قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن إحجام الغرب عن تسليح الثوار السوريين، عوضه إلى حد ما ظهور مزود "غير متوقع" لهؤلاء الثوار، تمثل في السودان!
ورغم أن الصحيفة وصفت تزويد السودان للثوار بالسلاح أنه سري ولم يتم الإقرار به علنا، فقد نقلت عن مسؤولين غربيين ومعارضين أن حكومة الخرطوم باعت سلاحا سودانيا وصيني الصنع إلى قطر، التي تولت تسليم هذا السلاح إلى الثوار عبر تركيا.
وحسب الصحيفة فقد شملت شحنات الأسلحة صواريخ مضادة للطائرات وذخائر للأسلحة الخفيفة، وقد شوهدت نماذج من تلك الصواريخ في ساحة المعركة بسوريا، وساعدت الثوار في مواجهة قوات النظام.
ورأت الصحيفة أن الأدلة التي تشير إلى انخراط السودان في العملية، تجيب عن بعض الأسئلة حول مصادر مد الثوار بالأسلحة، التي قالت الصحيفة إن من يسدد ثمنها غالبا هي: قطر، الإمارات، الأردن، والسعودية، بل وحتى جهات مانحة أخرى تتعاطف مع قضية السوريين.
واعتبرت "نيويورك تايمز" أن دخول السودان على الخط يضيف مضاعفات أخرى إلى الحرب ويعقد فرص التوصل الى حل سياسي، موضحة أن الأمور تطورت إلى حرب بالوكالة على النفوذ الإقليمي بين القوى العالمية، والدول الإقليمية والطوائف الدينية.
ومن ناحية أخرى فإن، توفير السودان أسلحة للثوار ضد نظام بشار الأسد، قد يهدد علاقات الخطروم الوثيقة بحليفيها وحليفي بشار، وهما إيران والصين، بل إن هاتين الدولتين قد تعدان تصرف الخرطوم خيانة لهما، عطفا على حجم المساعدات التي تقدمها الصين خصوصا للسودان، ومنها رفد حكومة الخرطوم بشحنات من السلاح الصيني.
لكن الصحيفة عادت لتؤكد أن مسؤولين سودانيين نفوا مساعدة بلادهم في تسليح أي من طرفي الحرب في سوريا، ناقلة عن عماد سيد أحمد، المتحدث الإعلامي باسم الرئيس السوداني، قوله: "السودان لم يرسل أسلحة إلى سوريا".
بينما قال الصوارمي خالد سعد المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، إن هذه الادعاءات بعيدة عن المنطق، وتهدف إلى تشويه صورة بلاده.
وتابع: ليس لدينا مصلحة في دعم الجماعات في سوريا، خاصة إن نتائج القتال غير واضحة.. هذه الادعاءات تهدف إلى إلحاق الضرر بعلاقات السودان مع دول لها روابط جيدة معنا.
فيما قال مسؤول قطري إنه ليس لديه معلومات عن دور بلاده فى شراء أو نقل معدات عسكرية من السودان.
لكن مسؤولا أمريكيا وصفته الصحيفة بالمطلع على شحنات السلاح إلى تركيا، خالف الجميع قائلا: السودان وضع نفسه على خارطة دول العالم التي وصل سلاحها إلى العديد من مناطق النزاع، بما في ذلك الثوار السوريون.
بينما رأى محللون ومسؤولون غربيون مشاركة السودان في تسليح الثوار عبر قنوات سرية مفسرا للارتباك في سياسة الرئيس السوداني الخارجية، والذي يدعم طيفا واسعا من الحركات الإسلامية السنية، مع الحفاظ على علاقة وطيدة مع حكم الملالي الشيعي في طهران، والذي يناهض بل ويحارب أي مشروع سني.
ورأى مسؤولون آخرون أن تسليح السودان للثوار، دافعه اقتصادي بحت، وهو الحصول على عقود عمل وتمويل، يمكن أن تخفف من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب البلاد.
ويعتقد محللون بأن السودان باع أصنافا متعددة من الأسلحة إلى الثوار، بما في ذلك بنادق قنص صينية وصواريخ مضادة للدبابات.
وقال اثنان من المسؤولين الاميركيين إن طائرات أوكرانية قامت بنقل شحنات السلاح السودانية، حيث تظهر بيانات مراقبة الحركة الجوية في المنطقة أن ما لا يقل عن 3 شركات نقل جوي أوكرانية نظمت رحلات شحن عسكرية انطلقت من الخرطوم، إلى مطارات عسكرية ومدنية في غرب تركيا.
لكن شركتين من اصل الشركات الثلاث نفت هذه الأنباء، فيما لم ترد الشركة ثالثة على مكالمات "نيوروك تايمز" للاستيضاح.
وبالعودة إلى "عماد سيد أحمد" المتحدث الإعلامي باسم الرئيس السوداني، فإن تفسير وصول أسلحة من السودان إلى الثوار السوريين، ربما يكون مفتاحه في ليبيا.
فحسب "سيد أحمد" أقرت الخرطوم بإرسال أسلحة خلال الثورة الليبية عام 2011 للإطاحة بمعمر القذافي. وقد شكر قادة ليبيا الجديدة السودان على هذه الخطوة علناً، ومن الظاهر أن ليبيا بدورها زودت الثوار السوريين بتلك الأسلحة لاحقا.
ولكن "نيويورك تايمز" تقول إن هذا التفسير لايكفي لتبرير ظهور ذخيرة سودانية الصنع هذا العام في حوزة الثوار بالقرب من مدينة إدلب.
فالذخيرة، وفقا لمكان وتاريخ صنعها تعود إلى السودان لعام 2012، أي بعد انقضاء الحرب في ليبيا، وهي ذخيرة كانت بحوزة "صقور الشام".
لكن المتحدث باسم الجيش السوداني رفض هذه الصور التي توثق ظهور ذخيرة سودانية مع الثوار السوريين، واعتبر أنها قد تكون ملفقة وأنها لا تمثل دليلا قاطعا.
كما إن تبريرات السودان بشأن المصدر الليبي للسلاح لا تنطبق على على وجود "FN-6" الصواريخ الصينية المضادة للطائرات في قبضة الثوار السوريين، فالخبراء المعنيون يقولون إنه لا الثوار الليبيون ولا حتى نظام القذافي ادعيا امتلاك هذه النوعية من الصواريخ في عام 2011.
"FN-6"، المحمولة على الكتف والتي تعمل على مبدأ التتبع الحراري، نال استخدام الثوار السوريين لها قدرا كبيرا من الاهتمام، حيث ظهرت في مقاطع للثوار خلال وقت مبكر من هذا العام. في حين أن جيش النظام لا يملك مثل هذا النوع، ما دفع للاعتقاد بأن الثوار حصلوا عليها من السوق السوداء.
وقد أظهرت هذه الصواريخ كفاءة في تدمير مروحيات تابعة لسلاح الجو النظامي، حتى وصل الأمر بصحيفة صينية رسمية، إلى امتداح أدائها والاستشهاد بنجاح الثوار في استخدامها للتدليل على فعاليتها!
لكن، ومع نشر هذه الصواريخ الصينية على نطاق أوسع، بدأت شكاوى الثوار من أخطائها وأعطالها، حيث تنقل الصحيفة عن قائد إحدى الكتائب قوله إن هذه الصواريخ مثلت خيبة أمل.
وأضاف القائد: "معظم من "FN-6" التي وصلتنا لا تعمل"، موضحا أن اثنين من الصواريخ انفجرت حيث كانوا يهمون بإطلاقها، ما أسفر عن مقتل اثنين من الثوار وجرح 4 آخرين.
زمان الوصل - ترجمة
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية