حدث في مثل هذا اليوم.. هل تذكرون محمود الزعبي.. "انتحر" في إطار "تحديث الإدارة" بقيادة بشار

محمود الزعبي، واحد من رؤوساء حكومات حافظ الأسد، ولكنه ليس كرؤوساء الحكومات الآخرين، فالزعبي وكما عرف عنه كان مقربا من حافظ بدعوى "رفاقيته" الحزبية القديمة، وتقرب أكثر من عائلة الأسد، لما توطدت علاقته بـ"باسل" الابن الأكبر لحافظ، والذي كان حافظ حينها يعده لخلافته، قبل أن يلقى مصرعه في حادث سير غامض.

في مثل هذا اليوم من سنة 2000 قضى محمود الزعبي "انتحارا"، وفق رواية الإعلام السوري الأسدي، "انتحر" الرجل رغم أنه كان موجودا تحت الإقامة الجبرية في منزله.

ابن "خربة غزالة" التي تصدر القتال حولها نشرات الأخبار منذ فترة، قضى منذ 13 عاما ولم يعرف حتى اليوم، كيف قتل، ولماذا قتل أو "انتحر"، وهل صحيح أن "انتحاره" كان على خلفية تورطه في قضايا فساد، وإذا كانت تهمة الانتحار بدعوى الفساد صحيحة فإن نظام حافظ برمته كان يفترض أن لا يبقى منه أحد إلا قضى "انتحارا"!

نفط سوري إلى اسرائيل

لكن أحد الرجال الذين لطالما حسبوا على نظام حافظ ومن بعده بشار، "بق بحصة" صغيرة" قبل فترة عندما قال إن مقتل محمود الزعبي جاء على خلفية تهديد الرجل بفضح صفقات اقتصادية وسياسية بين نظام الأسد وإسرائيل، ومنها بيع نفط سوري لتل أبيب. فراس طلاس ابن وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس، قال في مقابلة تلفزيونية قبل فترة، إن الزعبي اغتيل لتهديده بكشف تلك الصفقات.

وبرر فراس سكوته الطويل عن هذه الصفقات بخوفه من أن يلقى نفس مصير الزعبي.

ورغم أن نظام حافظ غيب الشارع السوري تماما وكما العادة عن حقيقة ما حصل، فإن هذا الشارع كان له تحليله الخاص جدا، وهو أن محمود الزعبي قتل لاعتراضه على إعداد "الصغير" بشار لخلافة أبيه بعد أن باء مشروع الخلافة الأول "باسل" بالموت!

ولكن لندع الأخبار تتكلم قليلا، ولنصغ سويا إلى "بي بي سي" وهي تنقل عن "رويترز" خبر انتحار الزعبي، ولنلاحظ الخلفية التي وضعت في نهاية الخبر عن جهود "بشار" في مكافحة الفساد وتحديث الإدارة: 

أقدم رئيس الوزراء السوري السابق محمود الزعبي على الانتحار اليوم الأحد وذلك بعد أسبوعين من اتهامه بالفساد وطرده من عضوية حزب البعث الحاكم.

ماذا بعد 

وأفاد مراسل وكالة أنباء رويترز في دمشق بأن الزعبي أطلق الرصاص على رأسه أثناء وجوده في منزله بضاحية دمر في العاصمة السورية، وذلك في حدود الساعة الحادية عشرة إلا ربعا بتوقيت جرينتش.

وقد شغل الزعبي رئاسة الحكومة السورية منذ عام 1987 حتى مارس/آذار 2000.

وقد وجهت إليه في الآونة الأخيرة اتهامات بالفساد وجمدت السلطات السورية ممتلكاته وثروته ووضعته رهن الإقامة الجبرية انتظارا لنتائج المحاكمة.

وقالت رويترز إن الزعبي قد نقل إلى مستشفى المواساة الذي يبعد مسافة ربع ساعة عن منزله لكنه توفي متأثرا بجراحه وفشل الأطباء في إسعافه

وكان سجل مخالفات الزعبي، الذي انتحر عن 65 عاما، قد فُتح على أيدي حزب البعث الحاكم، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السورية في أوائل الشهر الجاري.

وقالت الوكالة إن سلوك الزعبي ألحق أضرارا بالغة بصورة الحزب والدولة والاقتصاد الوطني.

وقد جاءت الأنباء عن انتحار الزعبي في الوقت الذي يقود فيه بشار الأسد نجل الرئيس السوري حملة لمكافحة الفساد وتحديث الإدارة في سوريا.

وقد كشفت صحيفة حكومية في وقت سابق أن الفساد والرشوة يكبدان ميزانية الدولة خسارة قيمتها خمسون ألف دولار على الأقل.. انتهى خبر "بي بي سي".

ومن اللافت ان "بي بي سي" التي تتغنى بابلمصداقية والحياد، تبنت رواية السلطات السورية تماما في نص الخبر والعنوان وحتى التعليق المرافق في الصورة، فلم يرد في النص أي تشكيك برواية النظام، وجاء العنوان مختصرا وقاطعا "الزعبي ينتحر"، وعلقت بي بي سي" تحت صورة الزعبي المرافقة بالقول: انتحر الزعبي بعد اتهامه بالفساد وتجميد ممتلكاته وثروته!