فيسك ينقلب على نصر الله.. وعدت بعدم اختراق حدود إسرائيل، واخترقت حدود سوريا!

نصر الله ظهر قبل 13 عاما في جنوب لبنان على مرأى من الجميع وعلى مقربة من "العدو الإسرائيلي" ليقول إنه لن يجتاز الحدود نحو إسرائيل، ولكنه عندما أعلن عن اجتيازه حدود سوريا، قال ذلك متخفيا من وراء شاشة!
فجر الصحافي البريطاني روبرت فيسك قنبلة مدوية، بخروجه عن سياق تأييده الذي عرف به لمليشيا "حزب الله"، حين كشف في مقال له نشرته "ذي إندبندنت" عن خبايا هذه المليشيا التي تدعي مقاومة إسرائيل، معتبرا أن خطاب زعيم المليشيا الأخير يضع لبنان في أخطر منزلق عرفه هذا البلد منذ الحرب الأهلية المدمرة.
وأشار فيسك إلى مفارقة خطيرة في مدلولاتها، وهي أن نصر الله ظهر قبل 13 عاما في جنوب لبنان على مرأى من الجميع وعلى مقربة من "العدو الإسرائيلي" ليقول إنه لن يجتاز الحدود نحو إسرائيل، ولكنه عندما أعلن عن اجتيازه حدود سوريا، قال ذلك متخفيا من وراء شاشة!
وقال فيسك في مقاله: زعيم حزب الله الذي قال قبل 13 عاما بالضبط أن حركته المقاومة لن تعبر الحدود الإسرائيلية لتحرير القدس، صرح بأنه عبر الحدود السورية، وليس ذلك فحسب بل إن حسن نصر الله أعلن في خطابه الأخير أنه سيقاتل حتى النهاية لحماية نظام بشار الأسد.
وتابع فيسك: كنت واقفا على سطح أحد المنازل في بلدة بنت جبيل جنوب لبنان، عندما سمعت هذا الوعد من نصر الله قبل تلك السنوات، حزب الله لن يتقدم نحو فلسطين.. تنفسنا جميعا الصعداء.
وتساءل: ما الذي حدث؟ في تلك الأيام، ظهر نصر الله بشخصه وهو يقف وسط مقاتليه المتيمين به وأسرهم، وهو يعيش الآن في الخفاء، هل أصيب نصر الله بعمى؟ لقد قال إنه يتلقى رسائل من أسر تستجديه أن يسمح لأبنائها بالقتال في سوريا، ربما هي بصيرة الكفن!
وواصل فيسك: بطبيعة الحال، وبشكل لا مفر منه. وفقط خلال الشهر الماضي، اكتشفت رجالا من حزب الله يتولون حماية مقام السيدة زينب في جنوب دمشق، لا تقول إنك رأيتني هنا.. قال واحد منهم لي، قالها بروح رياضية فيما كان يعلق في مكتبه صورة لنصر الله والمرشد الإيراني خامنئي على جدار مكتبه، وقال لي إنه جاء من بلدة بنت جبيل!
بعد ذلك بيومين، اعترف "حزب الله" علنا أن عناصره "يحرسون" المقام، ثم قالوا إن 12 منهم قتلوا. ولست أعلم إن كان محدثي ابن بنت جبيل منهم.
لعدة شهور، كان حزب الله يقر ولكن بهدوء أن مقاتليه "يحمون" قرى شيعية داخل سوريا فيها سكان لبنانيون. ثم بدأت الجثث تتوافد على لبنان، واحدة في البداية، ثم 6، ثم صاروا بالعشرات.
وذات مرة وعندما قرر حزب الله أن يلتزم بمعركة القصير جنباً إلى جنب مع قوات بشار، ادعى متحدث باسم هذه الميليشيا الشرسة أن بعض مقاتليها كانوا في طريقهم إلى المقام في دمشق ولكن ضلوا الطريق ووجدوا أنفسهم في مواجهة ضمن أرض لا تتبع لأحد! ولكن عندما عادت أكثر من 30 جثة إلى لبنان، كان على نصر الله أن يقول ما قاله.
تحدث نصر الله كثيراً عن فلسطين والمسجد الأقصى، ولكن رجاله كانوا يتحركون شرقاً إلى سوريا، وليس جنوباً إلى فلسطين، وسيحكم التاريخ على نصرالله عبر هذا الخطاب.
تحدث، بطبيعة الحال، عن خطر "المتطرفين" الذين يحاولون الإطاحة الأسد، مدعيا أنهم يشكلون أيضا خطراً على لبنان، وأن سوريا الأسد هي العمود الفقري لحزب الله "والمقاومة لا يمكن أن تقف مكتوفة اليدين ومغمدة السيف "فيما يتم كسر ظهرها".
ما لم يقله نصر الله هو أن الميليشيات الشيعية تقاتل السنة السوريين، والسنة يشكلون 30 % من سكان لبنان، وهذا هو السبب في المعركة بين السنة والعلويين في طرابلس والتي اندلعت بشراسة يوم إعلان نصر الله قتاله إلى جانب بشار الأسد.
بكل بساطة، إنه قد يكون أكبر خطر على شعب لبنان، منذ الحرب الأهلية 1975-1990.
"إذا سقطت سوريا في أيدي أمريكا وإسرائيل والتكفيريين (السنة المتطرفين)، سيتم محاصرة المقاومة وإسرائيل سوف تدخل لبنان وتفرض إرادتها"، هذا ما قاله نصر الله على شاشة ضخمة نصبت في بلدة مشغرة في الذكرى 13 لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي ليلة السبت.
ما كان يقصده هو أن سقوط بشار، فإن الدعم السياسي والتسليحي ذي المنشأ الإيراني سوف ينتهي، ومن ثم لن يكون هناك حزب الله لطرد الإسرائيليين عند عودتهم.
وتساءل فيسك بسخرية: إذا حزب الله كما يصر زعيمه حركة "المقاومة"، فكيف لم يدعم المقاومة ضد بشار الأسد؟ وإذا كان الحزب كيانا لبنانياً صرفاً، وفق ما يؤكد نصر الله، فمن أين له الحق في إرسال مئات، بل آلاف، من رجاله لخوض معركة بشار الأسد؟
رسمياً، لبنان تنبنى "النأي" بنفسه عن سوريا، ولكن إذا ذهبت مقاتلون من أكبر تجمع جزبي للقتال من أجل بشار الأسد، فماذا تبقى من دعوى الحياد هذه؟ نصر الله قد يكون رئيس حزب الله، لكنه ليس رئيس لبنان.
وأنهى فيسك مقاله: في خطابه، وعد نصرالله أنصاره بـ"انتصار جديد". وكان الأجدر قوله... الدم يجر دماً، هكذا يقولون!
ترجمة: زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية