عاشت مدينة جرمانا ليلة أمس حالة من الذعر والتوتر لم تشهد لها مثيلاً منذ اندلاع الثورة، فقد نشبت فجأة اشتباكات مسلحة عنيفة بين أجهزة الأمن من جهة واللجان الشعبية من جهة ثانية وفي أكثر من منطقة في المدينة إثر محاولة الأجهزة الأمنية اعتقال زعيم الشبّيحة وقائد اللجان الشعبية المدعو حسين شعيب.
وقد اندلعت هذه الاشتباكات عند الساعة التاسعة ليلاً واستمرت لما بعد منتصف الليل.
وأثار اعتقال شعيب موجة من التخبط والإرباك بين صفوف اللجان وما يسمى بجيش الدفاع الوطني، كما أحدث حالة من الدهشة والقلق والاستهجان عند أهالي مدينة جرمانا، إذ يعتبر المعتقل شعيب من أشد المدافعين عن النظام، ويعتبر اليد اليمنى لأجهزته الأمنية في مدينة جرمانا وسائر أرجاء الغوطة الشرقية، وهو المسؤول الأول عن قمع المظاهرات السلميّة والاعتصامات المدنية التي خرجت في شوارع المدينة وساحاتها، كما كان شعيب يعمل دائما على تسليم المعارضين ورفع التقارير بهم إلى الأجهزة الأمنية، ويذكر أنه يرتبط باللواء عصام زهر الدين سيء السمعة بعلاقات أمنية وعسكرية وثيقة.
من الجدير بالذكر أن الصدام الذي حدث بين بين اللجان الشعبية والأمن من جهة، وبين رجال شعيب المخلصين له وجيش الدفاع الوطني من جهة اخرى، وضع أهالي جرمانا أمام حقيقة أظهرت بوضوح ولاء الشبّيحة للمدعو شعيب باعتباره وليّ نعمتهم على حساب ولائهم للأجهزة الأمنية، ما أثار أسئلة كثيرة حول طبيعة الشرخ الحاصل بين الكتلتين؟!.
رأى بعض الناشطين أن ما حدث ليلة البارحة ما هو إلا حالة طبيعية وسلوك تقليدي عند أجهزة الأمن بالتخلص من كل عميل لهم انتهت مدة صلاحيته وأصبح لزاماً عليهم تحييده بعد أن احترق كورقة تلعب دوراً واضحاً لمصلحتهم، خصوصاً إذا كان هذا العميل من أصحاب السوابق الجنائية والسلوكيات الاجتماعية الشائنة.
بينما أكد آخرون أن شعيب قد تمدّد واتسع نفوذه أكثر من اللازم وتوثقت ارتباطاته الأمنية بشخصيات في مراكز قرار أكثر من المطلوب وقد أصبح يشكل بكتلته العسكرية التي كبرت خطرا مستقبليا عليها في لحظة ما.
غير أن رأياً ثالثاً أفادنا به أحد الناشطين السياسيين، يستبعد من خلاله أن يكون ما حصل مبنيا على مخاوف الأجهزة الأمنية أو على خلاف مع المدعو حسين شعيب ..ويقول: إن ما حصل ليلة أمس لا يتعدى كونه مسرحية قامت بها أجهزة الأمن بالاشتراك والتواطؤ مع حسين شعيب لإعادة تصديره إلى المشهد الاجتماعي الميداني في جرمانا والغوطة الشرقية بصورة مختلفة ولكي يكمل الدور الذي أسند له ولكن من موقع اّخر، إن ما حدث بحسب الناشط هو إعادة خلط أوراق المكان لترتيبها على أسس جديدة في ظل التطورات الحادة التي تجري في ريف دمشق الشرقي، ويدعم حجته هذه بحقيقة هي أن رغم كل الاشتباكات العنيفة التي دارت ليلة البارحة وفي أكثر من موقع في مدينة جرمانا وبين أكثر من طرف إلا أنه لم نسمع أو نرى مصاباً واحداً سقط خلالها، عدا عن التحفظ الشديد لدى كل الأطراف في المعلومات والوقائع والأسباب.
بينما يخبرنا الواقع بأن حقيقة ما حدث ليلة أمس في أحياء مدينة جرمانا وأسبابه العملية مازالت يكتنفها الكثير من الضبابية وعدم وضوح الرؤية والاستغراب.
سارة عبدالحي - جرمانا (دمشق) - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية