سوريا اليوم أمام منعطف خطير، فالجبهات التي يقاتل عليها الحيش الحر لم تعد واحدة، فهناك نظام الأسد الذي ما زال يحتل أجزاء كبيرة من الوطن ويرتهنها لقراره وعنفه، وبنفس الوقت لا يتوقف عن إذاقة المناطق التي خرجت عن سيطرته كل أنواع القصف والقتل والتشريد.
وهناك جبهة أخرى فتحت مع مقتل القائد في الجيش الحر "أبو بصير" على يد ما يسمى "الدولة الإسلامية في بلاد الشام والعراق"، والتي هي عبارة عن مقاتلين من جنسيات غير سورية أتت تقاتل ضد نظام الاسد، وتحمل أجندة غير وطنية، وكل همها بناء ما يسمى الإمارة الإسلامية في سوريا.
أما الجبهة الثالثة فهي مكافحة عصابات السرقة، والفوضى التي نشأت عن غياب السلطة المركزية في المناطق المحررة، حيث استغلت هذه العصابات الانفلات لتقوم بالنهب وترويع الآمنيين.
إن استنزاف الحيش الحر على هذه الجبهات من شأنه أن يشتت قواه ويضعف قدرته على تحقيق هدف السوريين الأول وهو إسقاط نظام الاسد ومحاكمته، هو وكل من ارتكب جرائم بحق السوريين؛ ولذلك يجب تدعيم هيئة الأركان وتركيز جهودها ومنح الثقة لها حتى تستطيع القيام بمهامها ودورها، وبنفس الوقت ترقية وظيفتها من مجرد موزع للسلاح إلى قيادة أركان فعالة على الأرض، تستطيع أن تخطط المعارك على المستوى الاستراتيجي وقادرة على بناء الجيش الوطني في المستقبل، ليكون جيشا محترفا يستحق اسمه "الوطني" في الدفاع عن الأرض والشعب السوري، وليس قصفه وقتله.
أما بالنسبة للجبهة الأخرى، فلا يجب أن يدخل الجيش الحر في صراع عسكري مع ما يسمى الدولة الإسلامية، ويجب التنبه إلى ذلك، ومحاولة فتح حوار معهم من أجل إخضاع كل قدراتهم وقواهم للجيش الحر، وتأجيل أي معركة معهم إلى ما بعد سقوط النظام، عندها تقرر الحكومة الانتقالية ما يجب القيام به، معتمدة على دعم شعبي كبير.
أما بالنسبة لعصابات السرقة والفوضى، فإنها من مسؤولية المعارضة السياسية، التي ينبغي أن تتعامل معها من خلال تأليف حكومة مؤقتة، فشل الائتلاف إلى الآن في تشكيلها، فعندها تأخذ وزارة الداخلية على عاتقها بناء الشرطة الوطنية في المناطق المحررة، والتي من شأنها حفظ الأمن. فعلى المعارضة أن تتحمل جزءا من مسؤولياتها وأن لا تترك كل المسؤولية على الجيش الحر، في تحرير الأرض وبناء الدولة.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية