أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حمص المحاصرة واحترام التنظيم... وليد الفارس

في سعيهم المستمر للحرية استطاع أبطال المنطقة المحاصرة النجاح بخلق تنظيمات عسكرية ومدنية واضحة المعالم معروفة المهام تسهل عليهم أعمالهم اليومية وترتب لهم شؤونهم في مختلف المناحي وتحدد المسؤوليات والواجبات.

الأمر كان أصعب مما يتصور البعض، فالثورة على النظام تعني التمرد على كل شيء ومنها الأمور التنظيمية أضف إلى ذلك أن النظر إلى المؤسسات لايزال يشوبه ذلك الإحساس القديم والشعور بالظلم وبأنها مؤسسات لابتزاز الناس وليس لخدمتهم, ومع هذا وصلت هذه المؤسسات لدرجة أثبتت معها أنها على قدر المسؤولية رغم قلة الإمكانات وضعف الموارد المتاحة وظروف الحرب اليومية.

مجلس عسكري له نظام داخلي وفريق إداري وآليات واضحة تنظم عمله يجمع في مجلس إدارته الجميع بدون استثناء ويضع عوامل المشاركة والعدالة والشفافية في أولويات عمله, قضاء فيه رجال صادقون عالمون بشؤون الناس وأعرافهم وقوانين الشريعة والحياة، يقومون بحل مشاكل الناس اليومية وخلافاتهم وحتى تسجيل معاملاتهم اليومية كالزواج والولادة وغيرها, مكتب شرعي نشيط وواعٍ, شباب إعلاميون مثقفون وعلى قدر المسؤولية, مكتب خدمي يعين الناس بما يتوافر لديه, مشافٍ ميدانية وصيدليات وعيادات تديرها لجنة طبية عالية التأهيل, لجنة إغاثة محددة الصلاحيات وتمارس دورها بشفافية وتنال ثقة الجميع, كل هذا ضمن مجلس موحد يجتمع دورياً ويتوافق على القرارات العامة ويساعد أعضاؤه بعضهم في جو أسري ودي صادق.

الإمكانيات المحدودة للموارد المتاحة والظروف الراهنة التي تفوق وصف "الصعبة للغاية" والقصف اليومي والحصار وما يسببه من شح في القدرات والموارد وأحياناً الكادر البشري المتوافر وغير ذلك من التفاصيل التي بات الجميع يعرفها،كل هذا يجعل الثوار هنا يحترمون أنفسهم ويترفعون عن الحديث الدائم عن هذه اللجان وتواجدها وعملها لأنه بسيط للغاية نسبة إلى الحاجات الضخمة التي نريدها اليوم، فنحن في طريق طويل وكل شيء مطلوب للسير عليه ابتداءً من السلاح وانتهاءً بتنظيف الطرقات مروراً بعلاج الجرحى وإطعام الناس والكهرباء والمياه وغيرها كل هذا يجعلنا نشعر بالخجل للتقصير الحاصل -وهو كبير- والناس متطلباتها كثيرة ومتجددة فنتوقف كثيراً أمام هذه المتطلبات ونحترم الأمر الواقع, مع هذا نؤمن بضرورة التنظيم ونرفض الفوضى والتصرف على أساس غير مفهوم بحيث لا تعرف من يقوم بالأمر ولا أين تذهب ولا ماذا تريد ومن يتكلم بكذا ومن يدير كذا ومن يقوم بكذا.

الجميع هنا يؤمن بأهمية العمل الجماعي ويعلم أن الواحد زائد واحد حاصله إثنان فقط في الرياضيات، فاجتماع شخصين هنا يعطينا قوة هائلة قد تفوق العشرة المتفرقين, الجميع متوافق على تحمل المسؤوليات وفق نطاقه ويطلب منك مهاماً محددة ومسؤوليات وواجبات وحقوقاً معروفة، الكل سعيد بأن يرى الأمور تسير بأسلوب سهل وشفاف ومنظم ويسعى للوصول إلى هذا المستوى, المشكلة اليوم أن أخوةً لنا في خارج المناطق المحاصرة أو خارج البلد لا يساعدوننا على إتمام هذه الأمور ونحن نعلم صفاء نيتهم وثقتنا بهم عالية، ولكن قد يكون التقصير منا في إبلاغهم بمثل هذه الرسائل وتعريفهم بوضعنا هذا صحيح، وقد يكون شعورهم بأنهم منا ومن نفس الأسرة التي نعيش فيها يجعلهم لا يفرقون أخاً عن آخر، نعم هذا أيضاً صحيح وإننا نطلب من الجميع اليوم أن يكونوا معنا ويأخذوا بعين الاعتبار هذه المؤسسات وتنظيمها وآليات عملها، فالكتيبة كتيبة عسكرية مجاهدة ومقاتلة والمكتب الإغاثي عمله معروف من عنوانه والجميع أخوة متكاملون ومتعاضدون ولا فرق بينهم أبداً فساعدوهم على هذا.

إخوتنا وأحبابنا كونوا عوناً لنا على تنظيم شؤوننا واحرصوا على أن نكون يداً واحدة في كل شيء و في السير معاً إلى الخير، ونشر فكر المؤسسات وتطويره في ما هو خير، فبذرة اليوم قد تكون شجرة مثمرة إذا ما تعاهدناها سوية.

حمص المحاصرة - زمان الوصل
(113)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي