أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

رؤية سياسية متكاملة للتحول الديمقراطي في سوريا

طالما اتهمت المعارضة السورية بأنه ليس لديها رؤية للمستقبل أو تصور لما ستكون عليه سوريا المستقبل فيما بعد الأسد، حاولنا في بيت الخبرة السوري تقديم رؤية مشتركة للمعارضة من أجل بناء سوريا التي نحب، وفيما يلي أبرز التوصيات النهائية في كل حقل من الحقول للتقرير النهائي "خطة التحول الديمقراطي في سوريا" الذي أعلن عنه في 14 الشهر الحالي.

إن خلاصات وتقارير هذه المؤتمرات وورشات العمل المختلفة والتي شارك فيها أكثر من 300 مشارك من الخبراء والنشطاء وقادة المعارضة السياسية والجيش الحر شكلت بمجملها تقرير (خطة التحول الديمقراطي في سوريا) والذي يتضمن خطة تفصيلية للمرحلة الانتقالية اليوم ولما بعد الأسد وفق السيناريوهات المختلفة، بمعنى سواء تمت التسوية من خلال ما يعرف بمؤتمر جنيف وتم تشكيل حكومة انتقالية فإن التوصيات التي يقدمها هذا التقرير تبقى صالحة بكل تأكيد، أو تشكل سيناريو آخر تمثل في سقوط الأسد عسكرياً إما عبر تدخل خارجي أو بسبب القوة المتعاظمة للجيش السوري الحر فإنه لابد من المرور على التوصيات التي يقدمها التقرير لأنها تبقى صالحة لعبور المرحلة الانتقالية باتجاه بناء نظام ديمقراطي يشكل طموح السوريين والأمل الذي انطلقت من أجله الثورة السورية.

الإصلاح الدستوري وسيادة القانون
السؤال هو كيفية تحقيق شرعية دستورية بعد سقوط نظام الأسد، وتم الاتفاق أن الحل الأفضل لتحقيق الشرعية هو الرجوع إلى دستور عام 1950. ويعد دستور عام 1950 هو الدستور الوحيد الذي تمت صياغته والموافقة عليه من قبل مجلس دستوري منتخب شعبياً ويحظى بشرعية شعبية، بالرغم من أن بعض مواده المتعلقة بالأقليات وحرية التعبير قد أثارت شيئاً من الجدل. وفي ظل غياب جهة تتمتع بالسلطة القانونية والدستورية أو بالتفويض الشعبي لتعديل الدستور، أوصى المشاركون باعتماد دستور عام 1950 بصورة كلية مبدئياً، مع تفويض الحكومة الانتقالية بإصدار إعلان دستوري مكمل بهدف تحديد مهام الحكومة الانتقالية وصلاحياتها وعمرها، وتحديد المواعيد الرسمية، ونجد مسودة لهذا الإعلان الدستوري المقترح في ملاحق هذا التقرير، لتقوم هذه الحكومة الانتقالية بالإشراف على انتخابات شعبية لأعضاء المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية التي ستكون المسؤولة عن صياغة دستور سوري جديد.

الإصلاح الإداري والسياسي
إن لحظة بداية المرحلة الانتقالية في سوريا تبدأ بتنحي رأس النظام القائم والمتمثل بالرئيس بشار الأسد. ولذلك تم بحث السيناريوهات المختلفة لانتهاء الأزمة والتي سيتم على إثرها تشكيل حكومة انتقالية تتشكل على أساس اتفاق سياسي ينتج بحسب شكل نهاية الأزمة في سوريا. ولذلك لابد من العمل على جانبين أساسيين، الأول يتعلق بتنظيم إدارة المرحلة الانتقالية؛ إذ أوصى المشاركون في بيت الخبرة السوري بوضع أسس دستورية وقانونية تنظم تلك المرحلة، موصين بأن تباشر الحكومة الانتقالية بتعليق العمل بدستور عام 2012 والعودة لدستور عام 1950 وإصدار إعلان دستوري يحدد شكل الحكومة وصلاحياتها وأهدافها ومواعيد الانتخابات.

كما أوصى المشاركون بأن يتم انتخاب المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية التي سيوكل لها صياغة دستور دائم للبلاد انتخاباً شعبياً وأن لا يتم اختيار أعضائها بالتعيين، وذلك لغياب أي مؤسسة منتخبة ومفوضة شعبياً بذلك، كما أوصى بأن يتم الاستفتاء الشعبي على الدستور بمجرد الانتهاء من إعداده لتبيان رأي الشعب السوري فيه.

أما الجانب الثاني فكان وضع رؤية لمستقبل النظام السياسي في سوريا، وقد اتفق على أن يكون نظاماً برلمانياً، تتشكل فيه الحكومة من قبل أغلبية أعضاء البرلمان وتحظى بكافة الصلاحيات التنفيذية، كما تخضع لرقابة مباشرة من البرلمان الذي يحق له أن يسائل أعضاءها ويستجوب رئيسها ويسحب ثقته منها. 

ويرى بيت الخبرة السوري أن هذا الخيار سيساهم في رفع مستوى العمل السياسي في سوريا وضمان مشاركة كافة القوى السياسية في إدارة البلاد ومنع انفراد أي حزب أو جهة ما بالسلطة.
كما أن هذا النظام سينقل الخلافات السياسية من الشارع إلى داخل قبة البرلمان مما قد يساعد على تخفيف الاحتقان بين فئات المجتمع، ويضع الفرقاء السياسيين جنباً إلى جنب في غرفة واحدة. كما لابد من العمل على تفعيل دور العمل الحزبي وإصلاح مؤسسات الدولة التي لن يكفل إسقاط النظام وحده إصلاحها أو إلغاء الفساد المستشري فيها.

إصلاح نظام الأحزاب والانتخابات
تركز النقاش على نظام الأحزاب وتأسيس منظومة تضمن التعددية الحزبية وتتيح المجال للأحزاب للمشاركة الفعالة في السلطة، إلى جانب وضع أسس ومعايير لأي عملية انتخابية قادمة، بحيث تضمن تمثيلا حقيقيا لكافة شرائح المجتمع وتضمن مشاركة عادلة لكافة المحافظات والمدن السورية، بحيث تنتج العملية الانتخابية مجلس نواب يعبر بحق عن الشعب السوري.

وقد تم تحديد عدد من المعايير والأسس لوضع قانون حديث للأحزاب في سوريا، بحيث يقوم هذا القانون على إلغاء القيود التي تحول دون تأسيس الأحزاب، وأن تكون القيود أو المعايير المحددة لتشكيل الأحزاب محصورة بأن لا تخرج هذه الأحزاب عن الدستور السوري وأن لا تدعو للتمييز بين المواطنين ولا لتقسيم الدولة وأن لا تخرج تلك الأحزاب عن المصلحة الوطنية للشعب السوري وللدولة السورية.

بالمقابل، تم وضع تصميم لنظام انتخابات جديد من أجل انتخاب المجلس التأسيسي أو الجمعية التأسيسية والذين قدروا عدد أعضائه بـ 290 ممثلاً عن كافة مناطق سوريا، على أن يصاغ قانون الانتخابات بالتزامن مع قانون الأحزاب، إذ يعتمد نظام الانتخابات الجديد على النسبية في احتساب النتائج، والنظام النسبي يعد متقدماً بشكل كبير على النظام الأكثري الذي يعتمده نظام الأسد القائم، فهو يسمح بمشاركة كل الأحزاب والمكونات السياسية في السلطة بحسب حجمها الحقيقي بالشارع بدلاً من أن يمنح الحزب الفائز كل السلطة، كما يمنح النظام النسبي تمثيلا حقيقيا وعادلا للأقليات. وهذا النظام يعتمد على قوائم انتخابية يفضل أن تكون حزبية، كما يوصي النظام المقترح بأن تكون القوائم الانتخابية مفتوحة، بحيث يختار الناخب القائمة المفضلة له ويختار من ضمنها مرشحه المفضل.

كما يعتمد النظام الجديد على تقسيم الدوائر الانتخابية لـ 32 دائرة بدلاً من 15 دائرة كما حددها نظام الأسد وحزب البعث، إذ تعطي الدوائر الصغرى فرصة أكبر للأحزاب الصغيرة ذات الإمكانات المادية المتواضعة، وتمنح تمثيلاً أفضل للمدن الصغيرة والأرياف. وقد رسمت الدوائر الانتخابية على أساسين رئيسيين، الأول هو الاعتماد على التقسيم الإداري للدولة السورية والذي يقسم المحافظات السورية إلى 64 منطقة إدارية، والثاني هو اعتماد أصغر دوائر انتخابية ممكنة شرط أن لا يقل عدد المقاعد في الدائرة الواحدة عن أربعة مقاعد لضمان نجاح تطبيق النظام النسبي.
كما يضمن النظام الجديد المقترح من قبل بيت الخبرة السوري مشاركة فاعلة لكلا الجنسين في المجلس التأسيسي، بحيث يضمن هذا النظام من خلال عدة آليات محددة تمثيلا للمرأة بشكل يتناسب مع دورها في المجتمع. كما يحث النظام الجديد كافة الأحزاب والتيارات المشاركة في الانتخابات على منح جزء من قوائمها لذوي الاحتياجات الخاصة، وإعطائهم الفرصة في المشاركة السياسة وصنع مستقبل سوريا.

إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وبناء جيش وطني حديث
يعرف السوريون التأثير الكبير الذي يتمتع به الجهاز الأمني السوري الحالي على حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية ولذلك فإن تفكيك هذه الأجهزة وإعادة بنائها يعد أولوية حيوية لكل السوريين بدون استثناء، ولذلك تم وضع رؤية للنظام الأمني المستقبلي لتكون متسقة مع الواقع الجديد التي تفرضه الثورة. ويرى بيت الخبرة السوري ضرورة تشكيل مجلس أمن وطني، يرأسه هرم السلطة ويشارك فيه وزراء الدفاع والداخلية وقائدا الجيش وقوى الأمن الداخلي. كما أنه يجب أن يتم حل هذه الأجهزة الأمنية ودمج بعضها الآخر في جهاز أمن وطني مدني جديد، وأن يتم إعادة هيكلة أجهزة قوى الأمن الداخلي، والتركيز على رفع مهنيتها واحترافيتها، إلى جانب تشكيل لجان للتطهير والتدقيق من أجل تنقية الأجهزة الأمنية ممن ثبت إجرامهم وفسادهم أو عدم كفاءتهم.
أما فيما يتعلق بتحديات بناء جيش وطني حديث في سوريا. فقد جرى نقاش مستفيض حول تركيبة وهيكلية هيئة الأركان العامة، كما قدم قادة وممثلو الجبهات العسكرية المختلفة في الجيش السوري الحر فكرة حول الوضع الميداني في جبهاتهم شملت شرحاً وافياً للمناطق المحررة وغير المحررة، إلى جانب وصف للكتائب المقاتلة من حيث العدد والإمكانيات وأسماء تلك الكتائب. 

ودار نقاش موسع حول الواقع الميداني في الجبهات المتعددة ودور هيئة الأركان وإمكانية رفع مستوى العمل العسكري وزيادة التنسيق بين الكتائب والجبهات، كما قدم عدد من كبار الضباط المنشقين عن النظام ملاحظات حول تشكيل هيئة الأركان وبنيتها الهيكلية، كما طالبوها بتفعيل دورها والعمل على التنسيق مع كافة الكتائب والألوية الفاعلة على الأرض من أجل تشكيل نواة جيش وطني حديث مستقبلاً. بحيث يتم وضع أسس واضحة لبناء الجيش الحديث، متضمنة آليات واضحة وعملية لعملية نزع السلاح من المسلحين فور انتهاء الصراع المسلح وبدء العملية الانتقالية. كما لابد من توفير برامج تدريبية متقدمة للكوادر العسكرية التابعة للقوات العسكرية السورية بعد سقوط النظام، وذلك لضمان احترافية عالية وعقيدة سليمة تعتبر حماية الوطن والمواطن وعدم التعرض لحقوقه وحرياته هو الواجب الحقيقي لهذه الأجهزة والقوات.

العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية
أعلن المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية وبيت الخبرة السوري تأسيس مبادرتين جديدتين هما: "اللجنة الوطنية التحضيرية للعدالة الانتقالية في سوريا" والتي شُكلت لبناء البرامج والخطط المستقبلية للعدالة الانتقالية في سوريا، وضمت قضاة ومحامين وسجناء سياسيين سابقين ونشطاء في حقوق الإنسان، وتم تشكيل هيئة استشارية دولية من الخبراء الدوليين المشاركين في المؤتمر لتعمل وتشاور الأعضاء السوريين في اللجنة.

أما المبادرة الأخرى فهي "جمعية عائلات شهداء الثورة السورية" والتي ضمت أفراداً من عائلات فقدت أبناءها في الثورة السورية كعائلة الشهيد حمزة الخطيب وأول شهيد للثورة السورية محمود الجوابرة والشهيد غياث مطر والشهيد تامر الشرعي وغيرهم، وقد شكلت هذه المبادرة لتعمل مع اللجنة الوطنية التحضيرية للعدالة الانتقالية في سورية في مجالي الدفاع عن العدالة ورفض التسويات السياسية على حسابها وتحقيق المصالحة الوطنية.

الإصلاح الاقتصادي
إن تضاعف نسب البطالة في ظل غياب الأمن ونسب التضخم في ظل التراجع الكبير في حجم العرض، إلى جانب التراجع المستمر والانهيار الوشيك للعملة السورية. إن أبرز الأولويات التي سيواجهها السوريون في المرحلة الانتقالية هي الاستجابة للحاجات الأمنية للاقتصاد في ظل دخول سوريا في أزمة وكارثة إنسانية كبيرة لم تشهدها في تاريخها أبداً من قبل، فتم اقتراح خطوات محددة للانتقال المباشر والمتدرج بالاقتصاد السوري نحو التحرر والانفتاح وتخفيف الأعباء والضرائب عن المواطنين، وخلق مزيد من فرص العمل، وفتح الباب أمام المستثمرين من خلال سياسات تشجع الاستثمار. كما لابد من وضع جدول زمني محدد لإعادة هيكلة القطاع العام الذي يمتاز بحالة من البيروقراطية الشديدة والمعيقة لأي تقدم اقتصادي. والعمل السريع والجاد لإعادة الأموال المجمدة في الخارج، ولرفع العقوبات الاقتصادية عن الدولة السورية.

(103)    هل أعجبتك المقالة (110)

نيزك سماوي

2013-08-19

إن ما تقومون به في مؤسسة بيت الخبرة لتشكرون عليه ويشكر الشعب السوري القائمين عليه لما يقدمون من رؤية مستقبلية مشرقة لسوريا ولشعبها بعد رحيل هذه العصابة المافوية المجرمة على الشعب السوري بكل أطيافه ونقول بكل أطيافه أن يبارك هذه الرؤية السياسية المتكاملة حول التحول الأى الدولة السورية الحرة الديمقراطية والتي يجب أن يكون المواطن السوري أحدى اولوياتها والمواطنة هي الأساس والعيش المشترك والتأخي والمصالحة التاريخية لطمس عقود القهر والظلم والفساد الذي أقامه النظام العائلي الأسدي المجرم ومن أجرم معه بحق سوريا وشعبها كل السوريون شركاء في الوطن وعلى العلويين أن يعلموا ذلك وان يكونوا يدا واحدة مع الشعب السوري للتخلص من هذه العصابة الأسدية المجرمة الحياة ستكون أفضل حتى للعلويين بعد رحيل هذه العصابة المجرمة فكفى أن يغرر بجزء منكم النظام المجرم وتربطون مصيركم بمصيره فهذا خطأ فالنظام الأسدي ذاهب الى مزابل التاريخ لا محالة والشعب السوري باق باق باق بكل أطيافه.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي