قد يكون من شبه المؤكد أن غالبية السوريين لم يسمعوا باسم "ألويس برونر"، ولكن من المؤكد أن غالبيتهم سيهتمون بهذا الشخص إذا علموا أنه يعيش في كنف النظام الذي يقتلهم، ويعذبهم بأساليب تعلمها من "برونر"!
وربما يزداد اهتماهم أكثر عندما يعلمون أن "برونر" هو واحد من عتاة النازيين، وهو المطلوب الأول على لائحة تضم عشرة قادة نازيين، يعتقد بأنهم ما يزالون على قيد الحياة.
قبل أيام، عادت قصة "برونر" إلى الواجهة، مع إطلاق "مركز سيمون فيزنتال" حملة في عدة مدن ألمانية لتعقب من تبقى من النازيين، الذي يتهمون بمشاركتهم فيما يعرف بـ"هولوكوست".
وأطلق "فيزنتال" حملته تحت عنوان: "متأخر، ولكن ليس بعد فوات الأوان"، تعبيرا عن "أمله" في القبض على 10 نازيين بارزين، لايزال يعتقد بأنهم أحياء، ويأتي "برونر" على رأسهم.
وتتمثل حساسية "برونر" في أنه كان الساعد الأيمن لـ"أدولف إيخمان" الذي يعد من أبرز رجال هتلر، ومنفذي سياسته، وقد نجحت إسرائيل في القبض على "إيخمان" وأعدمته في 1962 بعد محاكمة صاخبة.
ويعتقد "فيزنتال" أن "برونر" مايزال يختبئ في سوريا، بعلم ومساعدة نظام الأسد (الأب أولا والابن لاحقا)، حيث يقال إن صحافيين من ألمانيا شاهدوا "برونر" فيما كان يعرف حينها بفندق "ميريديان" وسط دمشق، وذلك عام 2001.
ورغم إقراره بوجود فرصة ضئيلة في أن يكون "برونر" على قيد الحياة حتى اللحظة، فإن "مركز سيمون فيزنتال" لديه شكوك حول أن "برونر" -المولود في 1912- لايزال يعيش في دمشق، وربما في أحد الفنادق فيها.
ومن الأنباء المتواترة عن "برونر" أنه فر إلى مصر بعد الحرب العالمية الثانية، ثم رحل بعد ذلك إلى دمشق، وقبضت عليه السلطات السورية في 1960 بتهمة الاتجار بالمخدرات، لكنها ما لبثت أن أطلقت سراحه بعد تعرفها إلى هويته الحقيقية.
وبحسب ادعاءات منظمات يهودية وصهيونية، فإن "برونر" كان مسؤولا عن ترحيل قرابة 140 ألف يهودي إلى معسكرات الاعتقال النازية.
وقد حكمت فرنسا على النازي البارز بالإعدام غيابيا في عام 1954.
وتقول مواقع يهودية إن نظام حافظ الأسد، والد بشار الأسد، رحب بـ"برونر"، الذي ساهم في تطوير نظام الاستخبارات الأسدي وتزويده بـ"خبرات" في مجال التعذيب، بل إن بعض المصادر تقول إنه جرى اعتماد "برونر" في منصب مستشار أمني داخل نظام الأسد.
بينما تؤكد إسرائيل أنها لم تتوان عن السعي لاغتيال "برونر"، زاعمة أنها حاولت ذلك بالفعل عبر رسالة ملغومة، لم تؤد إلى قتل النازي المطارد بل أصابت أصابعه بأذى.
وكأي شخصية مثيرة للجدل فإن "برونر" حيكت حوله كثير من القصص والروايات، ومن بينها أن أشهر جواسيس الموساد في سوريا "إيلي كوهين" إنما كانت مهمته الأساسية تتمثل في التعرف على مكان إقامة "برونر" في دمشق، ورسم الخطط لخطفه.
ويقال إن "برونر" اختار اسم "جورج فيشر"، وعرف به داخل سوريا.
وقد عرضت الحملة التي يقودها "سيمون فيزنتال" مكافآت تصل إلى 25 ألف يورو، لمن يدلي بمعلومات تفيد في اعتقال نازي مطلوب.
وتأتي هذه الحملة بعد عامين من إدانة أوكراني الأصل "جون ديميانيوك" لدوره كحارس النازية في معسكر اعتقال نازي.
وحكم على ديميانيوك في 2011، بالسجن خمس سنوات، علما أنه كان حينها في التسعين من عمره! وقد توفي الرجل بعد إدانته بسنة.
وتسعى منظمات عدة وعلى رأسها "سيمون فيزنتال" للضغط على النيابة العامة الألمانية؛ من أجل إعادة فتح مئات التحقيقات ومقاضاة حراس المعسكرات وكل مساعديهم، حتى لو لم يكن هناك دليل على أن هؤلاء ساهموا شخصيا بقتل أي يهودي!
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية