أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السوريون يتقبلون التعازي "فيسبوكياً".. المدن مدمرة والعائلة تفرقت

تلقى أحمد التعازي أو التبريكات بشهادة أخيه عبر صفحات التواصل الاجتماعي والتي راح السوريون بالعشرات يستقبلون فيها التعازي بعد أن اعتادوا لعقود على استقبال معزيهم في بيوت عامرة أو خيم كبيرة يملؤها صوت قراءة بعض سور القرآن أو حضور بهي لشيخ الحي او القرية وحوله العشرات.

"ضاقت الجغرافيا وأعدمت المدن" يقول "أحمد" متسائلا: ما هي الخيارات الممكنة نحن كبقية السوريين شردنا النظام السوري من بيوتنا ومدننا؟.

ويتابع: شقيقي الشهيد أعدم في سجون النظام وأنا مُبعد في الأردن وثالثنا في تركيا والرابع والخامس في بقاع أخرى، "فهل لنا غير صفحات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" ملاذا لقبول التعازي من أصدقاء كثر في الجغرافيا المتسعة، سيما وأن الكثير من أصدقائنا هم من رواده".

لا تختلف صورة ما يقوله أحمد عن تفاصيل أخرى ترسمها الأم والصحفية نهى شعبان في وداعها لابنها بعد خبر استشهاده تاركا ذكريات الهندسة في تفاصيل الثورة السورية ويومياتها فكتبت المتعالية عن جرحها النازف في صفحتها على الفيس بوك:"خبر استشهادك رح يحتل كل صفحاتي لفتره طويلة لأنك تصدرت كل الأخبار عندي يا حبيبي، وصرت أنت الخبر المهم والعاجل بحياتي".

فيما توالت التبريكات بخبر استشهاده من كل حدب وصوب توحي الأماكن والتعليقات بأن ذات الضيقة بالجغرافيا تحاصر السوريين لتأتي التبريكات من لندن إلى مصر وصولا لبيروت فريف دمشق حيث روى الشهيد بدمه بعضا من أرضها.

على أن حضور العزاء أو المباركة بالشهادة ضمن صفحات التواصل الاجتماعي حالة ينفرد بها السوريون دون سواهم سواء لجهة عدد التعازي أم لجهة فقدان أية خيارات أخرى بديلة حتى الوقت الراهن باستثناء بعض المناطق المحررة في الشمال والشرق السوري.

حصار الجغرافيا من قبل النظام السوري ومدافعه وصواريخه فرض خيارات جديدة على السوريين لم تكن حتى في كواليسهم.

يشير الصحفي محمد حمادي المقيم في عمان إلى أن ما يحدث يحمل من الخطورة الكثير ويضع المجتمع الدولي أمام انكشاف عريه الأخلاقي بحالة غير مسبوقة تاريخيا.

فأمام عشرات الشهداء المتساقطين يوميا في المدن السورية لا يجد ذووهم فرصة لدفنهم أو حتى قبول التعازي بهم مضيفا "ما يحدث أمر غير مسبوق والمخاوف من تبعاته مستقبلا".

وفي كل صفحة "فيسبوكية" يجد المتصفح قصة مدينة هدمها النظام ولم يتمكن أبناؤها من إلقاء النظرات الأخيرة سيما وأن خروجهم جاء في ظلمة الليل فيما صور الشهداء باتت تحضنها عشرات الآلاف من صفحات التواصل الاجتماعي، وهو ما فرض على منشئيها القبول بالأمر الواقع بتقبل التعازي عبر هذه الصفحات ولو إلى حين قد يقصر أو يطول. 

وتبدو كلمات العزاء ميسرة بسهولة لدرجة أن المعزي لن يبحث كثيرا لتقديمها في محاولة لإظهار التضامن، أو تضميد الجرح المتقيح وتختلف العبارات بحسب رغبة المدن بين الطويلة والموعظة والتذكير بالموت والحياة وبعض الآيات القرآنية فيما يكتفي البعض الآخر بما تيسر واختصر والقول "عظم الله أجركم، وأسبغ الله عليه رحمته".

ويرى البعض أنه لا غضاضة من بعض الكلام حيث كثيره أو قليله ينقل ما تعج به قلوب السوريين من ألم الفراق وحسرة على البلاد والعباد والدعاء بالفرج والنصر القريب.

محمد العويد - زمان الوصل
(120)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي