أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حسن نصر الله وخطاب الكذب... فرحان الأسمر

كانت واضحة محاولة نصر الله في خطابه الأخير أن يبدو منسجماً مع نفسه ، وجهد كثيرا كي يبدو كلامه متسقاً خالياً من التناقض الداخلي ، لكن محاولته هذه هي التي أوقعته في التناقض الذي هرب منه ، يقول نصر الله : ( أن قصة المواجهة بين شعب ونظام خلصت من زمان ..... ويضيف ، كان هناك جزء من الشعب ضد النظام ، وجزء آخر كبير من الشعب مع النظام وكنا مع هذا الجزء .. ) وللتقليل من أهمية الجزء الذي ضد النظام باعتبار أن كلمة ضد لا تتناسب مع نظام خلق ليكون أبدياً ، يستدرك نصر الله في زلة لسان ويقول ، جزء من الشعب خرج يريد الاصلاح ونحن معه من أجل الاصلاح وليس لتدمير سوريا ونحن مع النظام من اجل الاصلاح وليس لتدمير سوريا .....!


أولا يعترف نصر الله أن البداية كانت مواجهة بين النظام وجزء من الشعب السوري ( دون أن نجادله بحجم هذا الجزء ) واعترف أيضاً وبزلة لسانه كما سبق وذكرت أن هذا الجزء ماكان يريد إلا الإصلاح ... فإذا كان نصر الله صادقاً بأنه مع الشعب السوري وضد من يدمر البلد ، فماذا فعل وقتها من أجل الشعب السوري ؟ ماذا قال لحليفه الذي واجه الانتفاضة بشعار جاهز ومعد سلفا ( الأسد أو نحرق البلد ) ألا يدعى هذا بلغة القانون جريمة مع سبق الاصرار والترصد ؟ وماذا قال لحليفه النظام السوري عندما قتل المتظاهرين السلميين وداس على رؤوسهم وأجسادهم ودمر بيوتهم وشرد أسرهم ؟ ماذا قال له عندما أطلقت قواته النار على معتصمي ساحة الساعة في حمص واقتلعت حنجرة القاشوش وقتلت غياث مطر ، بل قبل ذلك ماذا قال له عندما نكلت قواته بداعية اللاعنف جودت سعيد وسحلت المفكر طيب تيزيني أمام وزارة الداخلية في دمشق ؟؟ قبل الغزو الأمريكي للعراق توجه نصر الله لصدام حسين لينصحه بالبدء بمشروع ديمقراطي حقيقي كي يلتف الشعب العراقي حوله في مواجهة الغزو الامريكي ، فبماذا نصح حليفه النظام السوري في مواجهة الانتفاضة الشعبية بغير نصائح القمع والامعان فيه ؟ هل من جواب أو تفسير إلا أنه يكذب ويكذب ولا نهاية عنده للكذب ... نعم لقد سحق النظام كل القوى المدنية والديمقراطية للانتفاضة السورية تحت سمع وبصر ومباركة حسن نصر الله وسيده الولي الفقيه ثم يأتي ليدعي كذبا أنه مع الشعب السوري...!

يتحدث نصر الله عن قدوم عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب إلى سوريا للقتال ضد النظام وأنه كان آخر المتدخلين ، هنا أيضا يدس نصر الله الكذب بين بعض الصدق ، نعم دخلت إلى سوريا أعداد من المقاتلين الأجانب وهم في معضمهم إن لم نقل كلهم تكفيريون متطرفون ، وهؤلاء أساؤا للانتفاضة السورية أكثر بكثير مما أفادوها ، فلقد جاء هؤلاء بأفكارهم الخاصة التي لا تعني الشعب السوري ، وهم بذلك حرفوا الانتفاضة عن خطها السليم وقدموا للنظام وحلفائه الذريعة التي تسمح لهم بالهروب من التوصيف الحقيقي للمشكلة وهي مشكلة شعب يريد الحرية من نظام مستبد ، وهؤلاء كذلك كانوا أحد أسباب عدم تمكن المعارضة السورية من تجذير خطابها ليستقطب باقي الشرائح الشعبية المترددة والمتوجسة .. هذه الأشياء الصحيحة أراد نصر الله أن يخفي معها كذبه في مقولة أنه كان آخر المتدخلين ، نعم هو آخر من أعلن لكنه كان متدخلا من اللحظة الأولى ، باعلامه ومحلليه السياسيين الذين دعوا من الأيام الأولى للحسم العسكري ، متدخلا من خلال مرجعيته في طهران التي اعتبرت واعتبر معها أن تحرك الجماهير السورية هو جزء من مؤامرة كونية ، كما ذكرت بعض التقارير تدخله الفعلي في معارك الزبداني الأولى

يتحدث نصر الله أنه يواجه مشروعاً أمريكياً إسرائيلياً تكفيرياً ، كي تستقيم كذبة نصر الله في تبرير تدخله عليه أن يفصل بين المشروع الامريكي الاسرائيلي والمشروع التكفيري في سوريا ، وأنا هنا لست في وارد الدفاع عن أي من المشروعين فكل منهما شر على سوريا مثلهما مثل المشروع الروسي أو الايراني ، وهنا أعتمد على كلام نصر الله ذاته عندما توجه للتكفيريين ولتنظيم القاعدة بالاسم ناصحاً بقوله : إن الغرب ينصب لكم كميناً في سوريا... فكيف له أن يقنعنا اليوم أنهم أصحاب مشروع واحد ؟ ثم ألم يعتمد الشبيح الاعلامي ناصر قنديل ( والناطق الرسمي باسم حزب حسن نصر الله ) في عده التنازلي لترقب تغيير الموقف الأمريكي وتحوله لصالح النظام ، ألم يعتمد على اقتناع الغرب والامريكان بخطورة جبهة النصرة وبضرورة وجود نظام الأسد لمحاربة التكفيريين ؟ أليست هذه هي استراتيجية وليد المعلم ومعلمه لافروف ؟ أليست هذه غاية الجهود التي يبذلها بوتين لإقناع الاسرائيليين بما هم مقتنعين به أصلا من أن نظام الأسد هو الأكثر طمأنة لهم ؟؟
نصر الله مزعوج من الخطاب المذهبي ! ونحن نشاركه هذا الانزعاج بل نشعر بالقرف والخطر على مصير ومستقبل الشعب السوري من تبعات هذا الخطاب المقيت المتخلف ، لكن نصر يصر على الكذب عندما يحمل الآخرين ( وهم ليسوا جميعا أيرياء ولا شك ) مسؤولية هذا الخطاب ويبرء نفسه ! ويبرء حليفه النظام السوري ! أليس كلام مسؤولي النظام وتهديدهم بالحرب الطائفية هو تمهيد للخطاب الطائفي والمذهبي ؟ أليس كلام بوتين ( منذ الأشهر الأولى ) أن المعارضة السورية تهدف لإقامة نظام سني هو تمهيد للمذهبية ؟ أليس إجبار الناس على القول لا إله إلا بشار إثارة للمذهبية ؟ أليس الدوس على لحية شيخ وضربه ليهتف بالروح بالدم نفديك يا بشار هو إثارة للمذهبية ؟ ثم أليس حزب نصر الله ذاته حزباً مذهبياً ، أم أنه من بقايا الأممية الثالثة ونحن لا ندري ؟؟؟ نصر الله يعرف كل هذه الحقائق لكنه مصر على الكذب !

لو كان نصر الله فعلا غير مذهبي لكان أدان كل التصرفات المذهبية ورفض الخطاب المذهبي من أي جهة كانت ، من عنده أم من عند الآخرين ، لا أن يأخذ حادثة أو حوادث من الطرف الآخر ليبني عليها موقفا استراتيجيا باعتبارها تمثل كل السنة بينما يبرر تصرفات وخطاب فريقه باعتبارها تصرفات فردية حدثت بظروفها ولها ملابساتها ، مثلما تدين كلام العرعور مثلا عليك يا نصر الله أن تدين كلام أمين عام حزب الله العراقي الذي يعتبر أن على الشيعة القتال مع النظام السوري لأن المهدي سيخرج من حرستا ، وكما تدين أغاني التكفيريين ضد الشيعة ونحن معك وقبلك في إدانتهم عليك أن تدين توزيع الحلوى في الضاحية بعد معركة القصير ، وكما ترى برفع راية الحسين تصرفا فرديا عليك ألا تبني مواقف على تصرفات مشابهة بل اعتبرها أيضا فردية .. إن أردت أن تكون صادقاً ولكن هيهات ! 
 
يتباهى نصر الله بأن تدخله كان مجدياً وأن الوضع بعد تدخله ليس كما قبله وهذا يناقض كلامه عندما قال أن الجيش السوري ليس بحاجة للمساعدة ، ومن جهة ثانية يقول بلهجة تحدي أنه مستمر في حربه في سوريا ، ونحن نقول له إنك مضطر على الاستمرار وأن الكمين الذي حذرت منه القاعدة قد وقعت به في القصير لأن نظرك هذه المرودة كان قصير


(128)    هل أعجبتك المقالة (142)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي