أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لا فكر جديد... لا قيادات جديدة...الأخوان والاتجاه المعاكس لا يصلحان...


هي أزمة كبيرة وصراعات مخاض وحياة، مايحصل في بقعة الثورات، وتثير ليل نهار ألف لغط وسؤال متعّلق بالبناء الفكري للمجتمع وبعجزه الظاهر عن قيادة لثورات ومواكبة استحقاقها وسط أميّة سياسية وديمقراطية. ويشير بقوّة إلى نقطة في غاية الخطورة؛ وهي افتقار عقليّة الثوار والمعارضين والسياسيين والمفكرين والمثقفين إلى نظرية أصيلة عصريّة واقعيّة تلائم التغييرات الكبيرة التي تحدث وتطرح حلولا ومقترحات لاحتواء المستجدات وتلبية المطالب المختلفة في جميع الأصعدة والمستويات .
إنّ ما يحدث من تقلّبات سريعة وصراعات حادة ومتناقضات صارخة، يؤكّد بإلحاح ضرورة تكوين فكر جديد ، وحتميّة تغيير الأفكار وتشكيل منظومة تفكير سياسي حديث. لكي تصل بنا الثورات إلى نتائجها... فطرائق التفكير القديمة من التحليل والتفكير والتقييم أصبحت معوّقة، وبشدّة، لعملية التقدم والاستقرار والبناء والنهضة بمشروع الحرية وبناء الدولة. وبالتالي فإن سقوط الإسلاميين في مصر أمر طبيعي، وتحصيل المحصّل من الفوضى والعشوائية والاسئئثار؛ لأن العقلية التي كانوا ينطلقون منها عقلية غير إنتاجية، لا ابتكار فيها لاحتواء المستجدات والمطالب والتطورات ولا مشاريع إنتاج مجتمعي وفكري ومعيشي ، عاجزة عن ملائمة الواقع الجديد... وبالمقابل الوضع شبيه، بل أسوأ، لدى الأطراف الأخرى المعارضة. فماهي النظرية التي يحملها المعارضون للإسلامين من الليبراليين والعلمانيين واليساريين؟ وما هو البناء الفكري والسياسي للخوض في العملية الديمقراطية الجامعة؟ مالدى هؤلاء الضاجين بالصراخ والاحتجاج ضعيف جدا، لا يتعدى أفق محاربة الإسلاميين ومواجهة العقلية السياسية الإسلامية بالرفض والصراع ، حتى لو كان إقصائيا أو دمويا، للحيلولة بينهم وبين السلطة. والدعوة لدولة مدنية ورقيّة ضبابيّة خالية من المعارضين لهم والخصوم. المقولات التي يرددونها أصبحت بالية وقديمة وقد تعداها الزمن والتغيير. وبالتالي لا توجد رؤية شاملة موضوعيّة علميّة فلسفيّة لدى أحد من الأطراف، ناهيك عن كثير من إشكاليات الانتماء الإثني الفاعلة في الباطن.
بناء رؤية ناضجة قابلة للعيش والنّمو هو الضروري. ولذلك لا مفر من خوض التجارب حتى تتكوّن الرؤية. ولا خوف من إخفاقات كثيرة تتوالى على الثائرين. هذه ليست إخفاقات ثورة. هذه إخفاقات عقليات البشر ومواقفها ومواقف الأحزاب والنخب السياسية في المجتمعات النامية التي لم تتطوّر بما يلائم متطلبات تغيير الزمن الثوري وتدفق الذاتية الوجدانية الصاعدة لتكوين هويّة. والإخفاقات الكبيرة والنجاحات الصغيرة بمثابة التحضير لتكوين مشروع جديد وترسيخ الديمقراطية. الدول لا تبنى بمجرد ردة فعل وبمفردات مثالية وعاطفيّة وانفعاليّة ودينية أو لا دينية. وبفئة واحدة ونخبة، من دون انصهار المجموع في تأليف الإيقاع الجديد والحركات الناظمة للتغيير. تبنى الدول وفق النظريات السياسية والقانونية والحقوقيّة والوطنيّة ووفق المصالح التي تراعي حقوق المواطن كمواطن في الحرية والعدالة والكرامة. أما الدين والاعتقاد فهما الحراك الفلسفي الناظم الاخلاقي والوجداني والقيمي لحركة الأمّة...ولا يستطيع أن يكون اكثر من ذلك. فالعقائد تبني إنسانا؛ لكنها لا تملك الآليات المادية لبناء الدول. ولعل في تجربة فشل الإخوان المسلمين في إدارة مصر، من خلال رئاسة مرسي التي لم تكمل عاما، سواء من طرفهم أو من طرف الجهات الأخرى التي لعبت دورها في العملية دروسا وعبرا لكي تستفيد منها الثورة في مصر وفي الدول العربيّة الأخرى وتتابع عمليّة البناء وفق أسس الثورة. وليس سقوط الشرعية الديمقراطية شكليا وواقعيا على يد العسكر إلا محصلة للعقلية الاستبدادية والانقسامية التي لم تتخلص المجتمعات والأفراد والجماعات من سطوتها. والمطالب الاقتصادية المعيشية والحياتية هي المحرّك. لا أحد يستطيع جرف التغيير عن مساره. والمشوار طويل. (لادينية..لا علمانية...). الحداثة تجديد وابتكار.. .ورؤية وبعيدة المدى. واقعية ديمقراطية.


د. سماح هدايا
(100)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي