"ربما كان حرياً بنجم مسلسلات البيئة الشامية التريث قبل إجراء حوار مع جريدة أميركية لن تجعل كلامه يمرّ من دون تحريف، حتى ولو وضع في مكان خطير." جملة مليئة بالعتب على الفنان السوري عباس النوري، ختمت بها صحيفة الأخبار اللبنانية مقالها في فنون وأصول الترجمة و"البهارات الهندية".
ربما يجب إعادة صياغة الجملة كالتالي: "كان حرياً بنجم مسلسلات البيئة الشامية قبل إجراء حوار مع جريدة أميركية الحصول على موافقة أمنية، كي لا يعرض نفسه للمساءلة والشتم والتخوين".
هاجمت صحيفة الأخبار، إيرانية الهوى والتمويل والهوية، جريدة "زمان الوصل" دون أن تسميها مباشرة، بعد أن كانت "زمان الوصل" أول من نشر مادة عن لقاء النوري مع صحيفة لوس أنجلس تايمز الأسبوع الماضي، تولت ترجمتها وتحريرها كمادة خبرية وليس كمادة طبق الاصل.
وصفت "الأخبار" الفنان النوري بأنه "آخر ضحايا الإعلام غير المسؤول"، الذي اتخذت جريدة لوس أنجلس تايمز من حديثه "مطية، كي تحرف جزءا من كلامه وتصنع من الحوار مادة مشوقة شبيهة بالأفلام الهوليوودية".
وهنا قد يحق لنا أن نطرح سؤالا رمضانيا ضمن "مسابقة الدم السوري": عندما يوصّف النوري الحالة السورية مشبها إياها بالأسرة، "الأب الذي لا يستمع لأبنائه أبٌ فاشل وهذا أمر يقود لتدمير الأسرة". من الأب هنا؟! جريدة الأخبار قالت إن الأب هو السلطة!.. رغم أن السلطة مؤنثة.
سؤال ثان: من هو رأس وجسد السلطة في سوريا، ومن هو الذي يحتكرها من جميع أطرافها؟.. ومن الذي أسس لعبارة "الأب القائد"، و وَرِث السلطة في نظام أبوي؟.. أليس الأب -ضمن مفهوم الموالاة والتوريث الأبوي- هو بشار الأسد.
أما بخصوص الترجمة فإن الترجمة الحرفية "كلمة بكلمة" لم يعد لها من وجود عملي إلا في الأمم المتحدة، بعدما فرضت مدرسة الترجمة الدلالية أو الاصطلاحية نفسها، وهي المدرسة التي تقول بترجمة ما وراء الكلمات، وما وراء القصد، وبتعبير أكاديمي أكثر وفقا لفلسفة المعنى كما يقول الفيلسوف النمساوي "لودفيش فيتغنشتاين".
فاللغة ليست الحروف التي تقال وإنما المعنى الذي خلفها، والترجمة ليست ترجمة الكلمات المنطوقة أو المكتوبة، وإنما ترجمة السبب الذي دفع للكلام أو الكتابة.
الفنان الدمشقي قال كلمة حق، حتى ولو نقل تراجعه عنها، فهي مكتوبة، ولن يغير شيئا منها القول بأنها حرفت.
وأخيرا فلا أحد يلوم سورياً الآن سواء كان مواطنا عاديا أو فنانا أو مسؤولا، حين يُنقل عنه "التراجع" عبر النفي وادعاء التحريف، خصوصا عندما يكون جزاء عدم التراجع.. رصاصة!
من البلد | |
|
محمد حمدان - مدير تحرير "زمان الوصل الأنجليزية"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية