ورش تصنيع السلاح في سوريا.. بدائية لكنها أفضل من وعود العالم الفارغة بالتسليح

في ظل ما اسمته الحاجة الماسة للسلاح، رصدت "نويورك تايمز" في تقرير لها من شمال سوريا، كيف يقوم الثوار بتطبيق مقوله "الحاجة أم الاختراع"، حيث يقدمون على تصنيع أسلحتهم الخاصة، بعد أن لم يحصدوا سوى وعود معسولة من العالم بتسليحهم.

ووصفت الصحيفة المصانع التي ينتج فيها الثوار أسلحتهم بأنها بدائية، ولكنها عنصر مهم في حرب غير متكافئة في تسليح طرفيها. 

وقالت "نيويورك تايمز" إن إنتاج تلك الورش، يتنوع بين تصنيع ذخائر أسلحة رشاشة وقنابل يدوية وصواريخ وقذائف هاون، فضلا عن تجهيز العبوات المفخخة.

أبو طراد، قائد ميداني على جبهة سراقب في إدلب، يقول: الجميع يعلم أننا لا نملك أسلحة التي نحتاجها للدفاع عن أنفسنا..لكن لدينا إرادة، رغم أن أدواتنا متواضعة، يقول ذلك بينما يهم بدخول إحدى ورش تصنيع السلاح.

ورغم ما تعرضه الصحيفة عن تراجع دور هذه المصانع البدائية، نظرا لأن منتجاتها لم تعد تلبي الحرب الشرسة التي يخوضها النظام بأسلحة فتاكة ومتطورة، فإن هذه المصانع ما تزال حاضرة في المشهد العسكري للثوار، لاسيما أن الدعم الخارجي محدود وقليل، وحتى قليله يتأخر أحيانا في الوصول إلى الجبهات بالوقت المناسب.

الرائد محمد علي، قائد لواء أحفاد النبي، يقول: إنهم يعدوننا بأشياء في كل وقت، ونحن الآن في السنة الثالثة، وحتى الآن لدينا الكثير من القرارات، ولكن لاشيء على ارض الواقع".

أبو طراد وثوار آخرون يؤكدون أن ورش التصنيع الحربي ضرورية، ويعتبرون أن عمال هذه الوش مثلهم مثل مقاتلي الجبهات، جزء أصيل من الثورة، قائلا: الأم التي تطبخ للمقاتلين من الثورة والجرحى من الثورة، والعامل الذي يصنع قذيفة من الثورة، وكذلك المسعف.

وأشارت "نيويورك تايمز" أنها نجحت خلال مهمات سابقة لصحافييها في التحدث إلى مصنّعي قذائف وقنابل في إدلب وحلب، لكن هؤلاء كانوا يرفضون إدخال الصحافيين إلى ورشهم، أو اصطحابهم إلى الجبهات لمعاينة تلك الأسلحة المصنعة محليا. 

لكن الصحيفة نجحت مؤخرا في زيارة إحدى ورش التصنيع في سراقب، قائلة إن هذه الورشة جزء من سلسلة أكبر حجما وأكثر تعقيدا، موضحة: في هذه الليلة، تلقت الوشة دفعة من فوارغ قذائف الهاون، صنعت في مكان آخر، رفض العمال الكشف عن موقعه، واكتفى بالقول إنه "تحت الأرض".

وتشرح الصحيفة كيف يتولى العمال في "ورشة سراقب" تشذيب قذائف الهاون وتجهيزها قبل أن تغدو صالحة لتعبئة المواد المتفجرة بداخلها. 

وبعد ذلك عملت على قذائف من قبل الماكنه في مخرطة، الذي شكل الأنف بحيث يكون الصمامات المصنوعة محليا يمكن أن يضاف. وقال العمال أن يتم نقل جولات إلى محل آخر حتى الآن إلى أن تكون معبأة مع ملء المتفجرة.

وأخيرا، ترسل القذائف إلى الجبهة ليتم تجريبها على مدفع 125 ملم، هو في حقيقته مدفع دبابة من نوع تي 72 اغتنمه الثوار سابقا، و"حرفوه" ليصبح مدفعا هاون.

واعتبر أبو طراد أن هذه الهاون من الأسلحة الفعالة في مهاجمة حواجز جيش النظام، وأن قذيفة الـ125 ملم ترعب جنود بشار.

في مصنع آخر، في ريف حلب، نصادف أبو وليد، وهو مهندس كهربائي شاب قال إنه نجح وزملاؤه في تصنيع مادة "RDX" شديدة الانفجار، لكن أشار إلى وقوع عدة أشخاص ضحايا بينما كانوا يصنعون مواد متفجرة، ما يستدعي حذرا شديدا.

وفي ورشة أخرى، عرض رجل كيسا من البلاستيك يحوي ما قال إنه مواد متفجرة استخرجت من قنابل ألقتها طائرات النظام، لكنها لم تنفجر، قائلا: هذا ما ما يرسله لنا بشار، ونحن نعيد استخدامه.

ويقول عامل آخر: إنها 10 دقائق فقط، هو ما نحتاجه من الوقت لفتح القنبلة غير المنفجرة.. نفك صمامات الانفجار ثم نقطع القنبلة باستخدام مخرطة.

وتابع: في البداية نعثر على المواد المتفجرة بشكل صلب مثل الحجر، ثم نفتتها إلى قطع، قبل أن نقوم بطحنها للتحول إلى مسحوق.

ونظرا لكمية المتفجرات الكيبرة في قنبلة الواحدة التي تلقيها الطائرة، والتي قد تعادل 100 كيلو، فإن التعاطي مع القنابل غير المنفجرة لايمكن ان يسمح بأي مجال للخطأ، حيث يقو احد العمال: إنه خطأ لايعني فقدان أحد أطرافك، بل يعني تحولك إلى أشلاء.

هذه الورشة تصنع صواريخ من طراز "راكان 1"، وهي عابرة عن أنابيب يعادل طول الواحد منها حوالي 1.2 متر، وتحتوي على خليط من نترات البوتاسيوم والسكر. 

عمال الورشة يقولون إنهم ينتجون صاروخين يوميا من هذا الطراز، ويؤد أبو فوزي، البالغ 23 عاما، وهو تاجر أثاث سايفقا، ساهم في تصميم "راكان 1"، موضحا أن التصميم كان بطريقة "التجربة والخطأ".

واوضح ابو فوزي: في الأشهر الأولى كنا نحاول ونكرر التجارب، وكنا نبحث في الإنترنت، وفشلنا، حيث لم نجد أي شيء مفيد، بعدها عتمدنا على أنفسنا وشيئا فشيئا، بعون الله، تعلمنا كيف نصنع الصواريخ.

زمان الوصل - ترجمة
(119)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي