أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

صفحات مجهولة من تاريخ البعث العتيد -من شاهد عيان ... عدنان العلي

لقد هيأت لي الأقدارأن أكون شاهدا على مجريات وأحداث من تاريخنا الحديث منذ أكثر من نصف قرن عشتها شخصيا والذي يدفعني الآن أن أعيد قرائتها أن تلك الأحداث هي بنظري منعطفات مهمة في تاريخنا الحديث وقد لعبت دورا مهما في تشكيل تاريخ سوريا للخمسين اللاحقة وقد دونت بشكل خاطئ وتداولها العالم على أنها من المسلمات وهذا ماكان يثقل كاهلي ومنذ ذلك التاريخ وأنا أتحين الفرصة المناسبة لأطلع العالم عليها وكلي ثقة ان أجد تلك الفرصة المناسبة على صفحات جريدتكم الكريمة
عودة إلى 28 أيلول 1961 وهو يوم إنفصال الوحدة بين مصر وسوريا لقد كنت من المحظوظين الذين عايشوا تلك الفترة من التاريخ يوم كانت بلدنا دير الزور تعيش ذلك الزخم العظيم من المحيط إلى الخليج وتتفاعل معه بكل قواها وأطيافها وتشارك جماهير الأمة العربية برفع شعارات الوحدة والحرية والإستقلال للبلاد التي مازالت تحت الإحتلال بكل عفوية وقد عشت الزيارتين التاريخيتين التي قام بها عبد الناصر لهذه المدينة خلال فترة الوحدة وقد كان عبد الناصر يحمل لهذه المدينة محبة خاصة في قلبه حتى جاء يوم الإنفصال
واليوم لو سؤل القاصي والداني منذ خمسين سنة إلى الآن من الذي كان له الدور الأكبر في فصل الوحدة لجاء الجواب طبعا الإمبريالية والصهيونية والإستعمار كما دونها حزب البعث في تاريخه وما زال يدعي حتى اليوم بأنه هو القلعة الأخيرة للعروبة
لقد بدأت التصادمات والخلافات بين عبد الناصر من جهة وبين عبد الحميد السراج وحليفه بالسر زعامات حزب البعث من جهة أخرى تظهر على السطح بشكل مكشوف في السنة الأخيرة من الوحدة يوم تنبه عبد الناصر وعن طريق عبد الحكيم عامر والمسؤولين الحريصين على هذه الوحدة لمحاولات فلول حزب البعث وعبد الحميد السراج بالسيطرة على ألأجهزة الأمنية في سوريا وحرفها عن واجبها الوطني لأغراضهم الخاصة وأخذوا يديرون البلد بيد من حديد وانتهى الأمر بإقالة عبد الحميد السراج وإستدعائه إلى القاهرة وكف يد المتسلطين من المسؤولين البعثيين من أجهزة الأمن
يومها أخذ حزب البعث قراره بفصل الوحدة وكان له الدور الرئيسي والفاعل في هذا الحدث ولكنه صدر بعض القوى الغبية بالواجهة للمشاركة في هذا الحدث كما عودنا دائما بالأدوار القذرة يبقى هو من وراء الستار يحرك الأمور كأساليب الصهيونية المعروفة
وشائت الصدف أن تلعب مدينة دير الزور في ذلك الحدث الدور الأكبر والفاعل من تخطيط وتنفيذ ذلك الحدث عن طريق كوادر حزب البعث التي كانت نشطة وفاعلة في هذه المدينة
وكنت من شهود بعض الإجتماعات السرية التي عقدت في دير الزور للتخطيط للمراحل الأخيرة للإنفصال بحظور قيادات رئيسية في حزب البعث وبحظور المنفذ الرئيسي للإنقلاب مصطفى حمدون وحسب مافهمته من أحد المشاركين الرئيسين في الإجتماعات والذي كان من الأصدقاء المقربين بأنهم مزودين بأوامر صريحة من المعلم ميشيل عفلق بتنفيذ المهمة
وكلنا يذكر من أحداث ذلك اليوم يوم الإنفصال حدث لافت للنظر والذي أصبح يومها مثارا للسخرية وهو إختيار مصطفى حمدون لسلاح الهجانة بآلياتهم القديمة للهجوم على مركز قيادة الجيش وإعتقال عبد الحكيم عامر وأركان قيادته وذلك لم يكن محض صدفة ولم يكن عجزا من القوات الأخرى التي شاركت بالإنقلاب وكانت قوات ضاربة وكانت قادرة على القيام بالمهمة بسهولة ولكن كان لتلك القوات مهمة وحيدة وهي المطالبة بإصلاح أخطاء الوحدة للحفاظ على الوحدة وقد اختار مصطفى حمدون سلاح الهجانة لأنه السلاح الوحيد الذي يمون عليه ويرضى أن يمشي معه للأخير بإعتقال القيادات وتسفيرهم إلى القاهرة حتى يقطع الطريق على اي امل بنجاح المفاوظات والحفاض على الوحدة وقد اختار يومها مصطفى حمدون على رأس قوة حرس الحدود أحد الظباط المعروفين من العوائل الإقطاعية في دير الزور وهو محمود الهنيدي وهو كان من الحاقدين على الوحدة بسبب قوانين الإصلاح الزراعي التي صدرت في ذلك الوقت ولم يكن له أي علاقة بحزب البعث لكن كما عودنا حزب البعث العتيد يتحالف مع الشيطان في سبيل مآربه المشبوهة
ودارت العجلة وفي صباح الإنقلاب كانت القوات الظاربة تتواجد في ساحة الأمويين بدأت تتفاوض مع القيادات في آخر شارع المالكي بشأن بعض الإصلاحات ووافق عبد الحكيم عامر على كل الطلبات المطروحة وخرجت الجماهير إلى الشارع تهتف فرحة بإنقاذ الوحدة في هذا الوقت بالذات عندما شعر البعثيين بأن الأمور بدأت تفلت من أيديهم التف السيد حمدون على هذه القوات وبمؤازرة حرس الحدود إقتحموا القيادة وقبضوا عليهم واقتادوهم بالسرعة الكلية الى المطار وجرى تسفيرهم الى القاهرة وما زالت أبواق البعث إلى اليوم تتهم قوى الإستعمار والصهيونية بفصل الوحدة وهم وحدهم حزب الوحدة والحرية والإشتراكية المتصدين لقوى الإنفصال والمكافئة التي حصل عليها مصطفى حمدون هي وزارة في أول وزارة شكلت بعهد الإنفصال والتي وقعت على وثيقة الإنفصال
وأما محمود هنيدي فقد منح مبلغا من المال وسفر إلى امريكا حتى لايبوح بالسر ولم يعود من وقتها ولم نعد نسمع عنه شيئا وللحديث بقية

المانيا
(111)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي