أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

العلمانية و الثورة السورية .. احمد عسيلي

لا نستطيع نكران حقيقة ان العلمانية كمفهوم اصيبت بالعديد من ضربات التشويه و التضليل التي قام بها النظام السوري ووصلت قمة هذا التشويه حين صور بشار الاسد معركته على انها معركة اخر معاقل العلمانية ضد حركات التكفير و الاسلام المتشدد و هذا ما دأب مأجوري النظام و العديد من المثقفين المحسوبين على العلمانية من تردداه لدرجة اقترن بها هذا المفهوم مع جرائم عائلة الاسد,و ان كنت لا احمل المسؤولية عن هذا التشويه للنظام ولا لانصاره لانهم ابعد ما يكونوا عن البشر حتى نحملهم وزر تشويه جانب فكري لكن الحق كل الحق على العلمانيين انفسهم الذين لم يحاولوا التصدي لهذا الاعتداء على الفكر العلماني من قبل نظام دكتاتوري و مجرم و ابعد ما يكون عن الفكر العلماني,
فالعلمانية بمبدئها الاساسي القائم على فصل الدين عن الدولة جاءت لحماية الانسان وصون حريته و حقه في الحياة بكرامة و هنا يتقاطع الفكر العلماني مع الفكر الاسلامي بحقوق الانسان الاساسية و هو حق الحياة اولا و بالتالي فان اي مناصر لفكرة قتل الانسان ليس بعلماني و لا اسلامي و لا يحمل اي فكر اساسا لان الفكر جاء من اجل تأمين حياة افضل للانسان و اي مناصر للقتل يكون قد استغنى عن الصفة الانسانية التي يحملها قبل ان يكون قد تخلى عن الفكر الذي يعتنقه
ثم ان العلماني الذي يقبل بقتل عشرات الالوف من البشر من اجل الدفاع عن نظامه المتخيل و المتمثل في حكم عائلة الاسد يجب عليه ان لا يرفض لاحقا كل انتهاكات الاسلاميين له بنفس الحجة......اي الدفاع عن النظام الاسلامي لانه يكون وقتها قد شرع لفكرة ابادة الطرف الاخر غير المؤيد لفكره و طريقة حياته
العلمانية لا يمكن ان تبرر اي عملية قتل حتى للمتشديين في الدين لان قتل اي كان في النظام العلماني لا يمكن ان يتم الا بواسطة احكام القضاء و حسب النصوص و الاحكام القضائية و ليس حسب اهواء الشبيحة و كل من هب و دب من عناصر حزب الله اللبناني و العراقي و الحرس الثوري الايراني,
ثم منذ متى اصبح حزب الله اللبناني و امينه العام حسن نصر الله او الخامنئي مدافع عن العلمانية بل و ممثل لها
ما هذا الخداع و التناقض الذي يعيش به او يروج له بعض العلمانيين؟
ثم ان الفكر العلماني جاء ليطبق على مجموع الناس التي يعتقد العلماني انه واحد منهم و ان ما يحمله من افكار يمثل الخير و الجمال لهم و كل من لا يقف مع ناسه و اهله و يناصرهم و يدافع عنهم هو خائن لهم و لا يحق له تطبيق اي فكر عليهم لانه ببساطه ليس واحدا منهم
انا لا يحق لي المناداة بتطبيق فكر ما الا على شعب انتمي له و احرص عليه و على حياته و كرامته و اشاركه فرحه و حزنه و كل من يتخلى عن الاحساس بهذا الشعب فليصمت و لا يتبنى اي فكر يطبق على دولتهم
و من اغرب الحجج التي يسوقها بعض العلمانيين للدفاع عن نظام عائلة الاسد انهم لا يقبلون ابدا ان يحكموا من قبل ذوي الذقون الطويلة و الاشكال الغريبة والشاذة و التي يقصدون بها الاسلاميين و انهم مستعدون لمناصرة الشيطان لكن الا يحكمهم هؤلاء الاسلاميون (الهمج و الرعاة حسب قولهم) او كما عبر احد مدعي العلمانية حين قال (نار بشار و لا جنة الاسلاميين) و اقول من اغرب هذه الحجج لان من يقول ذلك نسي ان من يحكم سوريا الان هم الشبيحة و التي لهم –و للمفارقة- نفس الشكل و الصورة للاسلاميين كما يروجها لهم اعدؤهم.....فالشبيح بالنهاية له ذقن طويلة و شكله غريب بل ربما اكثر غرابة و شذوذا حتى من الاسلامي المتشدد بصورته الافغانية التي يحملها الكثير من العلمانيين المتشدديين له,
و لذلك اطلب من جميع السوريين و العالم التمييز بين العلماني الذي يحمل فكر عمره مئات السنين و له مبادئه و قوانينه و التي يعد احترام الانسان محورها و بين معتوهين مصابين باضطراب الرهاب من الاسلام و الذين يمكن ان يقبلوا التخلي عن كل قيمهم و انسانيتهم و ضمائرهم من اجل عدم تقبل الدين الاسلامي
هؤلاء لا يمتون للعلمانية باي صلة....بل ان العلمانية تحترم الفكر الاسلامي و الدين الاسلامي بل و تحترم كل الافكار و الاديان لانها جاءت اساسا للمطابة بحرية الانسان في اعتناق اي منها دون اكراه او قمع
انا علماني و علماني حتى النخاع و انا ايضا مع الثورة السورية لانها ثورة كرامة و معها حتى النخاع.....و انا مع محاكمة كل المجرمين الذين تعرضوا لاهلي و ناسي لاني منهم و لن اقبل ابدا ان اعيش مع من قتل اهلي حتى لو ادعى انه علماني.....و اقف مع كل من يحمي اهلي و ناسي حتى لو كان اسلاميا
هكذا ارى العلمانية و هكذا اعيشها بشكل صادق مع نفسي و متجانس مع فكري و بعيد عن كل امراض الرهاب من الاسلام

احمد عسيلي
(143)    هل أعجبتك المقالة (124)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي