أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الفنان عبد الله غباش لـ"زمان الوصل": كل الذين "نخروا" عظامنا بأغاني الثورة والنضال في الماضي لا صوت لهم اليوم !

عبدالله غباش فنان وشاعر سوري من مواليد حلب عام 1988, اتجه للموسيقا مبكراً بعد أن استهوته أعمال الفنان مارسيل خليفة وبالذات أغنيته "جواز السفر" التي كانت بمثابة جواز سفر لدخوله عالم الموسيقا. 

تعلم العزف على العود على يد بعض الأساتذة في حلب ودرس القواعد النظرية للموسيقا في أحد المعاهد هناك، لكنه تأخر في إصدار أعمال موسيقية أوغنائية بسبب قلقه من الإقدام على خطوة صعبة ومهمة في تاريخ أي ملحن أو عازف, وإضافة إلى ولعه بالموسيقا اهتم عبد الله غباش بالأدب والشعر وأصدر في هذا المجال ديواني شعر من تأليفه: أحدهما بعنوان "لا ترجع لذاكرة الهواء بل ابحث عن أصل الأوكسجين"2011" والثاني "النسيان المؤقت" 2012، وهو يحضّر الآن لإصدار اسطوانة غنائية بعنوان "كلام مش مفهوم" تتضمن أغانٍ ومقطوعات لحنية تتراوح موضوعاتها بين المضمون العاطفي والاجتماعي الذي يعكس جوانب من الأحداث المؤلمة التي تتعرض لها سوريا. 

موقع "زمان الوصل" التقى الفنان والشاعر غباش في عمان مؤخراً وامتدت جسور هذا الحوار:

* كيف كانت بداية انحيازك للثورة السورية وانتقالك من "ذاكرة الهواء" إلى البحث عن "أصل الأوكسجين" -حسب تعبيرك- ؟ 
سؤالك هذا يعبّر عن ثورة ولدت بداخلي, وهي دعوة للتخلص من العادات والتقاليد البالية، وكسر المألوف، والبحث عن أصل الحقيقة. فإذا أخدنا الفنون عامة, نجد حالة رتيبة تسيطر على الإبداع، فلنترك التراث, ونبدأ بكتابة تراثنا الذي سوف نتركه للأولاد والأحفاد، فالتراث كلمة متجددة, ولا نستطيع أن نترك لأحفادنا تراث أجدادنا، و من هنا بدأت الثورة الداخلية حتى ظهور علامات الثورة في سوريا التي وجدتُ فيها مكاني الصحيح والطبيعي, كوني أعيش في بلد يحرمني من أبسط حقوقي كفنان, وهي البيئة الملائمة للإبداع وحرية التفكير, وقد قالها الشاعر الكبير نزار قباني منذ عقود: " و كيف نكتب والأقفال في فمنا و كل ثانيةٍ يأتيكَ سفّاحُ.

 "وعبارة "لا ترجع لذاكرة الهواء بل ابحث عن أصل الأوكسجين"، كتبتها وأحسست أنها العبارة التي تعبر عني بكل مراحل العمر.

كلام فاضي معبّر!  

* إضافة لولعك بالموسيقا اهتممت بالأدب والشعر ولديك ديوانا شعر من تأليفك وهما "لا ترجع لذاكرة الهواء بل ابحث عن أصل الأوكسجين" 2011 " و"النسيان المؤقت" 2012 إلى أي حد ساهم هذا التلوين الإبداعي في تطوير تجربتك؟ 
القصة بدأت مع شعر محمود درويش وموسيقا مارسيل خليفة والتمازج والتلون الإبداعي، والخلطة السحرية الموجودة بينهما، في سن مبكر جداً غرقتُ في أعمالهما, فحين كنتُ أنتهي من قراءة قصائد درويش, كنت أذهب بشغف لعزف موسيقا خليفة, وأظن ما حدث لي شعرياً و موسيقياً, هو كنبتة صغيرة كنت أسقيها شعراً وموسيقا وهذه النبتة تكبر كل يوم, وبالتأكيد يتمازجان مع بعضهما بداخلي و ينتجان تلك التجربة التي أحبها.

* لديك عمل فني وشعري طريف بعنوان (كلام فاضي معبّر) ذكرت في التعريف به أنه غير مخصص للبيع في المناطق المؤيدة وهو يوزع مجاناً في "كفر نبل" كيف جاءت فكرة هذا العمل وهل هو محاولة للتغلب على الجنون بالسخرية؟
للأسف الشديد لم يُكتب لهذا العمل الظهور وقتها, كنت قد وضعت فكرة عريضة له ونشرت إعلاناً على موقع "الفيسبوك" لطلب عازفين ومغنيين يشاركون فيه" طلبت أيضاً دعماً لإنتاجه من جهات العمل المدني ولم يرد أحد. والعمل يحوي عدة أغان تحكي عن واقع البلد في زمن الثورة على الصعيد العاطفي والاجتماعي, وفكرة "كفر نبل" كانت تحية كبيرة لذلك الوعي الذي يخرج منها, والذي يخيف كل العالم, لذلك يحاربونه بصمتهم عن المأساة, وفكرة عدم بيعه في المناطق المؤيدة هي نوع من السخرية والنقمة على الصمت, و لكن كما أخبرتك لم يُكتب لهذا العمل الظهور, و لكن أنا الآن أقوم بتسجيل عمل غنائي موسيقي سيصدر قريباً بعنوان "كلام مش مفهوم" , و بشكل مجاني غير ربحي على شبكة الانترنت ومواقع التواصل, يضم أغانٍ و موسيقا من "كلام فاضي معبر" إضافة إلى أعمال أخرى كتبتها مسبقاً, تتنوع بين العاطفي و الاجتماعي.

* "صور الحب والحرب" مقطوعة موسيقية من تأليفك أهديتها إلى أرواح الشهداء "مصطفى كرمان" و"أيهم غزول" و"باسل شحادة" كيف جاءت فكرة هذا العمل ولماذا هذه الثنائية بين الحب بالحرب؟
هي قطعة موسيقية كتبتها تخليداً لذكرى شهداء الحب و الحرية, و كما ذكرت مسبقاً ليس نسياناً أو تجاهلاً لمن سقط على ذلك التراب النظيف من شهداء شرفاء, لكن باسل ومصطفى وأيهم، كان جرحهم عميقا في جسد الموسيقا, حين تنصتْ لقصصهم, ولردات فعل إناثهم الحبيبات, ستشعر مباشرة بلوحة تُرسم أمامك ممزوجة بالحب والدم والقُبل والأشعار.

هم مثل غيرهم لم يكملوا أسابيع الحب القليلة التي كانت بانتظارهم, ذنبهم الوحيد كان هو تقديم أفضل صورة إنسانية ممكنة عن المجتمع الثائرفي سوريا, الرحمة لهم و لمن شاركهم المصير ذاته طلباً للحرية و الكرامة.

* الكثير من الفنانين اليساريين تخلوا عن الثورة السورية وكأن لسان حالهم يقول لها "اذهبي وقاتلي أنت وربك إنا ها هنا قاعدون" ما أسباب ذلك برأيك ولماذا لم يُبدوا موقفاً واضحاً من ثورات الربيع العربي ومنها سوريا؟ 
منذ بداية الثورة وإلى هذه اللحظة وأنا أفكر مثلك في ذلك, حائراً من هذا الأمر المضحك المبكي, وكنت قد أخبرتك مسبقاً عن تهديدات تعرض لها هاتفياً بعض من يساريي لبنان فصمتوا, ولكن ما حجة الباقين منهم والذين خرجوا، بكل وقاحة،بمواقف مؤيدة للظلم والطغيان, ومبررين له بتهريج عالتلفاز بات بائساً، ومنهم فنان كبير اعتاد التهريج والآن أصبح مجرد فزّاعة تثير رعب الأطفال على التلفاز, كل الذين نخروا عظامنا بأغاني الثورة والنضال في الماضي, اليوم لا صوت لهم, ظاهرون بصورة منافية لما قدموه, هناك حجج كثيرة وأسباب كثيرة لديهم, وأبرزها سيطرة الطابع الإسلامي على الثورة السورية, متجاهلين تماماً دمعة أم وأنين طفل, وصراخ معتقل يصل إلى السموات السبعة كل يوم.

وعلى كل حال سيذكر التاريخ الشرفاء و سيضع الجبناء في مزبلته.

نعيش في "مستنقع " كبير!

*وماذا بالنسبة للموسيقيين السوريين ما أسباب عدم انحيازهم للثورة السورية أو مواكبتهم لها فنياً برأيك؟
سأقول لك السبب الواضح في هذا الخط الفاصل الذي يقسم الشارع الفني في سوريا إلى قسمين الأول معارض والثاني: مؤيد وصامت: من التزم الصمت و من أشْهَرَ التأييد كلاهما مستفيد مستفيد مستفيد, من بقاء النظام, إما بالعمل في مؤسساته الفنية التي يسيّرها, أو بتاريخه الأمني والحزبي و المخابراتي المعروف في الوسط, و هناك فئة تجعلك تنفجر غضباً لأن موقفها رديء جداً, فهي فئة التزمت الصمت أثناء فترة السلمية, وجاهرت بموقف معادٍ للثورة حين كثرت الكتائب المسلحة و دخل خط "التطرف" إلى الثورة السورية, ولكن لا بأس فلدينا من الشرفاء ما يكفي لبناء سورية جديدة. لها وجه مشرف. رسامون – موسيقيون – مخرجون – ممثلون – شعراء , كُتّاب كثر والحمد لله.

* أخيراً مالذي تعنيه الحرية بالنسبة لك كشاعر وفنان؟
الحرية تعنيني بالمقام الأول كمواطن عربي سوري يعيش في هذا المستنقع الكبير الذي يسمونه المجتمع العربي. الحرية هي أن نشعر بالحب أولاً تجاه بعضنا و تجاه بلدنا، الحرية أن نتفهم أن لكل مواطن حقوقه و رأيه على اختلاف مذهبه وعقيدته.
  
واتجاهه السياسي, وعلى كل الأطراف المتنازعة في سوريا أن تعي حقيقة أن المواطن السوري بعد كل هذا الدمار, و بعد هذه الفاتورة الباهظة التي دفعها من دمه وحياته و حاضره و مستقبله: أنه سيكون مواطناً حراً, يعيش و يأخذ حقوقه كأي مواطن في العالم، يعيش ضمن أنظمة ديمقراطية مدنية, وأن سوريا لا يمكن أن تكون بعثية أو إسلامية أو أي شيء آخر. سوريا كانت وسوف تظل للجميع رغم أنف أصحاب العقول الضيقة.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(115)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي