سخر الكاتب اللبناني غسان شربل من "الاحتفاء الطفولي" الذي يحظى به المفكر اليهودي نعوم تشومسكي، من قبل مخلفات اليسار والقومية العربية، مذكرا بأن هذا المفكر ساوى بين الضحية والجلاد في سوريا ودعا لتفهم "حزب الله.
وقال الكاتب: يبدو أن لا شيء يستطيع وقف اليسارية الطفولية عن الانبهار. إذ يتوارثها مقلدون وشبان متحمسون فيما لا يعيد الأولون تقويم التجربة بحثاً عن الغث والثمين لضرورة تجنيب "الورثة" أخطاء في المفاهيم والتعريفات.
هكذا فمجيء باحث وأكاديمي شهير مثل نعوم تشومسكي إلى بيروت هو دائماً موضع احتفال استثنائي وتمجيد كبير، مع أن الزيارة مكررة وأفكار اليساري لم يطرأ عليها أي جديد.
وتابع شربل: مرد الانبهار بتشومسكي ليس قطعاً إنجازه الحقيقي المتعلق بـ"النحو التوليدي" وتفكيك بنى اللغة، بل بنزعاته الفكرية المناهضة للأمبريالية وتحديداً لإسرائيل.
والحقيقة أن نص تشومسكي ليس سبب إعجاب المعجبين المذهولين. فنصوصه عموماً تخلط الواقع بالخيال وتتجاوز توقعات المثقف الرؤيوي لتنخرط في تفسيرات أقرب الى التهويمات، على غرار استغرابه في مقابلته مع "الأخبار" (السبت 15 حزيران) و"السفير" (17 حزيران) وجود حدود بين الولايات المتحدة والمكسيك وبين دول الشرق الأوسط متهما "الإمبريالية" باختراعها ومنع الشعوب من التقارب.
أما السبب الحقيقي فهو أنه يهودي معادٍ للصهيونية وينتقد الرؤساء الأميركيين ومؤسسات الدولة الأميركية، ويعتبرها قمعية ومتآمرة على الشعب الأميركي وسالبة لحريته وحرية شعوب العالم الثالث وحقوقه.
وأضاف: تحتفي مخلفات اليسار اللبناني والقومية العربية بتشومسكي لمواقفه السياسية المباشرة وليس لتأسيسه الفكري لنظرية متماسكة تستحق التأييد والاعتراض والنقد. وهي تنسى في غمرة الشعبوية والاستعجال أن تشومسكي المنتقد لسايكس بيكو في المقابلتين ذاتهما والمتفهم "حزب الله" داعياً الى وجوب الاستماع إليه باهتمام، هو نفسه الذي أشاد باحتلال صدام حسين للكويت بحجة رفضه التدخل "الإمبريالي" لتحريرها، وهو نفسه المثقف اليساري الرمز نراه يساوي بين الضحية والجلاد في سوريا.
وقال شربل: يشبه الاحتفاء بتشومسكي تلك الأهمية والترحيب والتبجيل التي أعطيت دائماً للنائب البريطاني اليساري السابق جورج غالاوي المنافح عن صدام والصدامية والمتورط بعلاقات ملتبسة ونفعية، تحت عنوان نصرة القضية الفلسطينية وفك الحصار عن غزة.
أما الفيلسوف برنار هنري ليفي الذي ناصر "الربيع العربي" وأدى دوراً ممتازاً في السعي الى إنهاء نظام مجرم اسمه معمر القذافي، فهو يهودي مرذول وصهيوني وعميل من قبل المرحبين بتشومسكي، لمجرد أنه انسجم مع نفسه ومع قيم العقل الأوروبي والإنساني وأعلن خصومته لنظام البعث السوري.
زمان الوصل - صحف
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية