أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مواطن خائن ... د. نزيه بريك


كل يوم ينهض في الخامسة صباحاً.. يهرع إلى الحمام.. يرتدي نُسختهُ المزيفة..، يتمضمض بالماء المالح ليذوِّب كلام الليل العالق بين اسنانه ، كي لا يتسلل شيئاً منه إلى العلن مع البصاق. يبدأُ بتحضير زاده المكوَّن من خبز الصاج، المطلي باللبنة أو بالزيت والزعتر... يخرج إلى حديقة بيته الصغيرة.. يقطف النعناع ، يحضر الشاي الأخضر، يحتسي بعض الكؤوس مع قليلٍ من السكر. يمشي مسافة عشرين دقيقة.. الرياضة مفيدة للفقراء، فهي تحمي جيوبهم من فواتير المرض.
يستقل الباص الشعبي، يبحث عن مقعدٍ...، يجلس ويضع قطنة في أذنه اليمنى كي لا يفقد طاقته من سماع الأخبار، وقطنة في أذنه اليسرى كي لا يزعج رأسه من صمت الركاب.
يمر الباص أمام النصب التذكاري للشعب المجهول، يتابع عبر ساحة التحرير من مقوِّمات الفضاء الإنساني، ثم يعبر بجانب حديقة الشهداء العارية من الأشجار والورود ومدججة بصور القائد الخالد التي تراقبها ، خوفاً من مؤامرة يُحيكها الضحايا... وجوه الركاب مثل الفواكه المجففة، مُشبعة بالمواد الحافظة للصمت والخوف .. وجوه شاهدتها في كلام ماركس ولينين وجيفارا.
في المساء يعود إلى غرفته..، يشرب ما تبقى في الإبريق من شاي الفجر، يستلقي فوق الفراش، يخلع متعباً نسخة الخارج، ويعود لنسخته الأصلية بعد جهد اضناه حتى تمكن من التصالح مع ذاته... تمر ساعات ويخلد إلى النوم ليستجمع طاقة كافية لدورة اليوم التالي. 


كاتب من الجولان السوري المحتل

(126)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي