ذكر الكاتب التونسي عبد السلام المسدي في معرض حديثه عن السياسة و سلطة اللغة حادثة الملازم اول في صفوف الجيش الجزائري حبيب سواعدية,فهذا الملازم انشق عن المؤسسة العسكرية في الجزائر لما عايشه من صنوف التعذيب و الانتهاكات لحقوق الانسان و التي كان يرتكبها الجيش الجزائري في خضم ما اطلق عليه (الحرب ضد الارهاب و التكفيريين)
لكن ما ميز سلسلة الاعترافات هذه بكل عنفها و صراحتها التي يعجز عنها الكثيرون هو اعترافه بوجود عمليات اطلق عليها الجيش الجزائري وقتها اسم (عمليات الدلاع) اي عمليات البطيخ الاحمر حسب لهجتنا الشامية
و سبب التسمية هذه حسب الدكتور المسدي ان بعض عناصر الجيش كانت تلبس لباس الاسلاميين وتقلد مظهرهم الخارجي ثم تقوم بقتل المدنيين لتأجيج الحقد بين الشعب و زيادة الهوة بين عامة الناس و القوى الاسلامية
اي يصبح لهذه العملية شكل البطيخة الحمراء....فهي بلون اخضر من الخارج و هو رمز الاسلاميين لكنها حمراء من الداخل..اي رمز العسكريين و رمز العنف
و ان كنت هنا لا اقوم بتقييم دور الجيش الجزائري و لا بتبرئة الاسلاميين من الجرائم التي حصلت هناك....و هو على كل حال موضوع معقد و لا املك الوسائل و الامكانيات الكافية للخوض فيه لكن ما وددت قوله انه يجب الا نحكم ابدا على الاحداث بشكل فوري و من خلال الشكل الظاهري فقط دون اي تفكير او تمحيص لمصلحة من تجري هذه الاحداث؟
فليس كل انسان له ذقن طويلة و يلبس العباءة هو اسلامي متطرف و يعمل لاسقاط النظام العلماني؟
و هل قصة ابو القعقاع ببعيدة؟
ألم يأسر هذا الانسان بذقنه الطويلة و خطابه الاسلامي قلوب الشباب البسطاء في حلب و بدء يجندهم و يدربهم و من ثم يرسالهم الى العراق (لنيل الشهادة) تحت سمع و بصر اجهزة النظام بل و بتحريض منه؟
و اذا كانت الصدفة المحضة هي التي جعلتنا نكتشفه حين طالبت به الولايات المتحدة......فغير لباسه و اصبح مودرن و يدعوا الى السلام و الحوار....ثم جرت تصفيته لاحقا بشكل مأساوي كأي مأجور لاجهزة المخابرات حين يتحول الى مجرد ورقة محروقة.....اذا كانت الصدفة وحدها جعلتنا نكتشف حقيقة رجل الدين هذا فكم من ابو القعقاع يا ترى في حلب و غير حلب مازال يعمل لصالح الاجهزة التي جندته و مازال يأسر قلوب الشباب و يوظفهم بالشكل الذي يخدم مصالح الجهاز التابع له؟
و اذا كان ما يقوم به النظام يعتبر ذكاء من الناحية التكتيكية و ان كان في اسفل درجات الانحطاط من الناحية الاخلاقية....لكن الا ندرك جميعا ان النظام كان على استعداد و منذ البداية لخوض كل اشكال القتال من اجل البقاء ؟
النظام كان واضحا منذ البداية انه لن يتنازل عن حكم البلاد ابدا و سيخوض معاركه حتى النهاية كما اشار الى ذلك رامي مخلوف ابن خالة بشار الاسد....لذلك كلنا كان يعلم انه سيعمد الى استخدام كل الاوراق التي بحوزته لان البقاء في السلطة هي البوصلة الموجهة لكل تصرفاته لكن اين بوصلتنا نحن كمعارضة؟
ألم يضع الشعب السوري هدف له و هو اسقاط النظام.....الم نكن ندرك ان للنظام ايادي كثيرة و اوراق كثيرة جاهزة كي يلعب بها في الوقت المناسب؟
ألم تكن فزاعة الاسلاميين و الامراء السلفيين و امارة بابا عمرو و امارة بانياس هي التي نصبوها للناس منذ البداية؟
هل تعتقدون ان نظام قمعي اجاد العب في اوراق التناقضات الدولية و المحلية و كان همه الوحيد البقاء و للابد هل هو نظام غبي عاجز حتى لا يأتينا و يدافع عن نفسه الا بالشكل الذي نتخيله فقط.....اي بالدبابة و الصواريخ و القذائف رغم عدم اهماله لهذا الجانب
ألم نكن لنتوقع قيامه بزراعة الالالف من البطيخ الاحمر في ثورتنا هذه ليقتل الثورة بغلاف خارجي اسلامي و بمضمون يخدم هدف مؤسسته العسكرية فقط؟
و الا ماذا نسمي قيام بعض هذا البطيخ باغتيال خيرة الضباط المقاتلين داخل صفوف الجيش الحر
ماذا نسمي اعتقال او اغتيال خيرة الناشطين المدنيين ايضا....لكن ما يؤسف له هو مسارعة بعض الناشطين الفيسبوكيين للندب و اللطم و اتهام الثورة كلها بهذه الاعمال
هم لم يفكروا في نتائج كتاباتهم و لطمهم هذا.....هم لم يفكروا في الافخاخ التي ينصبها لنا النظام....بل ان الكثيرين منهم لا وقت لديه للتفكير...فبين الخبر و اللطم على صفحات الفيسبوك دقائق......
و ربما يحسب البعض ان لا نتائج لهذا اللطم سواء ككتابة على الفيسبوك او كمقالة في بعض المواقع الالكترونية متناسين انهم بهذا يضيعون وجه الثورة و هدفها و هويتها
المظاهرات لم تقم الا لاسقاط النظام.....لم تقم لنشر الجوع في حلب و لا لانشاء الامارات الاسلامية و لا لتطبيق الاسلام بصيغته الاكثر تشددا.....واذا كانت العلوم الجنائية اقرت ان السؤال الاول عن اي جريمة هو من المستفيد؟؟ فمن المستفيد من هذه الانتهاكات؟
من المستفيد في تأجيج كره الناس للجيش الحر؟؟ و من المستفيد من اعتقال مصور وثق لكل جرائم النظام.....؟؟ او لطبيب عالج الكثيرين ممن تأذوا جراء قصف النظام للمدن و البلدات؟
بل و الانكى من ذلك حين تنتشر بعض الصور للاهالي و هم يهتفون ضد الجيش الحر و جرائمه امام مقرات هذا الجيش دون ان يتسائل الشامتون بهذا او اللاطمين عليه حول امكانية قيام مظاهرات مشابهة في مناطق النظام ..مازالوا لا ينظرون الى الجانب المشرق الذي يولد في المناطق المحررة رغم الخراب...في انشاء مجتمع مدني فيه الكثير من الشروط الغير متوفرة في مناطق النظام من سماح للمنظمات الدولية بالدخول و لمندوبي الاعلام من صحف و تلفزيون في ممارسة نشاطهم داخل تلك المناطق..........ما اود ان اقوله بالنهاية ان الثورة السورية بخير و الثوار السوريون سواء المدنيون منهم او العسكريين هم قدوة في العمل و الاخلاص.....لكن ايضا لا نستطيع تجاهل وجود الكثير من (البطيخ الاحمر) في ثورتنا......و ماعلينا كي نجدد بهاء الثورة بشكل مستمر الا القضاء على هذا البطيخ
الثورة السورية و البطيخ الاحمر ... احمد عسيلي

تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية