لم أعتقد بضرورة الكتابة أو كشف بعض المستور من رحلة "زمان الوصل" بطول السنوات الثماني الماضية من عمر الجريدة، فنحن كفكر لا نؤمن إلا بالعمل مهما كانت مرتبة من أنجزه من الزملاء.
ولكن استفزني ماكتبه مستشار التحرير صديقي الدكتور عوض السليمان الذي رافق صحيفتنا في طفولتها ومراهقتها وبعد اشتداد عودها ولم يبخل بنصيحة أو حتى موقف جر له العداء من بعضهم.
لم نحب الشهرة يوماً ولم نسعَ لها ولم نحاول البته استثمار – كما يحلو للبعض تسميتها – المعارف والعلاقات، لم نلتفت للخلافات والتجاذبات التي كانت تحدث أحياناً ..... شخصياً لم أهتم برأي الآخرين بنا إن كان نابعاً من حقد وتجريح وليس من باب الحرص والموضوعية.
وقفنا مع الجميع اعتبرنا أزمات بعض الزملاء وهمومهم مشاكل تخصنا نشرنا للبعثي والعلماني والمتدين، لنثبت للجميع أننا مع الرأي بلا قيود ولا ننكر فضل كل من أيدنا ووقف معنا.
"زمان الوصل" أشعلناها ثورة قبل الثوار فنحن لم نختر أن نكون مع المعارضة أو حتى الإغراءات التي عرضها علينا النظام يوماً ما، وانساق لها كثيرون. فمن تابعنا منذ البدايات وقرأنا بتمعن يعلم أن همنا الحقيقة ونشر ثقافة الاختلاف والحوار لا الخلاف وردات الفعل غير المحسوبة، حاولنا قدر الإمكان توخي الدقة والموضوعية وأن نكون مهنيين.
امتطى البعض جهدنا وسرق كثيرون حلمنا، تعبنا من الاستدعاءات وغرف التحقيق وأقبية السجون والحجب .... لكننا كنا نعود أقوى متشبثين بالحلم.
"زمان الوصل" كبرت بجهد وعرق الفريق و"عصابة" أعتبرها الصف الأول فيه منهم من تركنا لضعف أو ربما خوف وبعضهم من رسم طريقه بعيداً عنا بكل محبة.
"زمان الوصل" الحلم .... حلم صديقي "البيوض" وحلمي، حلم ضحكت عندما استدعاني للمكتب وسألني مطلقا ًيده رافعاً خصلات شعره: أتعمل معي في "زمان الوصل"؟
ضحكت، ظننته يمزح فالإسم لم يذكرني إلا بقصيدة "جادك الغيث" للسان الدين بن الخطيب والتي قال فيها"جادك الغيث إذا لغيث همى يا زمان الوصل في الأندلس"، قلت: أعمل ...... , ومضى يشرح لي الهدف والتطلعات وسياسة التحرير.
يتكلم بحماسة وإحتراف ونظافة أفتقدها حتى الآن عند كثيرين، مضينا من مكتب متواضع يطل على مسجد خالد لنعانق السماء بآخر وسط المدينة.
حمص والتي أصر "البيوض" ان نتجذر فيها ونكبر من خلالها بعد فشل تجربة دمشق .... وعلى ما أذكر فمن وسط شارع الحمراء في دمشق تركته يعزيني بدل ان أواسيه فشل حلم أن نكون في العاصمة : "لاتحزن .... غداً ألحقك إلى حمص والسنة القادمة بهذا الوقت أنت تكون في لندن وأنا في باريس ندير "زمان الوصل" من هناك ........ "
وفعلاً تحققت النبوءة ... فمن حمص إلى الدوحة وصل صوت "زمان الوصل" مزلزلاً في كل العواصم, ولم يعد مهماً أن نكون هناك بأجسادنا.
ذكريات لازالت بشدة الفولاذ ولمعان الذهب، مشوار بطول ثماني سنوات لايستطيع الحبر ولا البلاغة تسجيله وأعتقد من الصعب أحياناً تصديق ماعشناه.
" صديقي فتحي: ليكن دائماً حلمك مستحيلاً .... لنصل لتحقيق الممكن منه ... "
هي تحية مني لرفيق الدرب وصناع الحلم وبعض المندسين والمجهولين" عمر – همام – محمد – عوض – حسام
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية