بين أطراف داريا ومشارف القرداحة.. هل وصلت رسائل بشار وإدريس؟

بغض النظر عن كل ما يثار حول شخصيته أولاً وقيادته للجيش الحر ثانيا، فقد وجه اللواء سليم إدريس صفعة استثنائية في قوتها ودلالاتها للنظام ورأسه ومؤيديه المتعصبين، تاركا إياهم في حيرة شديدة، بشأن تصديق الروايات التي يسوقونها عن "الانتصار" و"استعادة زمام المبادرة"، و"دحر الإرهابيين"، و"قطع دابر الثورة".
خرج بشار قبل أيام معدودة من مخبأه لمسافة لاتزيد عن 5 كيلومترات، وقال بعضهم إنها لم تزد عن 3 كليومترات، منتفشا بتفقد "قواته" على جبهات داريا التي مازالت مخرزا في عينه يكاد يفقؤها، كلما تجرأ بشار على النظر من نافذة قصره المنيف والمطل على تلك المدينة المشهورة بعنبها البلدي، الذي غطت عليه لاحقا شجاعة أهلها رجالا ونساء وأطفالا.
طبل مطبلو بشار، وجعلوا منها زيارة الحسم والعزم، وزيارة الصمود، رغم أن كل براعة وحرفية ملتقط الصور لم تسعفه في إزالة مشاهد الدمار والخراب من خلفيات صور رأس النظام المتبسم في وجوه جنوده، مباركا له!
كانت زيارة بشار بروتوكولية أعد لها في استديوهات نظامه، ربما على مدى أسابيع أو أشهر، فاختار مقاتلو الساحل أن يأتي الرد عمليا وبلا رتوش، فأطلقوا حملة تحرير المعقل الذي يتفاخر بشار بتأييده اللامتناهي، وفي ظرف أيام سقطت أكثر من 10 قرى كان النظام يمني أهلها بالاستقرار والأمن، ويغرر بشبابها ماديا وطائفيا ليلحقوا بركب القتلة والقتلى أيضا.
وقبل أن يستفيق بشار ودائرته الإجرامية الضيقة من هول الصدمة التي هزت صورته بين مؤيديه، جاءت زيارة اللواء إدريس لتقطع الشك باليقين حول الجهة التي تراخت قبضتها وتراجعت أسهمها وفقدت سيطرتها حتى ضمن "المناطق الحاضنة".
فمن وجهة نظر النظام، فإن "إدريس" ليس سوى آبق طريد خائف منبوذ شعبيا، يتزعم مجموعة من المرتزقة، ومن كان هذا حاله فلن يجرؤ على الاقتراب من المناطق السنية المحررة، فكيف به وهو يقف على تخوم القرداحة؟
ومن وجهة نظر النظام أيضا، فإن بشار هو الرئيس الشرعي المحبوب من شعبه، وجيشه هو الجيش المحضون من الأهالي، ومن كان هذا حاله فلن يتهيب المشي في أي شارع سوري، فكيف به وهو يقوم على وجل بزيارة استعراضية لم تستمر سوى دقائق، علما أنه كان يسير وسط مجمع أمني عسكري يعد الأكثر تحصينا وحراسة في عموم سوريا، لقربه الشديد من قصره ومطار المزة العسكري ومقر الفرقة الرابعة والمخابرات الجوية.
لقد كان لزيارة إدريس أكثر من وجه ودلالة، عرف منها تأييده المطلق لعملية تحرير الساحل، وخفي منها رسالة بمثابة سهم رعب هو الآن يخترق قلب بشار أكثر من أي وقت مضى.. وما خفي كان أعظم!
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية