أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ثورتنا ورئاسيات إيران 2013... حمزة مصطفى

تنطلق في 7 أيار/ مايو 2013 مرحلة الترشيح الرسمي للانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2013، على أن تنتهي يوم 11 أيار/ مايو. وبعد فحص مجلس صيانة الدستور الترشيحات المقدمة ستعلن وزارة الداخلية الإيرانية في 22-23 أيار/ مايو 2013 الأسماء المؤهلة لخوض الانتخابات التي سيجري الاقتراع عليها 14 حزيران/ يونيو 2013.

وبنظرة أولية إلى البرامج الانتخابية المقدمة نجد أن المرشحين وعلى اختلاف تياراتهم ( أصوليين، الطيف النجادي، مستقلين، إصلاحيين) يركزون على الأمور الداخلية لاسيما الاوضاع الاقتصادية المترلهة، ويبتعدون عن الخوض في القضايا الاستراتيجية الكبرى والتي يتحكم فيها المرشد ونقصد هنا: الملف النووي الإيراني، القضايا الإقليمية، العلاقات مع أميركا، وأوروبا. 

إن عدم إدراج القضايا الإقليمية لاسيما سورية، والعراق لا يعني إطلاقًا عدم مركزية ومحورية هذه القضايا على المستوى الكلي للنظام الإيراني. كما أن ابتعاد المرشحين عن طرحها يندرج في الرغبة بتجنب الصراع مع المرشد الذي أمر جميع الأطراف السياسية المتنافسة بعدم الخوض في هذه القضايا وبضرورة تركها بعيدة عن ساحة " المزايدات السياسية". وقد انطلق المرشد في هذا التحذير من أن الصراع في سورية ليس انتفاضة أو صحوة، كما أنه أيضًا ليس صراعًا سنيًا شيعيًا، وإنما حرب بين أنصار المقاومة والكيان الصهيوني مدعومًا من " الشيطان الأكبر" الولايات المتحدة. 

انطلاقًا مما سبق، ندرك محورية  تأثير الثورة السورية على مستقبل مشروع إيران في المنطقة، والذي يواجه انهيارات عدة سواء على مستوى الرأي العام العربي، أو تضرره في ساحات جيوسياسية كالعراق، ولبنان كانت تعتبر حتى الأمس القريب مستقرة بالنسبة للنظام الإيراني. 

تكتيكيًا، سعى النظام الإيراني إلى إدارة ملفاته الاسترايتجية بطرق مختلفة، فعلى سبيل المثال أبدى مرونة محدودة في التعاطي مع الغرب فيما يتعلق بملفه النووي أثناء المفاوضات التي جرت مطلع شهر نيسان/ أبريل 2013 في العاصمة الكازخستانية " المأتاه". وعلى خلاف هذا الانفتاح قام بتصعيد غير مسبوق في الملفات الإقليمية. يظهر ذلك من خلال الهجوم  العسكري العكسي الذي قام به النظام السوري في عدة جبهات من سوريّة، والذي لم يكن ليحصل لولا الدعم العسكريّ والمادي من إيران. وقد وصل هذا الدعم إلى درجة التدخل المباشر بإرسال عناصر الحرس الثوري التي أصبحت ترى عيانًا في دمشق وريفها، وأيضًا بالطلب من حزب الله التدخل في جبهة حمص لإسقاطها. أما في العراق فيظهر التصعيد الإيراني من خلال أوامر المالكي باجيتاح ساحات الاعتصام بالقوة في الحويجة وكركوك.

تدرك إيران أن سقوط النظام، أو اهتزازه عسكريًا في هذه المرحلة سينعكس بتداعيات سلبية عليها، وقد يشجع زخم الثورة السوريّة المعارضة الإيرانية على تكرار تجربة " الحركة الخضراء" عام 2009، والقيام بانتفاضة تستلهم أدبيات الثورات العربيّة. وتخشى إيران من أن تسهم حدة الصراع الإقليمي والدولي حول سوريّة في دفع بعض القوى إلى دعم أي احتجاجات أو تمرد محتمل داخل إيران قد ينجم عن نتائج الانتخابات الرئاسية. 

وبالتالي فإن هدف إيران في هذه المرحلة يتمثل في تمكين النظام عسكريَا من أجل تحقيق انتصارات واختراقات على الأرض بشكل يعزز فرضية المرشد باحتمالية " انتصار محور المقاومة" في الحرب القائمة في سوريا. يضاف إلى ذلك أن إيران تسعى إلى التصعيد في الملفات الإقليمية لتفرض شروطها على القوى المؤثرة في المنطقة فيما يتعلق بالقضية السورية، خاصة وأن الأخيرة تبدو مرتبكة فيما يتعلق بمسألة تسليح المعارضة والسلاح الكيماوي. 

وقد نجحت إيران من خلال قوتها الناعمة في تحقيق اختراقات دبلوماسية على المستوى الإقليمي تمثل ذلك بانحراف مصر " الإخوانية" عن الإجماع العربي الذي حصل في قمة الدوحة، ومحاولة تفعيل مبادرة مرسي الرباعية التي تنص حل سياسي مبهم وتجعل إيران طرفًا رئيسيًا في الحل. وقد تقدمت الخارجية المصرية مؤخرًا بطلب إلى الجامعة العربية لمناقشة هذه المبادرة في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب.

إن المؤشرات السابقة ستضر بثورتنا ما لم تتنبه المعارضة الغارقة في وحل خلافاتها، والثوار المنقسمون على أنفسهم رغم وحدة الهدف، والدول العربية الغافلة عن تداعيات المشروع الإيراني على أمنها. الأمر الذي يتطلب من الفاعلين كافة تطوير استراتيجية جديدة تستعيد زمام المبادرة العسكرية على الأرض وتفشل الأهداف الإيرانية تكتيكيا و استراتيجيًا.

(128)    هل أعجبتك المقالة (110)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي