أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مائدة الكلام ... عبدالرحمن مطر


طاولة الكبار، مجدداً.. الثورة السورية أمام " ثمانيّ " القدرة والقوة، وهذه المرة، برغبة أوباما، بعد أن نطق جوهرته التي تعب الكثير منّا في انتظارها، وليس البحث عنها، بشان دعم الثورة السورية. اليوم بعد اجتزنا عتبة المئة ألف شهيد، ومليوني مهجر، وألاف الجرحى، ودمار شامل. بعد أن بلغ تعداد الضحايا السوريين ملايين الذين آمنو بالحرية، ثم تركوا يوضعون ببشاعة على مذبحة الكلام الذي لاينتج صبحاً جديداً.
بين تقريرين يتوجه أوباما لطرح حل للأزمة السورية، أمام قادة الثماني في اجتماعهم اللاحق، وبعد لم يجفّ حبر وعودهم التي قطعوها للسوريين، في اجتماعهم الماضي. دون أن يتخذ أي إجراء من شأنه أن يشكل قيمة مضافة في معني دعم الثورة السورية. بل العكس من ذلك، يوغل القتلة في مهرجان الموت المحلّى بالعبث الدولي، عبثٌ حتى آخره.
التقرير الأول يتحدث عن إقرار الولايات المتحدة، باستخدام النظام السوري لأسلحة كيمياوية، في مواجهته لقوى الثورة، وهو في الحقيقة لم يتوقف عن استخدامها بحق المدنيين في محاولة لخنق الإنتفاضة، منذ يناير كانون أول 2012.ليس ثمة جديد في هذا على الإطلاق، كان السوريون قد حذّروا مراراً المجتمع الدولي، بالأدلة القانونية الثابتة، من لجوء النظام الى هذا الخيار، دون أن يستطيع شيئاً – ولو متأخراً – للجم النظام الذي استمر في تطوير استخدامه المحدود تدريجياً للغازات السامة، ذات الفاعلية المباشرة على الأفراد، بصورة خاصة، مع تعدد الأماكن ذات الحراك الثوري الأشد فاعلية.
اما التقرير الثاني فهو يتصل بالانتهاكات الواسعة للحقوق والحريات،التي ينتهجها نظام الأسد، وفقاً لرؤية وسلوك ممنهج، في عملياته العسكرية والأمنية وممارساته السياسية. تقرير مجلس حقوق الإنسان، يدين النظام ولكن الإدانة التي لاتمثل جزءاً من فعل دولي واقليمي، من حيث أليات العمل السياسي، تجعل منها بلا قيمة، في غالب الأحيان ..بل محرّضاً فعالاً للنظام للمضي في طغيانه بشكل أكبر.
لايعني التقرير بالنسبة للسوريين، سوى أنه وثيقة قانونية دولية، نحن بحاجة اليها في المستقبل، إذا ما تقرر جدياً محاكمة النظام. لم ينتظر المجتمع الدولي حل الأزمة، أو التفاوض والتسوية، كي يبدأ في محاكمة رموز الحرب في البلقان. في الحالة السورية ثمة عدة تقارير وطنية ذات طبيعة قانونية حرفية ودقيقة، توثق بمصداقية، انتهاكات حقوق الإنسان، والجرائم المندرجة في الإطار القانوني، دون أن تشكل دافعاً فعالاً حتى اليوم، لتجاوز موقف الإدانة، الى نحوٍ يسهم في إيقاف المذبحة الكبرى.
لست أدعوا الى أي تدخل من نوعه، في سوريا. لكن الإرادة الدولية والإقليمية، بشأن إيجاد حل فعّال للأزمة السورية، حال توفر مصداقيتها، يمكن لها أن تُشعر النظام بجدية الموقف الدولي، الذي يتسم باللامبالاة حيال مايجري، على أقل تقدير. أما النظام السوري فهو بارع في التقاط إلماحات واتجاهات المواقف الدولية وتوظيفها لصالحه.. هو نظام يجيد بدقة هذا الإستشعار، ويستخدمه بفاعلية وذكاء عالٍ.
ولن يتأخر كثيراً عن الإستخدام الأمثل لمعطيات القرار الأميركي بالدعم، ومقررات مؤتمر علماء المسلمين الذي دعا الى وجوب الجهاد من أجل سوريا، مضمخة بفتوى الجهاد، كي تنتقل الحالة السورية الى ماهو أبعد في ممارسة الإلغاء، بوسائل عنف دامية أكثر. لاشك ان تزامن الأمرين فيه من الاحتمالات مايعجّل بتوسيع المحرقة، لتطحن وتلتهم السوريين أكثر. وكأن المجتمع البشري، يحب أن يطيل غفوته، كي ينهي السوريون حكايتهم المرّة، دون أن تخدش إنسانيتهم زرافات الموت والتشرد في ظهيرة الصمت المريع.
أما أن يبقى المجتمع الدولى، والإقليمي، يرشق وعوداً برّاقة، كلما وضعت المسألة السورية، على موائد النقاش، دون أية نوايا واستراتيجيات ومصداقيات حقيقية، سوف تظل باهتة . وما يعزز استمراريتها هو خواء المعارضة السورية، المنشغلة بقضايا المحاصصة،عن المهمة الوطنية الملّحة. مايريده السوريون هو إيقاف الموت أولاً.
-----------------
كاتب سوري

(122)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي