مذيعات العربية وحرارة الحرب... وليد الفارس

ترتفع حدة الحرب في سورية اليوم حتى تتجاوز متوسطات أرقام القتلى في عموم البلاد المائة، تقصف مناطق وتستهدف أخرى وترتفع وتيرة الاشتباك، يشرد الناس بالآلاف يومياً ويُعتقل غيرهم، يغيب عن بيته يومياً أرباب منازل وشباب ملئوا البيوت ضحكةً وفرحاً في وقت سابق, وبين كل هذا الزحام يحاول المواطن السوري تلقف خبر ينعش له روحه ويعيد إليه التفاؤل وابتهاج الحياة.
الإعلام العربي والعالمي عبر شاشاته يقدم الخبر أولاً بأول كل بأسلوبه، تتصدر سورية قائمة الحدث غير أن بلدان العالم الأخرى ليست بمنأى عن الألم والهم اللذان يملأن حياة المواطن العربي فتعكسه القنوات العربية والأجنبية حدثاً تبثه وتسلط عليه الضوء في محاولة منها لمساعدته على تجاوز منحته فتبذل دوراً كبيراً ومحموداً في هذا الجانب.
البعض يرى في تلك "الطلات" لمذيعات قناة العربية باللكنة القريبة من الناس واللباس العادي الذي قد تراه في الشارع أو في الحفلات قد يرى في هذا المظهر خروجاً من هموم الخبر وكسراً لثقل وطئته على الناس, تفاعل المذيعات بحركات الوجه وخفض الصوت ورفعه يجذبك للخبر بشكل كبير وربما تجذب الكثيرين الألوان المبهجة للباس المذيعات، أحدهم أخبرني أنه يتابع نشرة السادسة ليتعرف على "ماذا ترتدي نجوى اليوم!"، وأخر يفضل النشرة الجوية مع أنه محاصر في حيه تمطره قذائف وصواريخ ولا يستطيع الخروج من منزله أغلب الوقت, وغيره يتابع المذيعة الفلانية وحتى أناقة المذيعين لافتة هي الأخرى وقد تمثل خروجاً من الخبر ذاته.
الحرب في سورية ترتفع حرارتها كل يوم يرافقها ارتفاع الحرارة لفصل الصيف فتتغير مظاهر المذيعات, قد يتغير الخبر من يوم إلى أخر لكن الظروف العامة في سورية تحافظ على شكل ألمها وحزنها ويتسع جوهرها بؤساً، لا أستطيع أن أنكر أن الخبر يتغير عندما يخرج من مذيعات قناة العربية لا أقصد جوهر الخبر وإنما أعني شكله وإطاره وطريقة إخراجه حيث أتأمل في شكل الدمار وحجمه وشدة القصف وقوته من حولنا وطريقة خروج الخبر من مذيعات العربية...إنه تغير كبير في إطاره العام والمقارنة صعبة للغاية.
القصف فوق محرسٍ في حي الخالدية الحمصي وفي منزل شبه مدمر في حي باب هود أو في مزرعة في الريف الشمالي تخرجك المذيعة -مع أنه تتكلم عنك أو عن منطقتك فأنت الخبر اليوم-من الجو العام الذي يحيط بك، لا أعرف إن كانت حدة القصف تتغير وقت نشرات الأخبار لكنها على أي حال تبدو كذلك للكثير من المقاتلين.
هذا يدفعنا لسؤال مهم في هذه الأيام هل يؤثر المظهر على جوهر الخبر؟، هل يغير قناعات المشاهد؟، وهل على وحدات الإخراج أن تبدأ بإعادة النظر بتلك المقارنة بين المذيع والخبر الذي يعرضه؟، كل ما استطيع أن أؤكده أن الخبر لم يعد هو العنصر الأول لجذب المتابع للنشرة اليومية.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية