رأى المعارض السوري البارز د.برهان غليون أن التهجم على المعارضة وعلى الدول الداعمة مضر بالغ الضرر بنا وبالثورة وبمستقبل شعبنا وبلدنا، و لا يمكن أن يقود إلا إلى الانتحار.
واعتبر في تعليق له على صفحته الشخصية في (فيس بوك) أن "مهمتنا كسياسيين أن نوحد أكثر ما يمكن من القوى ذات المصلحة بالتغيير وتنظيمها وتأهيلها لمشروع المستقبل، وحشد أكثر ما يمكن من القوى الدولية التي تقف إلى جانبنا."
وأضاف" من دون ذلك لن تكون لدينا سياسة ولا سياسيين، وسنخسر المعركة حتى لو كانت قضيتنا عادلة وكان الشعب على استعداد لتقديم كل التضحيات."
وفيمايلي نص البوست الذي نشره الدكتور غليون:
"العمل السياسي ليس ترفا
من الطبيعي أن يثير تخاذل الدول وتقطع الدعم، في ظروف تفاقم المأساة اليومية وتدمير شروط حياة كل فرد في سوريا وفي بلاد اللجوء، ومع غياب النتائج الحاسمة والمنجزات المنتظرة للثورة، الإحباط والشك في نفوس العديد من شبابنا وأبناء شعبنا الذين تجاوزت معاناتهم حدود المحتمل.
وأن يصبح التهجم على المعارضة وعلى الدول العربية الداعمة وعلى الدول الصديقة الأخرى عملة رائجة، ويسود خطاب التشكيك في قيمة أي عمل نظري أو سياسي أو دبلوماسي، أو في بناء تحالفات دولية، واعتبار كل ذلك لا جدوى منه، بل مضرا بالثورة ومستهلكا لمواردها، وأن كل ما تبقى علينا أن نفعله هو قطع العلاقات مع العالم الخارجي والانكفاء على قوانا الذاتية فحسب.
أقول لإخواني جميعا، إن مثل هذا الموقف مضر بالغ الضرر بنا وبالثورة وبمستقبل شعبنا وبلدنا، و لا يمكن أن يقود إلا إلى الانتحار.
إن الرد المطلوب والناجع على انقسام المعارضة وخيانة النخبة وتخبطها هو تكثيف الجهد لتحريرها من تناقضاتها ونزاعاتها الثانوية وتوحيد موقفها تجاه العدو المشترك الذي هو نظام الطغيان والعبودية والقتل، لا التشهير بالمعارضة وتشويه صورة رجالاتها أو حل تنظيماتها.
والرد على تفاقم سياسات الولاء والالتحاق لنخبنا العسكرية والسياسية بالدول الداعمة، لا يكون بشتم هذه الدول واتهامها واستعداءها، وإنما بتحرير نخبنا من روح الزبائنية والموالاة للأشخاص والدول أو لأي كان، وتعزيز استقلالنا السياسي والمالي، وبناء منظمات ذات درجة عالية من المهنية والاعتماد على قواعد مؤسسية قوية ومتماسكة، في الجيش الحر والإدارة المحلية والقيادة السياسية.
ومعالجة تردد الدول الصديقة والمجتمع الدولي عموما في دعمنا والانخراط معنا في مقاومة النظام المجرم، لايكون بتخوين هذا المجتمع ورفض انخراطه معنا وتحمل مسؤولياته تجاهنا، وإنما بالتحرك والسعي بجميع الوسائل لتطمينه وكسب ثقته لكسبه إلى صفنا وحشد الرأي العام الدولي حول قضيتنا العادلة.
هذا هو فحوى العمل السياسي. وهو عمل ضروري ومطلوب حتى لو أن نتائجه ليست سريعة، وربما ليست مضمونه أيضا. إذ من دونه لا قدرة لنا على تأمين القوة اللازمة لمواجهة خصمنا، ولا بناء الشرعية السياسية والدولية التي تسمح لنا بعزله والحلول محله في الخريطة السياسية الداخلية والخارجية، ولا كسب ثقة الحكومات والدول التي هي، أو ستصبح، شريكة لنا.
ينبغي أن ندرك أننا لا نعيش في الفراغ ولا في قمقم، وإنما في عالم من الدول والشعوب، يشكل منظومة متفاعلة ومتواصلة، حتى لو أن كل دولة فيها تتنازع السيطرة والهيمنة والنفوذ والموارد في ما بينها. وكل دولة تحسب ألف حساب لأي تغير يطرأ على هذه المنظومة لما يمكن أن يحمله إليها من آثار وتحولات وتغييرات. ومن يخسر المعركة السياسية، معركة الشرعية الدولية والتحالفات الإقليمية، والعلاقات الدولية، لن يستطيع أن يضمن استمرار قضيته ويؤمن نجاحها، حتى لو كانت لديه القوة المادية والعسكرية لإحداث التغيير. أما بالنسبة لمن لا تتوفر لديه القوة الذاتية للتغيير فإن كسب هذه المعركة السياسية يشكل عاملا حاسما في أي تغيير، بمقدار ما يضمن العمل السياسي توحيد القوى وحشد الدول وتأمين الدعم الإضافي اللازم لتحقيق التفوق على الخصم أو مقاومة القوة الغاشمة التي تسعى إلى قهرنا.
مهمتنا كسياسيين أن نوحد أكثر ما يمكن من القوى ذات المصلحة بالتغيير وتنظيمها وتأهيلها لمشروع المستقبل، وحشد أكثر ما يمكن من القوى الدولية التي تقف إلى جانبنا. من دون ذلك لن تكون لدينا سياسة ولا سياسيين، وسنخسر المعركة حتى لو كانت قضيتنا عادلة وكان الشعب على استعداد لتقديم كل التضحيات.
قال الشاعر
الرأي قبل شجاعة الشجعان....... هو أول ولها المكان الثاني
بدون رأي وحنكة ودراية وحكمة لا يفيد السلاح إلا في إطالة أمد الحرب وزيادة المآسي والمعاناة للشعب، من دون نتائج تذكر."
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية