نهفات منحبكجية الأسد وفصولهم الغريبة العجيبة لا تنتهي، وآخرها إنشاؤهم لصفحة على "الفيسبوك" باسم (الحملة الشعبية للمطالبة بتعيين محافظ للواء اسكندرون السليب) مطالبين فيها بـ "بسط هيمنة الدولة السورية على كامل أراضيها ولاسيما لواء اسكندرون السليب لتسيير أحوال السوريين فيها شأنها شأن باقي المحافظات السورية" بعد أن "بانت مطامع أحفاد أتاتورك جليةً في استعادةِ أمجاد امبراطوريتهم البائدة و بسط سيطرتها على سوريا الحبيبة "وتأتي هذه المطالبة "الصبيانية" بعد أكثر من سبعة عقود على ضم اللواء إلى تركيا وبعد أقل من عقد ونصف أيضاً من توقيع صك بيعه رسمياً من قبل النظام السوري، ولكن دعاة الحملة يعلنونها بالفم الملآن اللواء"أرضنا .. حلال لنا .. حرام على غيرنا، فالباب العالي في اسطنبول يأمر بتعيين والٍ انكشاري على واحدة من أملاك الجمهورية العربية السورية، وذلك اعتداء سافر على حرمة أراضينا ولذلك يطالبون بتعيين محافظ على لواء اسكندرون" يضرب بسيف الحكومة السورية أعناق من تطاول من فلول الانكشاريين فيردهم حريماً إلى سلطان العثمانيين، ويعزو دعاة هذه الحملة الغريبة مطالبتهم باستعادة اللواء أن "جماعة علي بابا و الأربعين حرامي المتمثلة بأردوغان وعصابة العدالة و التنمية –حسب وصفهم- ، تسعى دائماً إلى إقحام أنفها في شؤوننا الداخلية و إيهام الرأي العام العالمي بحرصها الكاذب على الدم السوري، ولذلك قرروا- كسوريين- "إعفاء هذه الجماعة من منصبها كقائم بأعمال الحكومة السورية في لواء اسكندرون، و ذلك عبر مناشدتنا قيادتنا الحكيمة لتعيين محافظ للواء اسكندرون السليب وإعادته إلى مكانه الطبيعي في حضن سوريا الأم".
ضحية تأجيل القضايا الخلافية !
ويمضي دعاة الحملة قائلين "سينتفض لواء إسكندرون ويطلب العودة لحضن الأم سوريا قريباً وقريباً جداً ليست توقعات ولكن هناك مقدمات تؤشر لذلك" دون أن يشيروا إلى طبيعة هذه المقدمات، ولكن الثمن الذي ستدفعه تركيا العثمانية سيكون كبيراً حسب رأيهم - وتتهم المعارضة الحكومة السورية بالتخلّى عن أراضي اللواء مقابل زيادة حصة سورية من نهر الفرات، ويقع لواء اسكندرون شمال غرب سورية. يطلّ على البحر المتوسط ممتداً على مساحة 4800 كلم مربع. وتم سلخه عن الأراضي السورية من قبل الفرنسيين لصالح الأتراك ثمناً لدخول أنقرة الحرب العالمية الثانية إلى جانب دول الحلفاء في 29/ 11/ 1939. وفي عام 1998 وبعد أزمة سورية تركية كادت تتفجر صراعاً عسكرياً، تم التوصل إلى تسوية سياسية في اتفاقية أضنة تخلت على أثرها سوريا عن دعمها لحزب العمال الكردستاني، كما تم الاتفاق على تأجيل أمر اللواء لوقت لاحق.
وقد نفت المصادر السورية آنذاك أنها تخلت عن لواء الاسكندرون، غير أنها أعلنت أن المصلحة السورية تقضي بتأجيل القضايا الخلافية والتطلع إلى التعاون الاقتصادي السياسي مع تركيا في المرحلة الراهنة، وبالرغم من ذلك ظلت الأوساط الشعبية في سوريا تطالب به.
الأرض مقابل السلام
كان لواء الإسكندرون جزءاً من سورية التي قامت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى إذ اعترفت الدولة العثمانية المنهارة في معاهدة سيفر عام 1920 بعروبة منطقتي الاسكندرون وكيليكيا (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية، وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكّلها الانتداب الفرنسي، ضُمّ لواء الاسكندرون إلى السلطة السورية المركزية، ولكن في عام 1937 أصدرت عصبة الأمم قراراً بفصل اللواء عن سورية وعُين للواء حاكم فرنسي، وفي عام 1938 دخلت القوات التركية بشكل مفاجئ إلى مدن اللواء واحتلتها، وتراجع الجيش الفرنسي إلى أنطاكية وكانت مؤامرة حيكت بين فرنسا وتركيا، أخذت بموجبها فرنسا ضمان دخول تركيا إلى صف الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. ولكن "حافظ الأسد" انتهج مع تركيا سياسة (الأرض مقابل السلام) التي انتهجها الاسرائيليون تجاه الفلسطينيين، فوهب اللواء للأتراك على طبق من ذهب بعد أن وقع معهم اتفاقية أضنة عام 1998م، التي تخلّى على أثرها عن ورقته الكردية (حزب العمل الكردستاني) في مساومة الأتراك ومقايضتهم، كما تخلى عن المطالبة بلواء الاسكندرون، فأوقف الحملات الإعلامية المطالبة به، وقام بحذفه من الخريطة السورية رويداً رويداً (وهي عادة أسدية)، فيما كانت المصادر السورية تنفي أمام الإعلام أي تخل عن لواء الاسكندرون، معللة بأن المصلحة السورية تقضي بتأجيل القضايا الخلافية مفضلة التعاون الاقتصادي والسياسي مع تركية. وليت الأمر توقف عند هذا الحد من الذل والإذعان، بل قضت اتفاقية "أضنة" بالسماح للجيش التركي بالدخول إلى الأراضي السورية بعمق (15) كم لملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى حظر أي وجود عسكري سوري داخل هذه المنطقة، حتى غدا من دخل هذه المنطقة من السوريين آمناً من بطش النظام السوري (من دخل حمى الأتراك فهو آمن)، وأما الأكراد (سوريون وأتراك) فهم غير آمنين من الجيش التركي، ولعل الجميع شاهد النازحين السوريين الذين أقاموا مخيماتهم داخل الأراضي السورية، ولم تستطع قوات الشبيحة والأمن أن تطالهم. ويذكر أن مساحة اللواء تبلغ 4800 كيلومتر مربع، وهو يطل على خليجي اسكندرون والسويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ويتوسط شريطه الساحلي رأس الخنزير الذي يفصل بين الخليجين المذكورين. من أهم مدنه أنطاكية وإسكندرونة وأوردو والريحانية والسويدية أرسوز.
ويمتاز اللواء بطبيعته الجبلية، ومن أكبر جباله أربعة: جبال الأمانوس وجبل الأقرع وجبل موسى وجبل النفاخ، وبين هذه الجبال يقع سهل العمق. أما أهم أنهاره فهي: نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية ونهر الأسود (الذي يصب في بحيرات سهل العمق) ونهر عفرين (يصب في بحيرات سهل العمق أيضاً).
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية