بالحمصي الفظيع: تعلم الديمقراطية في خمسة قرون..!

كأن قدر العرب أن يصوموا لعشرات بل مئات السنين عن الديمقراطية، ليفطروا على بصلة الخيبة.

فقد كشفت الصناديق السوداء لرحلاتهم في فضاء الحرية أن لهم ديمقراطية خاصة بهم عمودية وليست أفقية، تعيد في ترتيب فقرات عمودها الفقري التقسيمات القديمة لمجتمعات القرون القديمة والوسطى.

النبلاء أو الأشراف أو الصفوة أو النخبة يستلمون دفة القيادة الحكيمة، ويحكمون سلطانهم ممتطين صهوة رجال الدين والدنيا والأعمال، كطبقة ثالثة وما بينهما طبقة الجيش أو العسكر درءا لمخاطر أي مؤامرة كونية تسول لها نفسها المساس بالآلهة إلا للتمسّح والتبريكات!

أما باقي الطبقات فلن، نختلف في توزيعها بين العبيد والأقنان والدهماء والرعاع و(الحوش) والهمج و(البجم) وما إلى ذلك من أوصاف عليّة القوم الذين لشدة ارتفاعهم يرون الناس صغارا.

هذه صورة التفاوت الطبقي المحوري دون الحاجة لرنين مغناطيسي لكشف أي نزيف داخلي أو خارجي ضمن تلافيف وتلابيب العقل العربي، ولا حاجة لصورة (إيكو) كي نكتشف جنس الجنين الديمقراطي المنتظر في بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان، فالمكتوب ليس واضحا من عنوانه وحسب، وإنما من عنوان الرد عليه أيضا، وإليكم استعراض مختصر لثمار حقول التجارب الديمقراطية في ثلاث بلدان أفرزت صناديق ديمقراطية العروبة فيها عيوب مجتمعاتنا بنت الستين ديكتاتور!

فقد منحت صناديق الانتخابات المحلية في الجزائر فوزا مؤزرا للجبهة الإسلامية للإنقاذ (82% من أعضاء البرلمان) مطلع العقد الأخير من القرن المنصرم، إلا أن ذلك لم يشفع لها حكم بلد مليون شهيد، بذريعة أن "لا أحد يريد إيران ثانية على البحر المتوسط"، فكادت أن تتحول إلى بلد المليون ذبيح!

وفي فلسطين المحتلة حققت "حماس" تفوقا واضحا على شقيقتها بالكفاح والنضال "فتح" باعتراف الغرب أهل الديمقراطية، لكن من قال إن الصناديق دائما على حق؟!

وأخيرا إلى التجربة الساخنة المدعومة بنسائم الربيع العربي، والتي مازالت تتفاعل في حقول أرض الكنانة، السيناريو نفسه يتكرر، مع خلاف بسيط أن لدى القوى المصرية المعارضة من جبهة إنقاذ وغيرها ما يسمح لهم بقبول الآخر للمنافسة في الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات، لكن شرط ألا يفوزوا فيها وإلا فالثورة مستمرة، وللعرب في ديمقراطيتهم مذاهب....!!!

عاصي بن الميماس - زمان الوصل
(134)    هل أعجبتك المقالة (175)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي