بصرى الشام ، حاضرة حوران الشرقية في محافظة درعا، تمتد على مساحة واسعة من اراضي سهل حوران الخصبة الغنية بكل انواع المحاصيل الموسمية، ومساحات واسعة من أشجار الزيتون والعنب وبساتين من الفواكه المختلفة، يعرف عن اهلها الطيبة وحسن استقبال الضيوف حيث اعتادت بصرى على مر الزمان استقبال قوافل التجار ومن بعدها رواد المناطق الاثرية والمهرجانات التي تستضيفها على مدرجاتها الرومانية وقلعتها العتيدة.
يعيش اهل بصرى والتي يبغ عدد سكانها ما يقارب من ٤٥ الف نسمة في تآلف وتناغم فريد حيث يعيش بينهم عدد من الشيعة يبلغ عددهم ما يقارب من ٤٥٠٠ اربعة الاف وخمسماية نسمة، ولم يكن اهل بصرى يميزون بين سني وشيعي ابدا، وجمعتهم روابط النسب والقربى دون اي ضغينة.
بصرى تحت النار...؟
تواصل قوات النظام انتهاج سياسة الارض المحروقة التي تستهدف الحجر والشجر قبل البشر، حيث لم تسلم المواقع الاثرية في مدينة بصرى الشام من فتك وهمجية عصابات الاسد وخصوصا الاوابد التاريخية ، مع العلم ان المدينة ومعالمها الشهيرة مدرجة ضمن قائمة التراث العالمي.
وكان اخر تلك الانتهاكات الحاق الضرر بمئذنة الجامع الفاطمي بعد ان استهدفتها مدرعة /بي ام بي/ بقذيفة والحقت أضرار فادحة بها خصوصا بالأعمدة المزينة للبرج وتصدع الزاوية الشمالية الشرقية منها.
وتعتبر هذه المئذنة من اهم مآذن مدينة القرآن الكريم بحيث يتوسط هذا الجامع وسط المدينة الزاخر بالمباني الموغلة في التاريخ، كما تشكل المئذنة لوحة جميلة لفيسفاء النسيج الاجتماعي ، الجامع يقع بالقرب من الكاتدرائية ودير الراهب بحيرة.
تعود فترة عمارة هذا المسجد للعصور الوسطى، وسمي بالفاطمي نسبة إلى السيدة فاطمة بنت رسول الله ورضي الله عنها وزوجة الخليفة علي رضي الله عنه وكرم وجهه، وحتى بدايات القرن الماضي كان الجامع الوحيد في المدينة.
اضيفت المئذنة للمسجد عام 705 هـ زمن حكم السلطان المملوكي الناصر محمد والذي حكم في فترة متقطعة عام 1299 للميلاد إلى عام 1341 للميلاد بأمر من الأمير أيوب بن مجد الدين عيسى النجراني.
ويصل ارتفاع المئذنة إلى 19 متراً وتعتبر من الأمثلة النادرة التي تشهد على أهمية بصرى الشام في بداية العصر المملوكي بعد تعرضها للغزو المغولي المدمر عام 1260 ميلادي.
يشار الى تعرض المدينة لقصف مدفعي عنيف من قبل قوات النظام ألحق اضرارا ودمارا كبيرا في عدة مواقع منها دير الراهب بحيرة، ومبرك الناقة، وبركة الحاج، والجامع العمري القديم، وينابيع منطقة الجهير والمتحف الاثري ومدرسة ابن كثير وسرير بنت الملك.
وكانت مدينة بصرى الشام من اوائل بلدات وقرى حوران الذين لبوا نداء ما عرف ب(الفزعة) لفك الحصار عن درعا في شهر نيسان/ ابريل ٢٠١١م وقدمت خيرة شبابها خلال مسيرهم باتجاه درعا، في حين شارك شبابها في كل تشكيلات الحراك الشعبي والمسيرات السلمية منذ الايام الاولى للثورة السورية، وبعد تطور طبيعة الحراك الميداني في مواجهة تغول اجهزة النظام السوري في استخدام كافة انواع الاسلحة الثقيلة والطائرات والقصف المدفعي على كافة بلدات وقرى حوران ما حمل الشباب الثائر على حمل الاسلحة الفردية للدفاع عن المدنيين من اقتحام قطعان الشبيحة والمرتزقة التي تقودها اجهزة مخابرات النظام في اقتحام البيوت والقيام بحملات المداهمة واقتحام المنازل واعتقال الشباب والنساء والاطفال، تجمع شباب بصرى الشباب في تشكيلات مسلحة للدفاع عن المدينة واهلها، وكان لهم شرف الوقوف في وجه قوات النظام وشبيحته لتكون مهامهم وكانها رحلة الى الجحيم، واستطاع الشباب تشكيل عدد من الكتائب المسلحة والتي تضم بين شبابها عدد من الضباط من رتب مختلفة وفي مقدمتها كتيبة الشهيد حافظ المقداد وغيرها من التشكيلات المدافعة عن المدنيين، علاوة على تنقل تلك الكتائب لنجدة القرى المجاورة حال تعرضها لهجوم قوات النظام، في الوقت الذي يشاركهم عدد من كتائب وتشكيلات وسرايا القرى المجاورة في تعاون وتنسيق عال التنظيم للوقوف في وجه القوات المهاجمة.
المقاومة ...؟
يخوض الشباب من اهل بصرى والكتائب الاخرى من القرى المجاورة ( كتائب معربة والكرك الشرقي ، و و و ، بالاضافة الى التعاون الكبير مع كتائب المجلس العسكري للمنطقة الجنوبية) معارك شرسة وغير متكافئة مع مرتزقة النظام وقطعانه في الوقت الذي يعاني فيه الثوار في بصرى الامرين من قلة العتاد ونوعية الاسلحة التي يمتلكونها والتي لا تتعدى الاسلحة الفردية، في مواجهة قطعان من شبيحة ومرتزقة ابناء بصرى من الشيعة الذين يمتلكون كافة انواع السلاح الفردي والثقيل علاوة على انضمام عدد من المقاتلين المرتزقة من خارج المنطقة، حيث بدأوا في مواجهة المظاهرات السلمية بالاسلحة المتنوعة وكثير من مرتزقة حزب الله وايران والعراق مدعومين بميلشيشات شعبية من شبيحة محافظة السويداء الملاصقة لبصرى، ما يشكل عبئا اضافيا.. على الحراك الميداني في بصرى وما حولها.
كلمة....
من بصرى الشام الى بصر الحرير والكرك والحراك وخربة غزالة حيث جسر حوران وخنق فلول النظام والمعارك والبطولات التي يسطرها الثوار عند الجسر، الى داعل وغربا طفس المدمرة الا من معنويات رجالها وما سطروه من بطولات باحرف من نور وما قدموه من خيرة الشباب......!!!!! الى حاضرة حوران الغربية المتاخمة للجولان المباع وحتى الحدود الممتدة مع الاردن بطول اكثر من ٣٧٥ كم، تتمدد الثورة ويزداد عنفوان التحرك الميداني والسيطرة على الارض والمواقع وما تبقى من فلول قوات النظام على امتداد ارض حوران حبيس الثكنات يرمي بالحمم والنار من حوله ولمسافات.... فقط لاشاعة الذعر، وتوزيع الموت ، ولابعاد اي تمدد باتجاه المواقع التي حولها الى سجون مسورة لقواته المذعورة المدحورة، ويوما بعد يوم تتقهقر تلك القوات ، وتولي ادبارها تحت ضربات المقاتلين من كافة الفصائل والكتائب والتشكيلات من ابناء حوران والمنضمين معهم من المنشقين عن الجيش من الاشراف من انحاء سوريا...... ويعلم النظام وغيره ان اقتحام معاقله في منطقته الخضراء في دمشق سيكون من درعا.....!! وهي المقتل للنظام الذي يتأرجح تحت ضربات السوريين الموجعة بعيدا عن الاعيب السياسة، وما يحاك من مؤامرات خلف الستائر السود، ومن مقايضات مصالح كل الدول الفاعلة والمؤثرة والمتربحون على الدم السوري..... وليعلم اهل اللطم والندب انه من من حوران قدح الشرر......؟؟؟؟ ومن بصرى الشام الى بصر الحرير القافلة تسير حتى وطن الحرية....؟؟؟
* صحفي سوري مغترب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية