أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقارنة...وفرح ... بلال حسن التل

ليل الجمعة الماضي جاء ليؤكد حجم البون الشاسع بين نبض أبناء الأمة وجماهيرها وتوجهاتها وتطلعاتها، وبين ممارسات المؤسسات الرسمية، دولية كانت هذه المؤسسات أم عربية، فمع انتشار خبر العملية الاستشهادية التي وقعت في المدرسة التلمودية في القدس انتشرت مظاهر الفرح بين العرب والمسلمين الذين اعتبروا هذه العملية رداً طبيعياً على المذابح التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في غزة وغير غزة، والفرح الشعبي الذي ساد العرب والمسلمين ليس مرده لأن أبناء هذه الشعوب مع القتل وسفك الدماء، بل مرده هو تعطش هذه الشعوب للحظات العز التي يتلقى خلالها العدو صفعة على وجهه مقابل كل عدوان يمارسه بحق أبناء أمتنا التي لم يعد لها إلا اللجوء إلى بندقيتها والالتفاف حول مقاومتها المسلحة، بعد أن تبين زيف المؤسسات الدولية ونفاقها ودجلها وانحيازها المكشوف والدائم للعدو الصهيوني، فمجلس الأمن الذي طالما رفض إدانة الجرائم الإسرائيلية في غزة وفي سائر أراضي فلسطين مثلما رفض إدانة الجرائم الإسرائيلية في لبنان، وهي جرائم واضحة استهدفت الأطفال الرضع والشيوخ الركع، بل لقد طالت جرائم إسرائيل جنود الأمم المتحدة ومقراتها في لبنان، ومع ذلك لم يتحرك مجلس الأمن لإدانة هذه الجرائم، في حين أنه لم تمض ساعات معدودة حتى تداعى هذا المجلس لإدانة العملية الاستشهادية التي تمت في القدس في ممارسة جديدة تضاف إلى سجل انحيازه الفاضح لإسرائيل رغم ما بين الممارسات الإسرائيلية والعملية الاستشهادية من فروق واضحة؛ فالطائرات الإسرائيلية وكذلك الدبابات والقناصة الإسرائيليون يستهدفون في كل مرة أحياء سكنية ويقتلون وبدم بارد أطفالاً رضعاً وشيوخاً ركعاً، ونساء عزلاً من خلال إرهاب دولة منظم ومدجج بكل أنواع الأسلحة، في حين أن العملية الاستشهادية استهدفت وكراً من أوكار التعصب والتحريض على العنف والجريمة، انطلاقاً من إيمان طلابها بأنهم شعب الله المختار، وأن من عداهم ''غويم'' يجوز قتلهم وتشريدهم، فمن المعروف أن المدارس الدينية في كيان العدو والمعهد الذي استهدفته العملية الفدائية في القدس هي ثكنات عسكرية يخرج من صفوفها أشد عناصر العدو تطرفاً وتعطشاً للدماء، سواء انخرط طلابها في جيش العدو أم في عصابات المستوطنين، ولذلك لا يجوز النظر إلى هؤلاء على أنهم مدنيون مسالمون، بل هم مقاتلون محترفون ومتعطشون للدماء، إضافة إلى ما هو معروف عن الكيان الصهيوني بأنه ثكنة عسكرية لا وجود فيه إلا للعسكر، سواء كان هؤلاء رجالاً أو نساء، أو حتى حاخامات، فهؤلاء جميعاً تحت السلاح، ومشاركون فعليون في العدوان على أمتنا، وفي خوض الحروب ضدها وفي الاستيلاء على ممتلكات أبناء فلسطين ومثلهم بصورة دائمة ومن ثم لا يجوز تصنيف طلاب المعاهد الدينية اليهودية على أنهم مدنيون، وبالتالي لا يجوز أن تتم المساواة بينهم وبين ضحاياهم من الأطفال والنساء والشيوخ وسائر المدنيين في فلسطين وغير فلسطين وحيث ما وصلت جرائم العدو الإسرائيلي.

العملية الاستشهادية التي وقعت في القدس ليلة الجمعة الماضية تؤكد أولاً على أن روح المقاومة ما زالت تسري في عروق أمتنا، وأن هذه المقاومة تعبير حي عن ضمير الأمة وما مواكب البهجة التي خرجت بعفوية في المدن العربية والإسلامية، إلا دليل صغير على هذا الارتباط بين الجماهير والمقاومة، مواكب تؤكد تعلق الناس بالمقاومة وإيمانهم بها، وأنها خيارهم الإستراتيجي، مهما جرى الترويج لخيارات أخرى.

فتحية لروح الشهيد - علاء أبو دهيم - بطل العملية الاستشهادية التي وقعت في القدس ليلة الجمعة الماضي، ولأرواح كل شهداء الأمة على درب التحرير الذي سيؤدي حتماً إلى الانتصار النهائي لأمتنا.


(102)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي