أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثائر من حمص يروي لـ"زمان الوصل" يوميات الدم والبارود في حي الخالدية

هو واحد من ثوار حي الخالدية الذين حملوا البندقية بيد والكاميرا باليد الأخرى لتوثيق يوميات الثورة السورية في هذا الحي الذي تحول إلى أسطورة في البطولة والفداء والصمود، استشهد شقيقان له وأصيب مع أخ ثالث إصابات بالغة خرجا على أثرها من ساحة القتال ضد قوات النظام، إنه الشاب صالح عبد المولى الحمد الذي التقته "زمان الوصل" في الأردن ليروي لنا تفاصيل المعارك التي شارك فيها ويوميات الثورة التي تضمّخت برائحة الدم والبارود:
يقول الحمد: بداية العام 2012 كان الوضع في مدينة حمص مأساوياً وكان الحصار على أشده على هذه المدينة لا يستطيع أحد الدخول أو الخروج منها، كانت أعدادنا كمقاومة في حي الخالدية تُعد بالعشرات فيما كانت قوات النظام تُعد بالآلاف.

ويضيف الحمد: قمنا بحفر الكثير من الأنفاق التي كانت تسهل لنا أمور التحرك والانتقال ونقل المؤن والعتاد، وكان حفر الأنفاق يتم بتخطيط دقيق وليس عشوائياً حيث نصل بالحفر إلى نقطة محددة وهي (الراغار) أو- مكان تجمّع الصرف الصحي- وهو عادة ما يكون كبيراً وبمثابة موزع يتيح للمقاتل أن يسير بارتياح نوعاً ما، وكان عناصر الجيش النظامي يجهلون هذا الأمر لأن أكثرهم ليسوا من حمص. 

أبطال الأنفاق
كانت الغاية الأولى من حفر الأنفاق -حسب الحمد- تأمين خط إمداد للثوار فيما بينهم ويتم التسلل من خلال هذه الأنفاق ليلاً لأن قوات النظام لا تجرؤ على الحركة ليلاً، وعادة ما تجري المعارك صباحاً لانكشاف الرؤيا، و مع تأزم الوضع الإنساني في المدينة لجأنا إلى استخدام هذه الأنفاق في إخراج المصابين، إذ كنا نجهد لإخراج الجرحى كي لا تتفاقم حالاتهم الصحية، وخصوصاً أن بعض الجرحى كان يتم بتر أعضائهم لإهمال حالاتهم أو التأخر في إسعافهم.

وقمنا بإخراج أكثر من 200 مصاب كانوا بحاجة إلى عمليات عاجلة بعضهم تم تسفيره إلى تركيا وبعضهم إلى الأردن، كما كنا نقوم بإخراج العائلات المحاصرة إلى خارج المدينة،إذ كانت بعض الأنفاق تمتد إلى قرى خارج حمص بحدود 10 كم، ولكن بعد فترة انكشف أمر النفق وتم القبض على 6 ثوار وهم ملازم و5 كانوا داخله وبعد كشف هذا النفق قامت قوات النظام بفتح المياه فامتلأ النفق، ما اضطر هؤلاء الثوار للخروج من فتحة مقابل قوات النظام فتم القبض عليهم ولا يزال مصيرهم مجهولاً إلى الآن.

كاميرا وبندقية !
وحول تجربته في التصوير الحربي والقتال في آن معاً يقول صالح الحمد: 
كنت أهدف من التصوير إلى توثيق جوانب من الثورة السورية وبطولة الثوار في مواجهة قوات النظام، وقد تعرضت خلال عملي في التصوير الحربي للكثير من المواقف والمخاطر التي كادت أن تودي بحياتي، وأحد هذه المواقف عندما كنت أصور سيارة خاصة بنا كانت تحمل ذخيرة وطعاما للمقاتلين من شباك شقة قريبة من مكان تواجدها، وفجأة سقطت قذيفة هاون فانفجرت السيارة بما فيها من الذخيرة وكان هناك تشييع لجنازة أحد المقاتلين، فخشيت أن يأتي بعض المشيعين لإطفاء السيارة المحترقة فتنفجر بهم، وفي نفس اللحظة سقطت قذيفة هاون أخرى بالقرب مني أصابت شظاياها خدي الأيسر فتأذّيتُ كثيراً.

ويروي الحمد موقفاً آخر حصل معه أثناء دخوله إلى حي البياضة لتحريرها من قوات النظام فيقول: تمركزنا في أماكن محددة من هذا الحي ومن خلال اللاسلكي الذي غنمناه من جيش النظام علمنا أن 20 عنصراً ومعهم ضابط من قوات النظام سيتسللون إلينا، ولكن لم نعرف من أية جهة سيتسللون، وكنا في حالة شديدة من الإرهاق والتعب إذ مضى علينا ثلاثة أيام لم نذق فيها طعم النوم، كما كنا نفتقر إلى الطعام والماء، وكنت أنا في نوبة حراسة في أحد الأبنية بداية شارع القاهرة الذي يفصل حي الخالدية عن البياضة عندما تسلل جنود النظام، وفوجئت بأنهم أصبحوا فوق سطح البناء الذي كنا فيه، وسمعت همهمات بعض العساكر وهم ينادون الضابط المسؤول عنهم، وحينها نزل بعض الجنود من درج البناء، ففوجئت بهم وقمت بفتح النار عليهم فقتل عشرة منهم على الفور فيما رجع الباقون إلى سطح البناية وبدأوا برمي القنابل علينا، كانت أصوات القنابل رهيبة ومن شدة هذه الأصوات لم أشعر بنفسي فاتجهت إلى نافذة تطل على مجموعة من القناصين الذين أعرف أماكن تمترسهم، وهنا أصبت بطلقة في كتفي الأيمن وخرجت الرصاصة من الكتف لتخترق خدي الأيمن وخرجت من إحدى "الخرّاقات" وهي الفتحات التي كنا نفتحها لننتقل منها إلى أبنية أخرى، وهنا طلبت المؤازرة من خلال اللاسلكي الذي كان معي وفعلاً جاءت مؤازرة، وفي هذه الأثناء كان جنود النظام يقومون بانتشال جثث قتلاهم التي تكدّست على الدرج.

جثة على الطريق !
ويتابع الحمد: تم أخذي من قبل زملائي إلى مكان آمن نوعاً ما، وبقيت أنزف أكثر من ست ساعات، وبدأت أفقد وعيي من الألم، وكان الدم ينزف بغزارة وكان من الصعوبة إيقاف النزيف لأن الطلقة جاءت في مفصل الكتف، وفي التاسعة ليلاً خرجت من المكان الذي كنت فيه وبدأت باجتياز شارع القاهرة الذي كان هدفاً للقناصين فاجتزته رغم أن الرصاص كان ينهمر باتجاهي وكان أخي الأصغر مني يسير خلفي لحملي إذا سقطتُ، وعندما اجتزت الطريق سمعت خلفي صوت ارتطام جسم ما على الأرض، وتم إسعافي إلى مشفى ميداني في الخالدية من خلال الأنفاق وظننتُ حينها أن أخي الذي فقدت الاتصال به قد عاد إلى مجموعته، وهم بالمقابل كانوا يظنون أنه معي في المشفى، وفوجئت بعد ستة أيام أنه قد استشهد خلفي أثناء سماعي لصوت الارتطام وأنا أقطع الطريق، وظل مرمياً على الأرض لأيام مع عدد من الشهداء لا يستطيع أحد الاقتراب منهم أو إسعافهم بسبب غزارة الرصاص، وبعد ذلك قمنا بمفاوضتهم بجثة ملازم كانت لدينا واستطعنا إخلاء شهدائنا من خلال الهلال الأحمر. 

إهمال الجهات الإغاثية
ينتمي صالح الحمد إلى أسرة قدمت الكثير للثورة السورية فلديه شقيقان شهيدان هما سامر الحمد الذي استشهد في معركة بابا عمرو وشقيقه الأصغر عامر الحمد الذي استشهد في الخالدية، ولديه شقيق معتقل لدى قوات النظام وأخوه علي عبد المولى الذي أُصيب بشظية دبابة في جانبه الأيسر ولا زالت الشظية موجودة في جسده إلى الآن، أما صالح فيعاني من حالة شلل تام في يده اليمنى ورغم ذلك يشكو إهمال الجهات الإغاثية والائتلاف الوطني في مساعدته أو مساعدة عائلات أشقائه الشهداء والمصابين، فقد ذهب –كما يقول- إلى الائتلاف الوطني في تركيا واشترطوا لإجراء العمليات اللازمة له أن لا تتجاوز تكاليفها 7000 يوروو، وعندما راجع المشافي الأردنية قيل له أنها تكلف بحدود 13000 يورو وعندها رفض الائتلاف الوطني إجراء العمليات الجراحية ولم يدفعوا له أية نفقات بما فيها أجرة سفره إلى تركيا.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(99)    هل أعجبتك المقالة (128)

مراقب

2013-07-19

و الله انت و امثالك من الاشخاص الجبابرة و المستحيل تكرارها في هذا الزمن .. و اقول للاتلاف تبا لكم ... يعني بالناقص راتب شهر للمغضوبة سهير اتاسي.


محمد الحنحوني

2013-07-29

جزاك الله خير بل فعل هذا ما كان يصير في حمص ام الوليد الله يحميكم والله يقوي المرابطين في سوريا.


2013-07-29

الله يرحم شهداء الي راحو في سوريا.


التعليقات (3)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي