أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"نبّل" و"الزهراء" وتآمر خضور.... عامر محمد

يصل محمد خضور وهو قائد عمليات حلب في جيش النظام إلى مدينة الزهراء في أقصى الريف الحلبي، مصطحباً معه 250 جندياً من القوات النظامية ومحافظ حلب وعدد من الشخصيات الأمنية في إنزال مروحي مجوقل، إلى قلب المدينة بعد أن مشطت المقاتلات الحربية محيط المدينتين لعدة أيام، ويخطب في الحاضرين الجائعين والمرهقين منذ أشهر واعداً أياهم بنصر مؤزر وبتحويل مناطقهم إلى عاصمة الريف الحلبي، ويسرد شاب في مطلع العشرينات تفاصيل الزيارة.

تشير تقديرات أولية إلى أن عشرة من قوات النخبة في حزب الله رافقت خضور ذلك اليوم وبدأت بتحويلها مع جارتها نبل إلى معسكر تدريبي يُعتمد عليه لإعادة بسط سيطرة النظام على محيط مطار منغ الذي سقط حتى الآن لثلاث مرات واستعاده النظام لثلاث مرات أيضاً، ويُقنع خضور من يخطب بهم بأن ما اصطحب معه من جنود يضاف لهم ألف وخمسمئة مقاتل من نبل والزهراء ستكفي لعودة النظام إلى عموم ريف حلب انطلاقاً من بلداتهم، خطة خضور آنذاك كانت تنص على ذلك، انطلاق عملية عسكرية من قلب الزهراء ونبل باتجاه منغ أولاً، ثم إلى عموم ريف حلب حتى الحدود التركية، واعداً من ضمن ما وعد كل موظف في الزهراء ونبل يحمل السلاح براتب إضافي لراتب الوظيفة الحكومية، وبأطنان من الطحين لم تصل قبل خضور ولم تصل بعده، إلا أن السلاح وصل سريعاً وغزيراً كما يشتهي خضور الذي بقي لخمسة أيام مع المحافظ في الزهراء يخطط لعمليته العسكرية.

تنطلق الحملة باتجاه الشمال من الزهراء وتحديداً نحو الزيارة مروراً بماير بميليشيات شكلت على عجل قدرها الشاب بـ250 مقاتلاً من أهل نبل المتحمسين للنصر الكبير الذي ينتظرهم، ويأمر خضور بخروجهم ليلاً في طريق القتال مزودين ببعض الرشاشات والقواذف المتوسطة، فيقتل منهم تلك الليلة ما يقارب 50 ويُجرح 100، وتفشل حملة خضور التي تعرضت لكمين غير محكم من "لواء غرباء الشام" في أول طريقها وعلى بعد بضعة كيلو مترات من حدود الزهراء، يغضب الناس ويشعرون بالهزيمة من جديد ويغلي الغضب في الزهراء ويصب على خضور، الذي قرر أن لا ينهي الحملة، فالخطة لم تنتهِ وهو خسر معركة ولم يدرك أنه خسر حرباً، على الأقل هذا ما قاله علناً للجموع في قلب البلدة، أما ما قاله سراً فهو لب الأمر وهدف الزيارة، فبرأي خضور، سيبقى الشمال الحلبي بعيداً عن إعلانه منطقة ممنوعة عن أي حظر جوي متوقع طالما بقيت الأقلية الشيعية في نبل والزهراء على حالها اليوم، فلن يقدم الغرب على خطوة كهذه طالما بقيت هذه الأقلية في خطر فعلي أو مصطنع يساهم خضور في إشعاله، تهتف الجموع من جديد لخضور وتنضم من جديد إلى المعركة القادمة التي لم تأتِ فقد نصح حزب الله خضور أو أمره بإيقاف هذا الجنون، فيطير خضور من جديد إلى حلب وينسحب جنود النظام ومقاتلو حزب الله وتطوى صفح المعركة.

ما يروى اليوم عن خضور في قلب نبل والزهراء يبدو "سوريالياً" بما فيه الكفاية، فالرجل خائن ومتآمر برأي شبيحة يطيعونه، ومتعامل مع المعارضة وكل الكتائب التي تحاصر البلدتين أو لا تحاصرها، وهو من يطيل أمد النزاع في سجن حلب ومطار كويرس وعدة مواقع اشتباك أخرى.
فيما تبقى الطريقة الوحيدة لمغادرة نبل أو الزهراء هي مروحية عسكرية تنقل المسافر باتجاه حلب ومنها إلى اللاذقية، عشرات من شبان البلدتين قرروا المغادرة إلى الأبد، بينما تستمر الاشتباكات على أطرافهما ولا تحسمها الذخيرة. 

يروي شاب من قلب الزهراء قصة البلدة مختصراً إياها بأن أهلها لم يعودا يؤمنوا إلا بالسلاح، معدداً عدة محاولات للتفاوض مع الجيران كانت تصل دوماً إلى طريق مسدود مع اشتراط الكتائب نزع السلاح وزرع قوات كردية في قلب البلدتين وإعلان المعارضة للنظام، "لم نكن مواليين للنظام يوماً" يقول الشاب الجامعي "لكن كل الجيران اعتبروا أننا كذلك" وبدأو القتال، ترفض نبل والزهراء هذه الشروط، فلا استغناء عن السلاح.

كان الشاب قد تعرض كما يقول للاختطاف في بداية عام 2012، وهو عائد إلى الزهراء من قبل المعارضة، حينها بقي مخطوفاً لخمس ساعات قبل أن يفرج عنه بصفقة لتبادل الأسرى، كان المرور في أراضي حيان وعندان أمراً ممكناً آنذك، قبل أن تتسبب الحرب في رفع نسبة الطلاق وفك المصاهرات بين البلدات، "كان البعض من الزهراء ونبل يشبحون في القرى المجاورة على المتظاهرين هناك" يعترف الشاب ويقول"هل هذا ذنبنا جميعاً كي نعيش اليوم على هذه الحال؟، "ولماذا لم تضرب المعارضة المسلحة طائرة خضور؟ يسأل الشاب مدللاً على تآمر خضور وتورطه في الحرب.

(118)    هل أعجبتك المقالة (120)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي