خربشات على جدار الوطن ... سالم الصادق

أيها السوري: من أنت؟

أنت
منذ ولدت يتلبسك جني اسمه مخابرات لايخرج من جلدك أو تمشي أمورك إلا إذا هاجرت أو إذا غنيت تي رش رش (١) للجهات المعنية .

أنت.....
مجرد رقم وطني وتاريخ ميلادي يمكن أن يشطب بأية لحظة على يد ضابط أمن أو حتى عنصر أو عسكري على حاجز طيار، أو حاجز جاثم على صدور أهل الحي .

أنت .....
ثمن رصاصة أوشظية أصابتك قضاءً وقدراً أوعمداً.....، أو كم رفسة وطيارة لأن شكلك غير عاطفي أو اسمك غير موسيقي أو بلدتك أو قريتك ليست مصنفة من مناطق السياحة الموالية .

أنت.......
في هذا الحيز الجغرافي الذي يسمى وطناً - حسب التصنيف الحكومي - كتلة بيولوجية تتحرك فوق سطح الأرض أو تحتها
حسب ما تكون أمك داعية لك أو جارك الأمني راض عنك.
أنت......
محكوم عليك بالقومية والوطنية والممانعة والمقاومة والصمود والتصدي وتلبس الطوق لأنك من دول الطوق ولاترفع صوتك على صوت المعركة التي تقرأ عنها في الصحف وتجبر على حفظها في مادة الثقافة القومية الاشتراكية.
أنت...
مشتبه به لأي شيء ومتهم حتى تثبت براءتك ولن تثبت ، ولو حلفت لهم بالقرآن والأناجيل الأربعة والتوراة والزبور وصحف إبراهيم الأولى ، ولوغنيت لهم مزامير داوود وحفظت المنطلقات النظرية لحزب البعث العربي الاشتراكي عن ظهر قلب .

..
تتجه جنوباً على درب الجلجلة فيوقفك حرس الحدود ويسألونك عن صليبك ، فتقول ظهري لا يتسع لغير بطانيتين وثياب أطفالي وربطة خبز ، فيلقون عليك القبض بتهمة الجماعات الإرهابية.

...
تتجه غرباً عبر الجبال الزرقاء كمهربي الدخان ، وإذا كتبت لك السلامة ، يسألونك : كم معك من الدولارات فتضحك، تسجن ثم تسلم إلى الجهات المختصة وبعدها إلى المختصة أكثر.... .

أنت.......
دفتر خدمة علم ممهور بعشرات الأختام المشوهة وتواقيع كخربشات الدجاج وحقيبة صغيرة مليئة بالصور والطوابع و استمارات من السفارات شقيت في الحصول عليها.

أنت ......
شهادة مكتوب عليها بضعة أرقام لمواد دراسية لم تعد صالحة للبيع حتى في سوق الحرامية ، زينوهالك بعدد من الأختام بدلاً من العود لتفقأ عين الحسود يوم كانت أمك تملأ الحارة بالزغاريد كأنه يوم طهورك .

أنت....
تحمل ورقة من بناء ضخم يسمى جامعة تؤهلك لمهنة ممرض في الغرب إذا كنت قد درست الطب ، أو فنياً يترأس عليك آسيوي في دول الخليج حتى إذا كتبوا عليها ( لقب مهندس) .
...
لا تفرح كثيراً فأنت لم تحصل إلا على ورقة تثبت أنك ضيعت أربع أو خمس أوست أوسبع سنوات من عمرك، ولكنها ضرورية لاصطفافك طوابيرالتوظيف.
....
لا تظن أنك وضعت قدمك على درج مستقبلك ، ولن تتزحلق بقشرة موز من أحد المدعومين قفز اسمه سهواً على دورك .

أنت....
محكوم بالأمل حسب المرحوم سعدالله ونوس وهذه لوحدها صارت كفيلة بأن تجعلك في أقبية المخابرات شهيداً تحت التعذيب.

.....
لاتظن نفسك توم كروز أوحتى حسن الشافعي وفتيات فرزاتشي ستتكالب عليك، فما لك إلا الداية أم أحمد التي صارت خطابة بعد أن تعبت من تفقيس الأجيال الطلائعية.

أنت سوري!!
وبعد كل هذا مازلت
تخرج من تحت الركام وتكتب بدمك كلمة حرية على جدار الوطن .!!. فطوبى لك طوبى لك ، فلا نامت أعين الجبناء.
------------------
(١) تي رش رش في لغة الحانات وروادها هي دعوة للرجل لرش المال على الراقصة .