أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المقاومة الصنم... د. برهان غليون

عندما كان الصحفيون يسالونني وأنا رئيس للمجلس الوطني عن موقفنا من حزب الله، كنت اجيب انه ليس لدى الثورة السورية أي أجندة، لا في لبنان ولا في ايران ولا في أي بلد آخر. أجندتنا الوحيدة هي التخلص من نظام هدر حقوق السوريين جميعا، وعاملهم خلال نصف قرن كسلطة احتلال وحرمهم من أي شعور بالمواطنة أو الانتماء، ونحن نريد أن نبقى أصدقاء للجميع وعلى مسافة واحدة من الجميع.
وفي ردي على سؤال وول ستريت جورنال كيف سيكون موقفنا من حزب الله بعد انتصار الثورة قلت إن حزب الله بعد انتصار الثورة لن يكون كما كان قبل الثورة، أي أنني واثق من أنه سيتكيف بسرعة مع الوضع الجديد ويتعاون مع الحكم الديمقراطي ليحفظ مصالحه ووجوده. وفي أكثر من صحيفة كنت أقول إن أي حكم سوري قادم لن يسمح بالتضحية بقوة عربية مقاتلة في الوقت الذي لا تزال أراضينا محتلة من قبل إسرائيل وحقوق الفلسطينيين مهدورة.
حزب الله الذي لم يكن ليوجد أصلا، بالرغم من كل الدعم الايراني، لولا سورية، لم يعد لديه منذ سنتين أجندة أخرى، لا في إسرائيل ولا في لبنان، سوى القتال في سورية. فهو يرى في ثورة شعبها من أجل الحرية تهديدا لظهره، ولا يهمه قتل أبنائها وتدمير بنيانها والتضحية بشعبها إذا كان ذلك ثمنا لحماية هذا الظهر الذي يسميه المقاومة، بل إن هذا القتل يصبح واجبا جهاديا مقدسا. لاقيمة لسورية ولا دور، وطنا وشعبا، سوى حماية ظهر المقاومة، التي هي متجسدة حصرا في حزب الله، الذي هو قبس من نور الولي الفقيه السابق واللاحق والمنتظر.
بعد ان أباح لنفسه استملاك تراث المسلمين في سورية، ملكا حصريا، من مقام السيدة زينب إلى مقام كل من ينتمي إلى أهل البيت أو صحابتهم، ليبرر انخراطه في القتال إلى جانب الاسد، هاهو حزب الله يحول المقاومة إلى صنم إسمه حزب الله، ويطلب من الجميع عبادته إلى الابد، على مثال حافظ الأسد وعائلته. بصرف النظر عن أفعاله وصفاته. يستطيع الحزب أن يقاتل إلى جانب اسرائيل ويدافع عن أكبر نظام حمى اسرائيل، باعتراف الاسرائيليين أنفسهم، وأن يدمر البلد الوحيد القادر على أن يقف في وجه اسرائيل، ثم يستمر بالمطالبة بحقه في احتكار ريع المقاومة واسمها، وبجعلها ماركة مسجلة له ولايران الخمينية وأتباعها من بعدهها.
لسوء حظ الحزب وقادته أن شعار الثورة السورية المجيدة وهدفها، وهو تحطيم الأصنام، هو أيضا جوهر الاسلام الذي قضى على عبودية الولاء والانتماء ليؤسس لدين الايمان والعدل والمساواة والمباديء السامية التي تتجلى، من دون أقنعة، في ضمير كل فرد، وتصله بمصدر كل مبدأ ومعنى، دون وسيط من بشر أو حجر.
ومع ذلك، وبالرغم من كل ما حصل، نكرر أن ليس للسوريين الثائرين على جور الاسد وزبانيته وأزلامه وأنصاره، داخل سورية وخارجها، أي أجندة خارجية، ولا مصلحة لهم باستهداف أحد، لا دولة ولا شعبا ولا طائفة، ما لم يتدخل هو نفسه في شؤونهم ويعلن مشاركته في معركة إخضاعهم وتطويعهم لنظام الرق والعبودية الهالك.
 "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( 39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ"

عن صفحته الرسمية "الفيس بوك"
(123)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي