روى مراسل "زمان الوصل" في حمص المحاصرة، إحدى القصص التي عايناها مؤخرا، ليقول لنا كيف تخرج الحياة من رحم الموت، ويولد "الأمل" وسط المعاناة.
يقول المراسل، راوياً:
الاسم: أمل، العمر: أقل من 5 دقائق
كان لي شرف حملها بين كلتا يدي لأكثر من 10 دقائق ريثما يجهز أهلها أنفسهم للخروج من المشفى الميداني. أشبعتُ ناظري من عينيها المفعمتين بالأمل، عندما كانت بالكاد تفتحمها لتخرج هذا البصيص، ثم ما تلبث أن تغمضهما من جديد.
رأيت ملايين أو حتى مليارات اللوحات في حدقتي عينيها الملائكيتين, من لوحات الصمود والعز والكرامة, إلى لوحات الموت و الدمار. أنار وجهها جميع أركان المشفى الميداني الذي يغص بالجرحى و زوارهم, حتى أصبح الجميع يقتربُ مني ليأخذ "نظرة"، ويقول لي مستغربا: "تربى بعزك ودلالك", فأرد مبتسما: "عقبال عندكم إن شاء الله".
قاطعني والدها بعد أن هيأ نفسه مع زوجته للرحيل، وأخذها مني بكل هدوء، و أنا ما زلت أحدق في وجهها، مستغربا هذا الكائن العجيب، الذي خلق وسط هذا الحصار، بين الموت و الدمار.
قال لي والدها: "شو رأيك نسميها"؟، فأجبته دون أن أفكر: أمل!, قال ضاحكا: "أنت رابع أو خامس شخص يقترح نفس الاسم", واستأذنني وغادر مع "أمله".
لم أعد أحتمل انتظار الطبيب البيطيري أبدا, فحملت حقيبتي التي أعتدت وضع الكاميرا فيها وهممت بالخروج من المشفى, وما إن خرجت حتى فتحت حقيبتي، وإذ بقطتي المريضة ذات الأربعة أشهر قد نفقت داخلها، بعد انتظار طويل، على أمل عودة هذا الطبيب الذي لم يحضر لمداواتها.
القطة التي كانت تملأ منزلنا بالمرح والسعادة رغم شقاوتها، حتى أصبحت مألوفة لنا ولجميع زوارنا.. وجدت نفسي وعلى بُعد عدة خطوات من باب المشفى أقوم بدفنها في أحد الأحواض الزراعية، محملا نفسي ذنبَ إهمالها لساعات طويلة.
هكذا هي حمص المحاصرة، تأخذ القليل القليل وتعطي الكثير, ترى فيها شعاع الأمل كل يوم، فتحاول التقاطه أو التقاط أحد خيوطه.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية