أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الثورة ليست سلاحاً فقط

مازال البعض يرى أن معركتنا مع النظام مجرد صراع عسكري، وأن السلاح وحده قادر على تقرير النتيجة، بحيث يتم تناسي (بقصد أو بغير قصد) الأبعاد الأخرى للصراع، فالنظام يخوض معركته ضد الثورة على كافة الصعد الإعلامية والثقافية والفكرية والفنية، فينجح النظام في تحقيق الكثير من النجاحات، لا بسبب أدائه (وهو رديء للغاية) وإنما بسبب الفراغ الذي أفسحته الثورة لوسائل إعلام ومفكري النظام ومثقفيه.

فشلت الثورة إلى الآن في نقل الصورة الحقيقية لما يجري على الأرض بسبب اعتمادها في العمل الإعلامي على شبان هم في الغالب ليسوا من ذوي الاختصاص، وفقيري الخبرة والكفاءة، فكان الثمن غاليا وسلبيا على الثورة، فانتشرت صورة الثوار (الإرهابيين) في كل أنحاء العالم، ما أدى بدوره إلى استدارة الرأي العام العالمي موليا ظهره للثورة السورية وصمته عن المجازر التي ترتكب يوميا بحق الشعب السوري.

يعود الإعلاميون ذاتهم ليلقوا اللوم على الضمير الإنساني ويصبون جام غضبهم على انعدام الأخلاق على المستوى العالمي دون أن يتساءل أي منهم عن الأسباب الحقيقية التي دفعت بالرأي العام الأوربي لهذه الاستدارة المفاجئة، فلم نرَ على سبيل المثال أي مظاهرة ولو بالعشرات في أي بلد أوربي تستنكر مجازر النظام ...لم يحدث أن تجمع عشرة أشخاص أوربيين أو أمريكيين أو في أي دولة من العالم ليستنكروا استخدام السكود والكيماوي ومختلف صنوف الأسلحة ضد الشعب الأعزل.

فإذا كانت حكومات العالم متآمرة مع النظام، ماذا عن شعوبه؟

إن تأسيس محطات فقيرة في كل شيء ليقول أصحابها إنهم يدعمون الثورة، باتت نكتة سمجة تثير الاشمئزاز، فجلّ عمل تلك المحطات يقتصر على نقل الفيديوهات التي ينشرها البعض على اليوتيوب، وصورا لمجازر اعتاد السوريون مشاهدتها، بل وعلى عيشها أيضا، هذه المحطات وطريقة عملها تعكس الواقع المزري للمعارضة، فهي فارغة الفكر، سيئة الشكل والمضمون ولا تقدم ولا تأخر شيئا في العمل الإعلامي القادر على تحقيق التأثير المطلوب لدى المتلقي.

مئات الآلاف من الدولارات تصرف على هذه المحطات، لتقدم نتاجا حصاده سلبي للغاية، فكأنما ندفع أثمانا باهظة لنجلب لأنفسنا السوء والصورة المشوهة.

على الصعيد الفني، قدم النظام في موسم رمضان الدرامي هذا العام مجموعة أعمال تحمل جميعها رسائل النظام وتوجهاته وتصوراته عن الثورة من وجهة نظره، ونجحت بعض الأعمال في تحقيق جماهيرية هامة على الصعيد العربي، والأهم أنها نجحت حقيقة في تغيير بعض من مواقف الشعوب العربية إزاء الثورة، يتجلى ذلك أحيانا في النقاشات مع أصدقاء عرب على صفحات التواصل الاجتماعي وفي الإعلام العربي الداعم للثورة والذي بات يقتصر على محطتين معروفتين هما الجزيرة والعربية، وبات المشاهد العربي يشككك كثيرا في مصداقية هاتين المحطتين ومصادرهما الإخبارية بسبب موقفهما المكشوف، وأدائهما غير المهني فيما يتعلق بالتعاطي مع القضية السورية.

لم تقدم الثورة ولو دقيقة درامية ترقى إلى مستوى الحدث السوري وهو الأهم في تاريخ سوريا المعاصر والقديم منذ تأسيسها، وذلك أن البعض يصر على مقولة إن الأولوية للرصاصة، وهذه المقولة ليست بريئة وفقا لرأيي الشخصي، فالكلمة رصاصة أيضا وحين تأتي في مكانها الصحيح قد تكون قذيفة وصاروخا.
ثقافيا، وبالرغم من العدد الكبير من المثقفين المعارضين إلا أن جهودهم مبعثرة وغير فاعلة حقيقة، ووضعهم يعكس أيضا واقع المعارضة السورية (فشل على كافة الأصعدة) حتى أن الشعب السوري بات يحمل ضمنيا موقفا معاديا للثقافة، باعتبار أن رموزها لم يقدموا سوى الخيبات.

يمكن الحديث باستفاضة وبكثير من الشجن والخيبة عن فشل الثورة في تقديم أنماط فكرية وفنية وثقافية، تكون عونا للثوار على الأرض، ولكن يبدو أننا ما زلنا نعيش حالة الاتكالية ذاتها فنرمي كل ثقلنا على كاهل المقاتلين، ومن ثم لا نكف عن نقدهم إن هم أخطأوا أو لم يحققوا بعضا من أحلامنا.

الرصاصة تحتاج إلى فكر وثقافة وفن وإعلام لتأخذ مسارها الصحيح، فلا تحيد عن جادة الهدف ولتحقق قدرة الديمومة للإصبع التي تضغط على الزناد.

مقال خاص بـ"زمان الوصل" ينشر كل أربعاء
(120)    هل أعجبتك المقالة (116)

حامد

2013-08-13

الكاتب فؤاد حميرة الذي يحظى باحترام جل الشعب السوري , ماهو المطلوب من الشعب السوري اكثر مما فعل , تظاهر سلميا فاكل الرصاص , حمل السلاح فجاءت جيوش ايران وحزب الله والمرتزقة , نزح شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وبات وسيلة تسول للحكومات الضعيفة ,حمل المعارضة السياسية على الاكتاف فداسته بارجلها , قدم ماقدم من الشهداء والمفقودين والايتام والثكالى , ومع كل هذا مازالت فئة غير قليلة من السوريين تنظر الى الشعب الثائر على انه وهابي سلفي افغاني جهادي ....... الخ...... فواد حميرة , منذر ماخوس ,سمر يزبك , رشا عمران , فدوى سليمان ,سندس سليمان ...... والكثير الكثير من الشرفاء انتم من يعول عليكم كل الشعب السوري في لم الشمل السوري مجددا والانتقال لافق جديد ..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي