هذا ليس جيشنا يا شيخ محمد اليعقوبي ... قصي العامر

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله ، وبعد:
بعد الغارات التي شنها الطيران الصهيوني على بعض المواقع العسكرية بالقرب من دمشق والتابعة لعصابات الطاغية  بشار الأسد ، نشر الشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبي على صفحته على الفيس بوك بيان يستنكر فيه العدوان الصهيوني على الجيش السوري حيث قال ( نستنكر تعدي إسرائيل على سيادة بلدنا وأرضنا وجيشنا ، فنحن لا نبوء بدمنا ولا نبيع تراب بلدنا ، ونتمثل بقول الشاعر العربي: بلادي وإن جارت علي عزيزة ، وأهلي وإن ضنوا علي كرام ) اهـ .
فهل صحيح أن جيش بشار هو جيشنا وهل صحيح أن هذا الجيش هو أهلنا بل وكرام كما وصفهم الشيخ اليعقوبي.
هل يعقل أن هذا الجيش الذي حارب الدين وهتك الأعراض وقتل الأنفس ودمر ونهب الأموال يمكن أن يوصف بأنه جيشنا بل وكرام ، أيعقل هذا يا شيخ !!
ألم يقل الله عز وجل : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده .. ) [ الممتحنة:4 ].
قال الإمام ابن كثير يرحمه الله: يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين ، وعداوتهم ، ومجانبتهم ، والتبري منهم : ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه ) أي : وأتباعه الذين آمنوا معه ( إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ) أي : تبرأنا منكم ( ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم ) أي : بدينكم وطريقكم ( وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا ) يعني : وقد شرعت العداوة والبغضاء من الآن بيننا وبينكم ، ما دمتم على كفركم فنحن أبدا نتبرأ منكم ونبغضكم ( حتى تؤمنوا بالله وحده ) أي : إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له ، وتخلعوا ما تعبدون معه من الأنداد والأوثان .اهـ
أليس يا شيخ كلام الله تبارك وتعلى واضح في أمثال هؤلاء ، وهو أن نتبرأ منهم ونعاديهم ونبغضهم ، وليس وصفهم بأنهم أهلنا وكرام.
ثم يا شيخ أليس المسلمين يقولون في دعائهم، اللهم سلط الظالمين على الظالمين وأخرجنا من بين أيديهم سالمين، وهذا الذي حصل هو ما يطلبه المسلمين من رب العالمين ، في أن يضرب الكفار بعضهم ببعض، وأن يجعل بأسهم بينهم شديد.
لقد مضى أكثر من سنتين على انتفاضة أهلنا في الشام على هذا الطاغية الذي مازال ماضي في طغيانه وإجرامه ، ويذيق أهلنا كل يوم الويلات ، بطريقة تعد من أخس الطرق التي عرفتها البشرية، ويتفاخر جنوده بتصوير ذلك ونشره على الملئ من غير خوف، في ظل هذا التآمر الدولي على أهلنا ، وخذلان البعض الآخر لهم.
يقول علماء اللغة العربية حول معنى كلمة كرام: « رجل كريم »: يجمع الفضائل ،كرام: الذي يجاوز الحد في الكرم ، كرام : - صاحب الكرم والمعتني به .اهـ [المعجم: الرائد]
فهل هؤلاء يا شيخ ينطبق عليهم وصف كرام أم هم لئام وسفلة وخونة وشبيحة جمعت أوصاف الكفر والخسة والنجاسة .
يقول الشيخ اليعقوبي: (لقد كان النظام طوال أربعة عقود حارسا أمينا للحدود مع إسرائيل … لم يترك هذا النظام المجرم أسلوبا في القتل والقمع والإرهاب لشعبنا الأبي إلا ارتكبه وآخر ذلك مجازر الجديدة ومجازر بانياس التي تقشعر لسماع أخبارها الأبدان … ) اهـ
وأنا أريد أن أسألك يا شيخ من الذي باشر بفعل هذه الأمور التي تقشعر لها الأبدان كما قلت هل هو بشار أم جيشه الكريم!!
ويضيف اليعقوبي: ( ونحن إذ نتألم حين نرى جيشنا يدمر وقواعده تقصف … ) اهـ .
هل بعد كل ما فعله هذا الجيش الخبيث يألمك أن يُدمَّر، وماذا تريد أنت ؟!! هل تريد ان يبقى هذا الجيش وصواريخه وقذائفه ليفني الأمة عن بكرة أبيها ويدمر ما تبقى من مساجد وبيوت ويواصل هتك الأعراض.
هل آلمك هلاك فرعون وجيشه عندما أغرقهم الله في البحر أم أفرحك، أوليس المسلمون اليوم يصومون يومَ العاشر من محرم شكراً لله على نعمته وفضله علي إنجاء موسى -عليه السلام- وقومه وإغراق فرعونَ وقومه.
ويضيف اليعقوبي: ( فإن الواجب الوطني يملي علينا أن نستنكر اعتداءات إسرائيل على بلدنا ، ولا يجوز بحال من الأحوال مهما ضاقت بنا السبل وانقطعت الحيل أن تضطرنا معاداة النظام إلى موالاة إسرائيل وبيع قضايانا وقضايا العرب والمسلمين ) اهـ
نعم نحن ضد أي اعتداء على بلدنا ، لكن الذي حصل هي حرب بين طائفتين من طوائف الكفر اليهود والنصيرية، ولا يضرنا أن يدمر اليهود جيش يعد لذبحنا ولتدمير بلدنا، بل يفرحنا تدمير هذا الجيش الخبيث من أي جهة كانت، بل إن استنكار تدمير هذا الجيش هو خيانة للأمة الإسلامية.
يقول اليعقوبي: ( وننبه إلى أننا نحتسب من مات من جنودنا تحت القصف ممن لم تتلوث أيديهم بدماء شعبنا الأبي في ثورته شهداء عند الله تعالى قتلوا وهم في رباط بيد عدو يحتل أرضنا وينكل بإخواننا في فلسطين والجولان، هذا إن صدقت النيات منهم في الجهاد ضد عدونا لا ضد شعبنا ) اهـ
ماذا تقصد بلم تتلوث أيديهم بدماء الشعب ، هل تقصد هؤلاء الجنود الذين يحرس مخازن السلاح الذي يستخدم في قتل الشعب، والجنود الذين يقومون بحراسة مطارات ومعسكرات وأوكار النظام ، أن هؤلاء لم تباشر أيديهم دماء الشعب ، وهل ينبغي أن يقوم كل جندي بمباشرة القتل حتى تعتبر أن يديه ملوثة بالدماء ، أوليس كل جيش في العالم هو مؤسسة متكاملة يقوم كل فرد فيها بدوره المناسب له، فلولا الذي ينقل الوقود أو الطعام للجيش لما استطاع الجيش أن يفعل ما يفعله.
ثم يختم اليعقوبي: ( لكنا نشير إلى أنه لا خيار لنا وأبناء شعبنا يذبحون على أيدي هذا الجلاد ومن معه من المرتزقة إلا أن نواصل الثورة حتى النصر وإسقاط النظام وبناء دولة الحق والعدل ) اهـ
وأنا أريد أن أسألك كيف لهذا الشعب أن يسقط النظام دون أن يدمر جيش بشار، وهل تدمير هذا الجيش من قبل الثوار حسن وجميل ولكن تدميره من قبل اليهود سيئ وقبيح.
هل تريد يا شيخ أن تكرر خطأ الشيخ أحمد معاذ الخطيب عندما آذانا ببيانه الذي أصدره حول مقتل البوطي ، حيث وصف البوطي بأنه كان حريصاً على هداية العباد ، وزرع الخير في المجتمع، ولم يكتفي الخطيب بهذه الأوصاف بل زعم بأن لديه معلومات وشواهد تؤكد بداية انقلاب في تفكير الدكتور البوطي رحمه الله ، ويعتقد أن النظام قام بتصفيته خشية موقف شجاع منه قد يقلب الموازين كلها.
بعد كل ما فعله مجرم الحرب البوطي يأتي الخطيب ليثني عليه خيراً ويحاول أن يلمع صورته، والكل يعرف ما فعله البوطي من مناصرته المستميته لشبيحة بشار ضد المجاهدين ، وتمنيه أن يجاهد مع هؤلاء الشبيحة ضد المجاهدين، ووصفه للمجاهدين بأبشع الأوصاف.
إن وصفك لهذا الجيش بأنه جيشنا وبأنهم كرام، قد آذى كل مسلمة انتهك عرضها وكل أرملة قتل زوجها وكل أم قتل أبنها وكل مسلم هدم بيته واغتصب ماله من قبل هذا الجيش الخسيس السافل.
إنه ينبغي على كل مسلم أن يكون عارف بحقيقة الواقع ومنضبط كلامه بضوابط الشرع الإسلامي، خصوصاً لمن يتصدر المنابر الإعلامية وله مكانة علمية أو منصب قيادي.
إننا اليوم بحاجة لأن نكون أكثر وعياً بمخططات أعدائنا القريب منهم قبل البعيد، والحذر كل الحذر من هؤلاء المنافقين الخونة الذين مازالوا بعد مرور أكثر من عامين على الثورة يقاتلون مع بشار ضد أمتنا وأهل.
هذا والله أعلم ، وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
كتبه

[email protected]