في حركة إعلامية فجّة لم تكن هي الأولى بل كان لها سابقاتها المشابهة من حيث الهدف وإن اختلفت بالشكل هذه المرة، قامت وسائل إعلام النظام بتصوير ثلاثة ممن ارتدوا الزي الديني لمشايخ الدروز وهم يقومون بجولة ميدانية في مدينة القصير المحتلة برفقة عدد من العسكريين والشبيحة، وقامت مكنته الإعلامية بتصديرها على أنّ الزيارة لمشايخ عقل الطائفة الدرزية, وتاتي في سياق الوقوف على "عملية تحرير القصير من
العصابات المسلحة" مباركةً عمل النظام مؤيدةً له في ممانعته ووقوفه عقبة في وجه "المؤامرة الكونية" المترصدة بسورية قلب العروبة النابض.
*ردود أقوال
وحسب رأي بعض ناشطي محافظة السويداء بأن هذا الحدث أثار ردود أفعال عديدة، منها ما كان يلائم هدف النظام في إذكاء نار الفتنة والتطرف فهوجم أبناء الطائفة الدرزية بطريقة لا تعبر إلا عن جهل يجافي الواقع على الأرض، وربما -حسب ناشطين- كان الهجوم من أزلام النظام عن قصد تحقيقاً لهدف هذا الفعل.
ومنها ما انبرى للدفاع عن أبناء هذا المكون الاجتماعي إما بسرد المنجزات التاريخية لهم أو بتقديم الدلائل والبراهين على أنهم كانوا ولا زالوا جزءاً لا ينفصل عن سوريا الوطن الجامع المنخرطين في صفوف الثورة على مختلف نشاطاتها.
فقد نشر الناشط الحقوقي عمر إدلبي على صفحته مضطراً كما عبّر عن الأمر وذلك بسبب كثرة التعليقات واقتراب الموضوع من الخطوط الحمراء الخطيرة على الثورة وعلى الشعب السوري بكل مكوناته معتبراً أن هذا الخطاب الذي تبنته بعض الجهات الجاهلة أو المتعامية عن الحقيقة لا يصب إلا في مصلحة أعداء الشعب والثورة مؤكداً أن أبناء السويداء ليسوا بحاجة لصك براءة من أحد وأعمالهم واضحة لمن يريد رؤيتها ومن المعيب تأويل الحدث إلى هذا الحد من السخافة والتضليل.
كما ونشرت الناشطة الحقوقية ريما فليحان على صفحتها موضحة أن من ظهر في الصورة المنشورة ما هم إلا عملاء للنظام وبعض شبيحته المرفوضين اجتماعياً المبعدين دينياً من المحافظة, ومنهم الشخص المدعو أيمن زهر الدين صاحب السوابق الجنائية والذي تم طرده من السويداء على خلفية سوء سمعته الأخلاقية، كما تضيف بأن هؤلاء لا يعبرون عن رأي أو سلوك الطائفة الدرزية بل يعبرون عن مواقفهم الشخصيّة.
كما ردت مجموعة من مشايخ الطائفة في بيان عبروا فيه عن موقفهم الرافض لهذا الموقف الشخصي من أصحابه مؤكدين على عدم تمثيلهم للطائفة لا من بعيد ولا من قريب.
* سجل الفتن
وبحسب رؤية ناشطين في السويداء فإن هذه المحاولة الإعلامية التضليلية تأتي بعد عدة محاولات في السياق نفسه حاول النظام خلالها زرع الفتنة بين أبناء السويداء وجيرانهم في سهل حوران، والتي باءت بالفشل ثم تبعها بمحاولات الطائفة لإشعال نارها بين دروز جبل الشيخ وجيرانهم من أبناء منطقة الغوطة الغربية ولم ينجح، إذ تم احتواء الأزمة المصطنعة من قبل العقلاء من الطرفين، ثم أتى دور منطقة حضر وقراها في تجربة خلق صدام مع أبناء القنيطرة، ولم تكن مدينة جرمانا خارج محاولاته بزجها في صراع لصالحه مع أبناء الغوطة الشرقية.
إذاً تأتي هذه المحاولة الجديدة على الأرضية نفسها وللهدف نفسه وهو :تصوير السويداء على أنها المنطقة الموالية المؤيدة لسلوكه الموافقة على أسلوبه في الحل الأمني الذي انتهجه منذ اليوم الأول للحراك الثوري في سوريا، علماً أن مشايخ عقل الطائفة الدرزية تحديداً كانوا قد أصدروا بياناً سابقاً أعلنوا فيه جهاراً اعتراضهم على الحل الأمني الذي لن يجدي نفعاً بل سيزيد الأمر تعقيداً.
ليس غريباً أو جديداً على أحد حجم الزيف والتزييف وتشويه الحقائق التي لا يكلُّ النظام السوري من إنتاجها وتسويقها عبر وسائل إعلامه كافة، لكن من الملحوظ أن رواياته التضليلية هذه المرة والتي انداحت على وسائل إعلامه المرئية والمسموعة والمكتوبة وعلى الصفحات الالكترونية التابعة والمؤيدة له تتصاعد طرداً في كل مرّة يرى فيها تصاعداً في حراك منطقة ما سياسياً كان أو عسكرياً.
فكيف إن كانت السويداء بما تعني له من خصوصية اجتماعية كأقلية تُذهب نظرية الأصوليات والإمارات السلفية التي ابتدعها أدراج الرياح وكخصوصية جغرافية محاذية لحوران من جهة والمفتوحة على الحدود الأردنية من جهة ثانية.
كما وقد راح تطور الحراك الثوري فيها يأخذ أبعاداً غير مسبوقة الأمر الذي استوجب منه هذه المحاولة لإبعاد النظر وتحييده عما يجري في هذه المحافظة.
سارة عبدالحي - السويداء - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية