مرسي والثورة السورية... هكذا ورطنا الرئيس

لا نقصد إشهار سكين إضافية على الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الذي كثرت سكاكينه الآن وستتضاعف مستقبلاً، وإنما من باب التذكير لمن خانته الذاكرة بالنسبة للأخوة المصريين الذين ربطوا السوريين بدعم الإخوان ورئيسهم المعزول بقرار عسكري أمس.
فالسوريون كما المصريين منهم من يؤيد ومن يعارض الرئيس الذي بالكاد أكمل عامه الأول، ولا يغيب عن بالهم أنهم في صلب اللعبة السياسية ليس في مصر وحسب، بل في كل بلدان المنطقة، ولكن أكثر السوريين يقفون على الحياد متمنين لأم الدنيا كل خير وأمان، خاصة وأنها تستقبل مئات آلاف اللاجئين الهاربين من الموت.
ولأن سوريا في صلب اللعبة السياسية المصرية فإن أي موقف سيتخذه الرئيس مرسي سيستغله معارضوه ليسجلوا مواقف ضده تلقائياً، وتلك-ربما- من مظاهر الأمية الديمقراطية المستبدة بشعوبنا العربية للأسف، فرغم عراقة أرض الكنانة وشعبها العظيم إلا أن سنة واحدة بعد ثلاثة عقود من الديكتاتورية لن تكفي لتعلم الديمقراطية، وقد يكون ما حدث في مصر دليل على ذلك.
بعض السوريين رأى أن مرسي ورطهم بعد غزل طويل مع إيران والنظام السوري، لتكون النهاية مهرجاناً ضخماً أعلن خلاله التأييد المطلق للثورة السورية -متأخراً- وإغلاق سفارة النظام في مصر ليستخدم القضية السورية لدعم شعبيته في خطوة تذكّر باستخدام نظام الأسد القضية الفلسطينة لتثبيت حكمه".
ورغم الدعوات المتكررة من شخصيات وهيئات معارضة سورية في مصر وخارجها لالتزام السوريين الحياد، إلا أن البعض تورط بالمشاركة في مظاهرات تدعم مرسي، ما أثار حنق بعض المصريين على اللاجئ السوري، وهو ما استغله نظام الأسد ليصنف الرئيس المصري المعزول وجمهور الثورة السورية بالخانة نفسها كـ"منبوذين من المصريين".
وتداولت وسائل إعلامية اليوم خبراً نقلاً عن مصدر عسكري مصري أن موقف مرسي وخطابه في المهرجان المذكور كان نقطة تحول في العلاقة بين الجيش والرئيس.
وفي حين تحدث المصدر العسكري عن "توبيخ مبطن" من الجيش لمرسي، قال ضابط طلب عدم الكشف عن اسمه "انزعجت القوات المسلحة بشدة من المؤتمر الخاص بسوريا في وقت تمر فيه الدولة بأزمة سياسية كبيرة".
ولكن لو أجرينا جردة حساب لمواقف الرئيس المصري المعزول من القضية السورية لرأينا العديد من التناقضات، إذ بدا أثناء ترشحه لمنصب الرئاسة مؤيداً للثورة اليتيمة في سوريا معلناً أنه لن يلتقي أياً من الداعمين لبشار الأسد.
لكن ما إن فاز على منافسه أحمد شفيق بفارق ضئيل، حتى افتتح سياسته الخارجية بمقترح اللجنة الرباعية التي تجمع إضافة إلى مصر تركيا والسعودية وإيران التي لا تدعم الأسد وحسب، وإنما تربط مصيرها في المنطقة ببقائه.
واجتمعت الرباعية ثم صارت ثلاثية بعد انسحاب السعودية بعد أول اجتماع، وماحدث أن دعم إيران التي اعتبرها مرسي جزءاً من الحل ازداد وانتقل إلى العلن دون خجل أو وجل!
ولم تكن مصر مرسي بعيدة عن مشهد الدعم الإيراني الروسي، فطالما عبرت سفن الولي الفقيه المحملة بوسائل الموت قناة السويس على مرأى ومسمع من المسؤولين المصريين، في أكثر من مرة ليبدأ السوريون بإسقاط مرسي من حساباتهم السياسية.
وينتقل السوريون من مرحلة العتب إلى اللوم مع زيارة مرسي إلى طهران، رغم مجاهرته بالوقوف ضد النظام في حضرة أعتى عتاة داعميه، وكذلك قدوم الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، ويداه تقطران دما ينزف من أجساد شعب مذبوح في بلاد الشام.
أما روسيا الداعم الأكبر لنظام الأسد والمورد الرئيسي لأسلحة تستهدف الشعب السوري، فكانت أهم محطات محمد مرسي الدولية، فالتقى الرئيس بوتين الذي يتفنن بالدفاع عن حليفه المتشبث بدمشق، وكانت وجهات النظر المصرية الروسية "متطابقة" حول الوضع السوري، وإذا تطابقت أي وجهة نظر مع توجهات روسيا الاتحادية فهذا يعني الموافقة على شعارات طالما دونها عناصر قوات الأسد على ما تبقى من جدران المدن والبلدات السورية"الأسد إلى الأبد" و "الأسد أو نحرق البلد"!
ولكي تكتمل ثالثة الأثافي كان لا بد للرئيس المعزول محمد مرسي أن يزور الصين شريك روسيا في دعم نظام الأسد وحمايته بالفيتو المزدوج، فكانت بكين محطة لزيارته.
ومع استعراض مختصر لمواقف الرئيس محمد مرسي نعيد التذكير أيضاً بالنداءات والبيانات الصادرة عن أكثر من جهة معارضة سورية في مصر تطالب السورييين التزام الحياد، وبعض البيانات حذر من حمل علم الثورة في أي من الميدانين لأنه ليس من حق أحد رفعه هنا أو هناك.
كما ركز بعضها على ضرورة احترام رأي الشعب المصري الذي استقبل السوريين بكل رحابة صدر وتعاطف سواء كان من المعارضين أو المؤيدين.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية