أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مجلة أمريكية شهيرة تتساءل..كم تكلف منطقة حظر طيران فوق سوريا؟

صواريخ توماهوك، طيران حربي، طيران للتزويد بالوقود، ساعات تحليق، هكذا تبدو عملية تحقيق منطقة حظر طيران فوق سوريا تكلفة باهظة على دافع الضرائب أليس كذلك؟

 ليس بهذه السرعة، وفق محللي ميزانية الدفاع قد تكون المسألة أسهل وأرخص عند الشروع بعملية عسكرية.
 هناك عدة عوامل تؤثر في عملية حظر الطيران، لكن بالمختصر هي تعتمد على المدى الذي ترغب الولايات المتحدة وحلفاؤها بالوصول إليه. العامل الأساسي هو حجم ومدة العملية، لكن هناك أكثر من طريقة لإبقاء الطيران السوري على الأرض.

 يقول كريستوفر هامر المحلل العسكري في معهد دراسة الحروب: "أفهم لماذا يتخوف الناس من مسألة منطقة حظر الطيران، الناس يبدأون بالتفكير بحرب العراق وتعقيدات السنوات الاثنتي عشرة، والمتطلبات الكثيرة لعملية مراقبة الجنوب والشمال التي بلغت تكلفتها مليار دولار سنويا. لكن هذه كانت عملية حظر طيران كامل تسيطر على مناطق نزاع برمتها، سيتكلف الأمر أقل كثيرا لحماية مناطق صغيرة من السماء في سوريا وهذا يتطلب قدرات عسكرية أقل بكثير".

ويضيف هامر: "هل الهدف هو تطبيق حظر طيران تقليدي أم الهدف هو معاقبة وتحجيم الطيران السوري؟ العملية التقليدية تستهلك مالاً ووقتاً، أما تحجيم الطيران السوري فهو بنفس بساطة إطلاق بعض صواريخ توماهوك على سوريا، وهذا ينهي الطيران السوري خلال أقل من ساعة".

 إن هجوماً فعلياً قد يأخذ وقتاً أكثر بقليل، مثل ذلك الذي تم على قواعد الدفاع الجوي الليبية، لكنه يمكن أن يكون له تأثير أهم من منطقة حظر طيران. إن صواريخ (توماهوك تلام) يمكنها بسهولة تحجيم القوى الجوية السورية المتواضعة إلى ما يعادل الصفر، يمكننا ضرب المدرجات والرادارات وخزانات الوقود وحتى الطيارات نفسها من دون أن تقترب الطائرات الأميركية من المجال الجوي السوري، هكذا نحقق حظر طيران ليس بمنع الطيران بالقوة ولكن بالقضاء على سلاح الجو السوري.

 بالحسابات: يعمل صاروخ تلام بنحو مليون واربعمئة الف دولار، وهذا يرفع الحساب إلى 352 مليون ونصف المليون لتركيب القرص الصلب، يتبع ذلك تكلفة السفن الحربية وآلاف من العاملين على حماية البعثة التي قد لا يتم نشرها في المنطقة. حتى الآن لا يبدو ذلك سيئاً بالمقارنة بعمليات الولايات المتحدة الحربية السابقة مثل كلفة 10 مليار دولار شهرياً تكبدتها وزارة الدفاع في الحرب الأفغانية وما كلفه الجندي الواحد بما يقرب من مليون دولار في السنة.

 يعتقد أن سوريا لديها أقل من 100 طائرة حربية وربما صار العدد الآن 50، ولأسباب عملية لا يستخدمون الميغ 21 و 23 و 25 و 29 وكذلك إس يو 22 وإس يو 24 على الإطلاق. لماذا؟ لأن هذه الطائرات تستلزم كثيراً من الصيانة وقطع الغيار والوقود.

بالمجمل فإن الطيران الحربي السوري قديم (ربما أكثر من 30 سنة) وتحليقه يكلف كثيراً، والنظام المتهاوي ليس لديه الدعم اللوجستي أو الموهبة أو القوة البشرية لإبقائه في السماء. وما يستخدمونه هو "إل 39" التدريبي وهو أسهل وأقل صيانة وأحدث لكنه لا يضاهي في قوته الميغ والإس يو، وكل ما يتطلبه الأمر لتحقيق منطقة حظر طيران فعلي هو تدمير هذه الطائرات". هذا خيار.

 لكن لنفترض أن الولايات المتحدة أصرت على خيار القوة وهو فرض منطقة حظر طيران فعلي، ففي العراق على سبيل المثال بقي الطيران الذي حرس السماء سليماً على الأرض، كم يمكن أن يكلف ذلك؟
 بالنسبة إلى تود هاريسون موظف رفيع في دراسة ميزانية الدفاع والاستراتيجيات فإن الأمر يعتمد على حجم المنطقة التي يفترض أن نحرسها. "فكلما كبرت المنطقة كلما زاد عدد الطائرات التي تغطيها، كما أن المدة الزمنية التي يجب أن تبقى طائرات الحراسة في السماء خلالها تقرر التكلفة، ساعات الطيران تكلف أكثر من أي شيء آخر.

 حظر الطيران فوق العراق غطى 104600 ميل مربع، يضاف إلى ذلك المسافة التي تقطعها الطائرات من قواعدها الأساسية، ففي الشمال جاءت الطائرات من تركيا وفي الجنوب جاءت من السعودية، لكن العامل الأكثر تكلفة كان ساعات طيران الحراسة في الجو. في العراق كانت تكلفة الساعة الواحدة مرتبطة بوتيرة العمليات وعدد الطلعات وهو ما يتطلب وقوداً وقوة بشرية، وتراوح السعر تقريبا بين 7000 دولار للميل المربع خلال السنوات الاقل نشاطاً إلى 23000 دولار في ذروة العمليات. الطريقة العملية لتقليل الكلفة هي تقليص المساحة أو إبقاء الطيران خارج المنطقة وحمايته من بعيد باستخدام سلاح المواجهة الذي يضرب المتسللين. المسألة تتعلق بما إذا كنت تريد السيطرة على المجال الجوي أو منع استخدامهم له وهذا هو السؤال الأهم، فمنع الاستخدام أسهل وأقل تكلفة أما السيطرة التامة فتتطلب موارد أكبر. بالإضافة إلى ذلك فإن عدد القوات الحليفة والمشاركة التي يمكن أن تنضم إلى العملية يخفض التكلفة على دافع الضرائب الأمريكي.

ويضيف هاريسون بأن مركز تقدير الميزانيات والاستراتيجيات الذي قدر كلفة حظر الطيران فوق ليبيا يعطي لمحة عما يمكن أن تكلفه العملية فوق سوريا، فالحسابات التي جرت في مارس/آذار 2011 لمنطقة حظر جوي محدودة على 230 ألف ميل مربع من المناطق المأهولة الليبية في الشمال قد تكلف 30 إلى 100 مليون دولار أسبوعياً، أو مليار إلى ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار في أكثر من ستة أشهر.

 اتضح بعد ذلك أن تقديرات المركز كانت أغلى بما يعادل الثلثين عن التكلفة الحقيقية بالنسبة للولايات المتحدة لأن ثلثي العمليات انتهت بتحليق طيران غير أمريكي وهو ما يؤخذ بعين الاعتبار. ويعتبر حساب صواريخ كروز جزءاً كبيراً من التكلفة الإجمالية لأي منطقة حظر طيران بغض النظر عما يأتي بعد ذلك. تكبدت القوات خسائر كبيرة خلال الأسبوع الأول من الحملة في ليبيا، هناك، بدأت الولايات المتحدة مع القنابل التي ألقيت من قاذفات القنابل B-2 المنطلقة من ميسوري وأطلقت 200 صواريخ كروز. على الجانب الآخر نجد أن المساحة الكلية المفترضة في سوريا هي 71 ألف ميل مربع أي ما يعادل ثلث حجم العملية في ليبيا، وهذا يجعل كلفة دعم حظر الطيران في سوريا بين 9 إلى 31 مليون دولار أسبوعياً. غير أنه من المرجح أن لا تحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلا إلى مراقبة مناطق محدودة المساحة وهو ما يجعل الكلفة أقل.

"لا يوجد إجابة سهلة أو محددة"، يقول الكولونيل ديفيد لابان المتحدث باسم رئيس الأركان الذي أضاف إلى قائمة الحسابات نوع الطائرات التي ينبغي استخدامها وحجم الاستخبارات المطلوبة للعملية والرد السوري المحتمل. ويتابع: المسألة لا تتعلق بالكلفة بل بالأهداف العسكرية والقرارات المتخذة بناء على الخيارات المطروحة.

 بقلم كيفن بارون، نشر في: فورين بوليسي عدد 7 مايو/أيار 2013

ترجمة: ميساء آق بيق مساهمة لـ"زمان الوصل"
(132)    هل أعجبتك المقالة (133)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي