فشل مؤكد لجنيف 2 ... خالد المحاميد



مامن مواطن سوري إلا ويعلم يقينا إن نظام عصابة آل الأسد لن ينتهي برحيل بشار

الأسد، كما يعلم ان أي وفد يمثل العصابة الحاكمة في المفاوضات لايملك القدرة ولا

الشجاعة ولا الإستقلالية التي تؤهله لاتخاذ قرار على المستوى الوطني خاصة فيما

يتعلق بالنظام ورأسه وأذنابه، لذلك يمكن القول ان المفاوضات ستدور في حلقة مفرغة

حيث سيطرح وفد النظام قضية الإنتخابات كأحد الحلول، وحجتهم في ذلك ستكون

الإحتكام إلى الشعب! فهو الذي سيقرر من يبقى ومن يرحل .
في المفاوضات كل طرف من الطرفين يرى الحقيقة من مكانه الذي هو فيه، وبتعبير

إنشتاين" ما أراه يعتمد على مكان وجودي" وثمة فرق كبير بين المكان الذي تقف فيه

المعارضة حيث ترى إمكانية رحيل بشار الأسد والمكان الذي يقف فيه النظام حيث

يرى نفسه قادرا على البقاء سواء كان ذلك باستخدامه أقصى طاقاته العسكرية أو

بالشرعية الشعبية التي سيتذرع بها باعتباره ممثلا لشريحة كبيرة من الشعب

السوري كما يدعي.
العالم من حولنا وخاصة الدول الراعية لجنيف 2 لا ترى من موقعها سوى مصالحها

ولا تكترث لنزيف الدم السوري، ولا للدمار الذي ألحقه النظام بسورية والسوريين،

فما يهمهم في نهاية الأمر ، هو إطفاء نار الحرب حتى لو كان ذلك على حساب

المظلومين ، وهم في جوهر طروحاتهم لا يمانعون من بقاء بشار الأسد على الأقل حتى

انتهاء ولايته، بل إن النظام وأركانه لايخفون إصرارهم على بقاء الأسد ، بل والترشح

بعد انتهاء ولايته عام 2014 كما صرح المجرم بهجت سليمان سفير النظام في

الأردن والذي يردد كلمات رئيسه بان سوريا تتعرض لحرب عالمية هدفها إنهاء

المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية !
خطاب النظام وأركانه ومبعوثية، لا توحي أبدا باي تنازل من قبل النظام لتمكين

حكومة انتقالية بإدارة البلاد، سواء كان ذلك بوجود بشار الأسد أو بدونه، فالمسألة

لا تتعلق بالرئيس وحده، وإنما في الآلة العسكرية والأمنية التي ستتحكم بالعملية

السياسية، وقد أوضح بشار الأسد ومن بعده جميع أركانه أن الرئيس الاسد لن

يتنازل عن السلطة، ليس لأن القضية متعلقة به شخصيا، وإنما لوعيه بإن سورية اذا

سقطت فإن المنطقة برمتها ستسقط.
ويبشرنا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مسبقا بقوله" على الأرجح فإن

الاضطرابات التي تجتاح الشرق الأوسط وشمال افريقيا ستكون طويلة الأمد ومؤلمة"
وبدوره وصف مدير الديوان الرئاسي سيرغي إيفانوف الخطوات الهادفة الى تغيير

قيادة بعض الدول بالخطيرة للغاية، مشيرا الى أنها ستوسع منطقة عدم الاستقرار.

حيث أدلى بتصريح في مؤتمر موسكو للأمن الأوروبي جاء فيه "هذه الأساليب خطرة

للغاية ـ يقصد تغيير النظام ـ وقد تأخذنا جميعا الى طريق مسدود وقد تسفر عن توسع

منطقة النزاعات والعنف
فحوى هذا الخطاب أن مؤتمر جنيف 2 لن يكون سوى تمرير للوقت، وهذا ماعبر

عنه شريف شحادة بقوله: إذا كانوا يتوقعون من جنيف 2 أن يرحل الأسد فهم

واهمون .
هذا الوهم الذي عبر عنه شحاده، هو وهم حقيقي لثلاث اعتبارات هي: أن الأسد

ليس اللاعب الوحيد في معسكره، فهناك قوى أمنية وعسكرية وسياسية لن تدعه

يرحل ليتركها فريسة بين مخالب النظام القادم، وثانيا إن أكثر ما ستحصل عليه

المعارضة هو حكومة تضم المعارضين والموالين مع بقاء الأسد دون صلاحيات رئاسية،

لكن هذا لايعني مطلقا انه سيكون بالفعل من دون صلاحيات، ففي ظل هذه الحكومة

المقترحة، ستكون هناك وحدات عسكرية لن تنصاع لأوامر الحكومة الإنتقالية

وستبقى على ولائها للعصابة الحاكمة، وستخلق ألف بؤرة توتر، وألف معركة لإنهاء

سلطة هذه الحكومة وعودة بشار الأسد لممارسة صلاحياته.
ثالثا: حتى لو رحل الأسد فإن أركان السلطة لن تسلم بالأمر الواقع، وستحشد قواها

للإستمرار في المعركة حتى النهاية، وستكون اكثر توحشا وبطشا بنقلها المعركة إلى أفق

طائفي أكثر وضوحا، على أمل أن تتمكن من إقامة كانتون علوي على الساحل

السوري يلجأ إليه كل من حمل السلاح ضد الشعب، وكل من مارس القتل

والتعذيب.
إن الشيء الأكثر أهمية الذي غاب عن المعارضة السورية هو نتائج المؤتمر الدولي

الذي انعقد في موسكو يوم الخميس الماضي 23 أيار 2013 تحت عنوان "

الجوانب العسكرية والسياسية للامن الاورواطلسي" وهو مؤتمر دعت إليه موسكو

وناقش بشكل سري" الأوضاع في سوريا" والأخطار المحدقة بالدول المشاركة، وقد

ذكر الرئيس الروسي في رسالة بعث بها إلى المؤتمر ان المؤتمر يضم "شخصيات مميزة

تمثل وزارات الدفاع في البلدان الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية وكندا، وكذلك

المنظمات الدولية الاساسية- منظمة معاهدة الامن الجماعي، منظمة الامن والتعاون

الاوروبي، الناتو والاتحاد الاوروبي"أي جميع المسؤولين عن الأمن في الدول المتقدمة،

وهذا يجب ان يعطينا انطباعا عن خطورة الثورة السورية والقلق العالمي من نجاحها

في تغيير المعادلة السياسية والأمنية في الشرق الأوسط، ويجب ان تقلقنا عبارة وردت

في رسالة بوتين هي "ضمان أمن متكافئ للمنطقة الأوروأطلسية "تعني كلمة متكافئ ،

إنشاء حالة توازن بين ماتراه روسيا خطرا أمنيا عليها، وبين ماتراه دول الناتوا خطرا

يهددها، وهذا يعني بالمفهوم الأمني أن موسكو تعر ض على الغرب أمنا متبادلا،

وهي إشارة إلى طبيعة الخطر الذي تراه روسيا في تسليح الثورة السورية وانتصارها،

والخطر الذي يتهدد دول الناتو من قبل القاعدة ، أو حتى في البحر الصفر ،

والترجمة المنطقية لعبارة بوتين هي أعطوني أمنا لأعطيكم أمنا بالمقابل، وهذا يتم على

حساب شعوب منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد حيث تعترف روسيا بتأثير

الثورة السورية على منطقة القوقاز ، واحتمال انتشار أفكار المتشددين السنة في

الجمهوريات الروسة المسلمة، وهو ماعبر عنه بوتين ومن ثم لافروف بأن روسيا

لاترغب في رؤية سوريا محكومة من مجموعة سنية.
ويبدو أن المؤتمر الذي عقد في موسكو انتهى إلى مصالحة حول الأمن المتبادل،الذي

تشكل الثورة السورية أحد بواعث القلق لدى موسكو من إمكانية تجاوزها للحدود

الدولية، لذلك من المنطقي ان نفكر ان حصة موسكو في الكعكة السورية ستكون هي

الحصة الأكبر ، وروسيا لاتخفي حرصها على بقاء النظام السوري،بل ولا تتردد في

الإعلان عن مساعدته عسكريا واستخباراتيا، ومن هنا لن ينتهي مؤتمر حنيف2

بحل يرضي السوريين المعارضين، وأكثر مايمكن ان ينجزه، هو الخروج بإعلان عن

ضرورة حل القضية السورية سياسيا، أو حكومة بوجهين أحدها يمثل النظام ولديه

كامل النفوذ العسكري والإستخباراتي على الأرض والثاني يمثل المعارضة التي لا

تملك أي نفوذ على الجيش والأجهزة الأمنية ، وبالتالي ، النتيجة كما لو أننا لم نقم

بثورة ولم نضحي بـ 100 ألف شهيد و500 ألف جريح و5 ملايين مهجر
وبهذه النتيجة لا يتبقى أمام المعارضة السورية ما تتفاوض عليه.

(112)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي