أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل كانت معركة "حطلة" طائفية أم مجرد قتال بين الثوار وميليشيا تدعم النظام

احتدم قتال في العاشر والحادي عشر من حزيران بين الثوار وميليشيا شيعية متطرفة تدعم النظام السوري في قرية حطلة (1كم شمال دير الزور) سقط خلاله 74 قتيلاً من الطرفين, 60 منهم من الميليشيا بينهم 3 غير مسلحين, إضافة لجرح عشرات آخرين, وأُسر عدد من أفراد الميليشيا, بينما هرب الباقون وعائلاتهم إلى مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية التي باشرت قصف القرية, فقتلت امرأة. 

تقول المصادر إن القرية كانت قبل المعركة تعيش سلماً أهلياً عكره بعض التصرفات المرفوضة للميليشيا, وأضافت أن القضية انتهت عند هذا الحد, خاصة أن أولاد عم القتلى الشيعة وهم من السنة, لن يطالبوا بثأر أولاد عمهم, في الوقت الذي بدأت فيه بعض الميليشيات الشيعية في بعض القرى القريبة تتحسس الخطر على وجودها ما يدفعها للتفكير بالهرب أو المصالحة وتسليم السلاح.

بعض وسائل الإعلام ونقلاً عن المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن ومديره رامي عبد الرحمن اعتبرت ما حصل معركة سنية شيعية انتقم خلالها السنة من القرية الشيعية رداً على ما تقوم به ميليشيا حزب الله اللبناني في سوريا. 

ادعاءات أثارت انتقادات واسعة ضد المرصد, ما دفع مديره لنشر بوست على صفحته على (الفيس بوك) ينفي فيها نشره الخبر بصيغة المجزرة على موقع المرصد الرسمي, ولكن عبد الرحمن وفي ذات صفحة (الفيس بوك) نشر رابطاً للقاء قناة فرانس 24 معه حمل عنوان "رامي عبد الرحمن متحدثاً عن مقتل ستين شيعياً في حطلة".
التركيبة الديموغرافية للقرية 
قبل عشر سنوات من هذه المعركة وفي جلسة خاصة بين بعض الصحفيين المحليين قال صحفي من "حطلة" وبشكل غير مباشر إن حوالي مائة دولار شهرياً كانت السبب الوحيد لتشيّعه وتشيّع كثير من معارفه, وأن موضوع تشيّعهم لن يزيد عن حد كسب النقود.

إلا أن تلك السنوات العشر كانت كافية لتحويله وأقاربه إلى متشددين شيعة حملوا السلاح دعماً للنظام السوري, فكانت النتيجة مقتل أخويه المنتسبين لكتيبة شيعية يدعمها النظام السوري في معركة اختلفت التقارير الصحفية حولها بين معركة طائفية أو عشائرية, أو مجرد معركة بين ثوار وموالين لنظام.
حطلة, جغرافياً, هي قرية سورية صغيرة من محافظة دير الزور, ذات موقع استراتيجي على نهر الفرات قرب جسر السياسية الشهير, المعبر الوحيد الحالي شبه الآمن لثوار سوريا إلى داخل أحياء مدينة دير الزور المحررة. 

نشطاء من دير الزور (480 كم شرق العاصمة دمشق) نفوا أن تكون المعركة حصلت على أساس طائفي أو عشائري, واعتبروا في تصريحات على صفحات (الفيس بوك) وتصريحات صحفية أن المعركة كانت قتالاً بين الثوار وميليشيا موالية في قرية مختلطة يمكن أن يوجد في المنزل الواحد أخ سني وأخ متشيّع.
وأوضح الناشطون التركيبة الديموغرافية للقرية, التي ينظر إليها إعلامياً كقرية ذات أغلبية "شيعية" إلا أن الواقع يقول غير ذلك خاصة أن التشيّع حديث العهد في سوريا ويجري بشكل سري برعاية الحكومة، ويعتبر مجرد انتقاده أو الحديث عنه بشكل سلبي جريمة تؤدي إلى الإعدام أو الضياع في غياهب السجون في أفضل التقديرات. 

ويرى النشطاء أن تصنيف حطلة كقرية "شيعية" من الناحية الطائفية, وأنها "موالية" للنظام من الناحية السياسية, فيه تجنٍ وعدم دراية بواقع المنطقة, حيث أن محافظة دير الزور متجانسة طائفياً, غالبية سكانها مسلمون سنة ومسيحيون متواجدون في مدينتي دير الزور والبوكمال (130 كم شرق دير الزور), إضافة إلى أن أغلب سكان قرية حطلة هم مسلمون سنة, شارك قسم كبير مهم في الثورة منذ بداية الحراك السلمي, كما أن لهم كتيبة مقاتلة في الجيش الحر. 

لماذا وقعت المعركة المؤجلة 
تقول المصادر إن الثوار تلقوا معلومات من قبل أحد أبناء القرية تفيد بأن النظام قام بتشكيل لجان شعبية وسلمهم أكثر من 400 قطعة سلاح متنوع, فاتفق الثوار أن يداهم 200 مقاتل من الجيش الحر القرية بالتعاون مع ثوارها وأهلها للسيطرة على أماكن تخزين السلاح والقبض على المسؤولين عن الميليشيا. 
إلا أن خبر الهجوم تم تسريبه إلى الميليشيا التي جهزت قواتها وبادرت بإطلاق النار على مقاتلي الجيش الحر على مشارف البلدة ما أوقع منهم قتلى وجرحى, وسرعان ما انتشر الخبر بين العشائر فانطلقت أغلب كتائب وألوية الجيش الحر على وجه السرعة للمشاركة في المعركة.
إلا أن رواية أخرى أكثر موثوقية تقول إن سبب المعركة المباشر هو اكتشاف ومصادرة الثوار لأسلحة مخبأة داخل سيارة خضار مصدرها القوات النظامية كانت متوجة إلى القرية بهدف إيصالها إلى الميليشيا, ما دفع أفراد الميليشيا إلى مهاجمة حاجز للواء القادسية على أطراف القرية وقتل أربعة من أفراده. 
وتضيف المصادر أن الثوار هاجموا مقرات الميليشيا في القرية لكن فاجأتهم الاستعدادات والمتاريس, فأطلقوا نداءً توافدت على إثره عشرات الكتائب من مختلف القرى والمدن في الريف والمدينة برفقة دبابتين, وخاضوا معركة شرسة استمرت عدت ساعات أدت لمقتل عدد كبير من الميليشيا منهم نساء حملن السلاح ضد الثوار وفق رواية شهود عيان من الثوار, كما أسر الثوار أحد رجال الدين الشيعة في القرية, إضافة إلى أحد قيادات الميليشيا, وكانت أبرز نتائج المعركة تأمين القرية المطلة على المعبر الأهم للثوار من أي خطر مستقبلي.
وتقول المصادر إن الميليشيات الشيعية التي قاتلت الثوار كانت من لواء أبو الفضل العباس المكون من لجان شعبية في القرية تابعة للجيش الوطني الموالي للنظام والمزمع تشكيله من العناصر الموالية للنظام في ريف ومدينة دير الزور بهدف محاربة الجيش الحر.

الليزر الأخضر ومقتل 20 ثائراً
سيارة الأسلحة كانت السبب المباشر للمعركة, لكن سبقه الكثير من الممارسات التي قامت بها الميليشيات الشيعية داخل وخارج المدينة, والتي رفض الثوار معاقبتهم عليها درءاً للفتنة العشائرية وحقناً للدماء, على حد قولهم.

ومن تلك الممارسات ما حصل قبل المعركة بستة أشهر وتحديداً بعد سيطرة الثوار على الجسر وطرد القوات الحكومية من المنطقة, وبدء استعمال الجسر معبراً لداخل مدينة دير الزور. 

حيث تقول المصادر إن أفراداً من الميليشيا كانوا يزودون مدفعية الجيش النظامي المتمركزة على تل مشرف على مدينة دير الزور بإحداثيات عبور الثوار والمدنيين إلى داخل مدينة دير الزور, وإطلاق ليزر أخضر كإشارة إلى بدء العبور, ما أوقع العديد من القتلى في صفوفهم, إذ قُتل في يوم واحد عشرون شاباً إثر استهدافهم بقذاف مباشرة لحظة مرورهم على الجسر وانطلاق إشارة من الميليشيا إلى الدبابات باستخدام الليزر.
حادثة دفعت النشطاء لإطلاق الصرخات بوجوب معاقبة الميليشيا وطردها من القرية ولكن القرار العشائري والثوري أجمع على عدم اتخاذ أي إجراء ضد الميليشيا, وانتظار عودتهم إلى جادة الصواب, خاصة أنهم أبناء عم لكثير من الثوار وإن كانوا من المتحولين إلى الشيعة.
بعد المعركة انتقدت صفحات الثوار على (الفيس بوك) ما أسمته بعض التجاوزات من قبل بعض عناصر الجيش الحر في "حطلة" , إثر قتلهم لمدنيين اثنين لم يشاركا في القتال إضافة إلى امرأة لم تحمل السلاح أيضاً, وقيام بعض العناصر بالتعدي على الممتلكات الشخصية للميليشيات. 

يرى العقلاء وجوب عقد مصالحة وطنية سريعة في قرية حطلة خاصة أن آراء عديدة في دير الزور تؤكد أن ما حصل لا يعدو أكثر من معركة بين الثوار وميليشيا موالية للقوات الحكومية أفرادها سنة تشيّعوا قبل عدة سنوات, وتؤكد المصادر أن القتال لم يكن ذا منحى طائفي أو عشائري بشكل مطلق، وإن كان ظاهره طائفياً وعشائرياً. 

وبينما يعتقد ويؤكد المتفائلون أن المعركة ستقف عند هذا الحد, يحذر آخرون من بعض الجيوب الصغيرة للميليشيات في قرى أخرى في الريف الغربي لدير الزور وينادون بالتعامل معها كما تم التعامل مع ميليشيات قرية حطلة, محذرين أن عدم التعامل معها سيقوّي شوكتها.

مساهمة من: فادي جابر
(140)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي