أن كل هذه الأنباء مجرد شائعات، لكن كل سيارة مجهولة باتت موضع شبهة بالنسبة لأهل المنطقة التي ركنت فيها.
حتى إن وسيلة إعلامية أوردت خبرا عاجلا عن تفكيك عبوة ناسفة أمام منزل رئيس جهاز أمني، ثم تبين أن الأمر غير صحيح، عندما خرج رئيس هذا الجهاز عبر وسائل الإعلام لينفي الخبر. وتبين أن الحادث لايعدو اشتباها بسيارة مركونة غير بعيد عن منزل المسؤول الأمني، كانت خالية من أي متفجرات.
وما يزيد حالة التوتر والحذر التي يعيشها اللبنانيون أن تصريحات السياسيين وصفت انفجار الرويس الأخير يوم الخميس الماضي بأنه "بداية"، حيث قال وزير الدفاع فايز غصن في بيان مكتوب إن لبنان بدأ يقع في قبضة الإرهاب.
أما زميله وزير الداخلية مروان شربل، فقد تحدث عن معلومات حول وجود سيارات مفخخة وتحضيرات لعمليات أمنية لإحداث فتنة داخلية.
وعممت القوى الأمنية على اللبنانيين أرقاما للاتصال عند الاشتباه بأي جسم مشبوه، ما عزز الهواجس عن وجود متفجرات، وحولها إلى حقيقة واقعة قد تحدث في أي لحظة.
وبات بعض اللبنانيين يتحدثون عن استعادة مخاوف أيام الحرب الأهلية، حين كان المرء يتوقع انفجار أي سيارة يمر بقربها في طريقه إلى عمله أو منزله.
وقرر كثيرون في بعض المناطق ولاسيما تلك التي تقع تحت نفوذ مليشيا حزب الله عدم التحرك إلا عند الحاجة؛ لأن تلك المناطق مستهدفة بنظرهم، بعد تسجيل سلسلة حوادث أمنية منها تفجير سيارة مفخخة الخميس الماضي، سبقه تفجير سيارة مفخخة أخرى قبل أسابيع، فضلا عن سقوط صواريخ على بعض الأحياء في الضاحية وبعلبك الهرمل في البقاع.
وقد أدى الشعور باستعادة أجواء الحرب، إلى تكثيف الحواجز التي أقامتها مليشيا حزب الله عند مداخل الضاحية وفي مناطق نفوذها؛ للتدقيق بهويات المارة وتفتيش سياراتهم، في ما يمكن وصفه بـ"الأمن الذاتي"، الذي عرفته المناطق اللبنانية أيام الحرب الأهلية إبان سقوط الدولة وأجهزتها الأمنية.
وسجل هذا "الأمن الذاتي" تمددا في بعض الأحيان خارج مناطق نفوذ مليشيا حزب الله، إلى مناطق في قلب العاصمة اللبنانية بيروت يقطنها شيعة.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية