ولد مصطلح وبالتالي مكون أصدقاء الشعب السوري بعد اندلاع الثورة السورية ردة فعل على عجز مجلس الأمن الدولي من اتخاذ أي قرار من شأنه العمل على وقف نزيف الدم والدمار في سوريا, واستجابة أخلاقية لما تبقى من ضمير, وتحسبا من ردات فعل الرأي العام الداخلي للدول المعنية, وتوريطا اكثر لقوى المعارضة في نزاعها مع النظام.
وكرد فعل عليه ولد مصطلح وبالتالي مكون أصدقاء سوريا لدعم النظام السوري ليعطي دليلا واضحا على الفصل العميق بين النظام والشعب وعلى التماهي الكامل بين النظام والدولة.
لم يقدم مكون أصدقاء الشعب السوري للشعب السوري سوى الصراخ والشجب والشعارات وبعض الدعم المادي الذي لا يرقى إطلاقا إلى مستوى المعاناة والحاجات.
كان الهدف من إطلاق مكون أصدقاء الشعب السوري هو الاعتراف بالمعارضة السورية ممثلا للشعب السوري وتقديم الدعم اللازم لها لإسقاط النظام, لكنه تحول إلى تظاهرة إعلامية لا تقدم شيئا ذا بال.
وبالمقابل فإن ما يقدمه أصدقاء النظام يظهر جليا مستوى الفرق بين صديق وصديق, فهؤلاء يقدمون الدعم السياسي والعسكري والمالي والفني والبشري.
بعد احتلال القصير تعالت أصوات أصدقاء الشعب السوري بأنهم لن يسمحوا بسقوط حلب( إذا كانت هذه الإمكانية موجودة, فلماذا سمحوا بسقوط القصير, أم هي لعبة توازن القوى على الأرض وتطبيق نظرية لا غالب و لا مغلوب).
أصدقاء الشعب السوري وأكثر العرب منهم انحرفت بوصلتهم الأخلاقية والسياسية وحتى المصلحية , فخطر المشروع الإيراني الذي يهدف لمد نفوذه من إيران إلى المتوسط غربا ومن إيران إلى اليمن جنوباً مرورا بعمان والساحل العربي للخليج, ليس خفياً عليهم ولا إيران تخفيه, لكنهم يتمنون أن يكون ما يجري حلماً, كما أنهم اعتادوا العمل لمصلحة أمريكا لا لمصالح بلدانهم, ويأتي فعلهم االسياسي تبعاً للفعل الأمريكي دون وجود أية مبادرة ذاتية أو استقلالية للقرار.
أغلب الأنظمة العربية كانت , وقد لا تزال, تتمنى أن لا تنجح الثورة السورية حتى لا يمتد الربيع العربي إلى بلدانها لذا نراها مترددة في دعمها, فهي كمن يهاجم داره وحش فيضحي بأبنائه واحداً بعد الآ خر على أمل أن يتم إنقاذه في آخر لحظة, دون أن يقوم بمبادرة الدفاع عن النفس, أو كمن لديه بيت آيل للسقوط, فيمد يديه متضرعاً إلى الله أن لا يسقط فوق رأسه.
لم تعد إيران وذراعها العسكري, حزب الله, تدخلهما في سوريا على كافة الأصعدة, بينما الدول العربية تبادر بالاعتذار عن أي تصريح يدلي به أي شخص له صفة رسمية أو معنوية قد يشير فيه إلى دعم وتسليح المعارضة, وتقدم إيران الدعم المادي للنظام, بينما تسعى الدول العربية إلى تجفيف منابع الدعم للمعارضة السورية أو التضييق عليها.
بعد احتلال القصير من قبل حزب الله, استمرت بوصلة الأنظمة العربية على انحرافها,فعمدوا إلى نبش القبور واستحضار فتاوى ابن تيمية في تكفير العلويين والرافضة, والتقريب بين الشيخ القرضاوي وعلماء السعودية والتركيز الإعلامي الكبير عليه وكأن المعركة معركة فقهية عقدية وليست معركة سياسية عسكرية.
وبدل أن يتوجه العرب إلى إيران بالحوار وباتخاذ اجرءات سياسية واقتصادية صارمة تجاهها لا تنتهي عند حدود خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي, توجهوا إلى مشروعات ومنتمي حزب الله في لدانهم للتضييق عليهم, وتوجهوا إلى الحكومة اللبنانية لا تخاذ موقف صارم في لجم حزب الله, وكأنهم لا يعلمون أن الحكومة اللبنانية موظفة ومعها الدولة اللبنانية تعمل لمصلحة حزب الله.
على امتداد عمر الثورة السورية لم تشهد الساحات العربية مظاهرة واحدة داعمة لنضال الشعب السوري كما شهدته سابقا في حربي لبنان وغزة, فالأنظمة العربية لا يروق لها أن ترى في بلدانها مظاهرات مؤيدة لمناضلي الحرية والديموقراطية,لكنها تدعم المظاهرات التي تخرج ضد العدوان الإسرائيلي والصور والأفلام المسيئة للرسول والإسلام, فالأولى تفتح عيون الناس وعقولها على حقوقها المسلوبة, أما الثانية فلا تعدو أن تكون مجرد احتواء لغضب شعبي عارض .
على الدول العربية, التي منحت مقعد سوريا في الجامعة العربية للمثلي المعارضة السورية, التدخل القوي والحاسم لدى أصدقاء الشعب السوري وأصدقاء نظامه بكل عناصر القوة التي تمتلكها ,وهي كثيرة, لحماية الشعب السوري والثورة السورية كما فعلت في حالتي البحرين واليمن قبل أن تفيق على مقولة أكلت يوم أكل الثور الأسود وتجد إيران تحث الخطى في تنفيذ مشروعها في احتلال الحرمين الشريفين.
أصدقاء سوريا ... عمار ياسر الحمد

عمار ياسر الحمد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية