أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نصر الله وخطاب التضليل... فرحان الأسمر

بدأ نصر الله كلامه عن الموضوع السوري بالقول : ( أنه أصبح على يقين أن الهدف مما يجري في سوريا ليس فقط إضعاف أو إنهاء دور سوريا في القضية الفلسطينية إنما تدمير سوريا ) وفي هذا السياق نقول له – صح النوم يا سيد – إنك لم تكتشف البارود بهذا الاستنتاج ، فمنذ الأسابيع والأشهر الأولى كان واضحاً لكل غيور ووطني أن الذي يجري هو مؤامرة على سوريا الوطن والشعب...


لكن المشكلة أن نصر الله يبدأ التاريخ من النقطة التي يريدها إمعاناً في التضليل الذي تشارك به مع النظام منذ اللحظة الأولى للانتفاضة السورية ، التي لم ير فيها إلا جزءا من مؤامرة كونية على صديقه النظام السوري ، النقطة التي اختارها ليبدأ منها التاريخ هي الخيار العسكري للمعارضة ، قافزاً بأسلوبه التضليلي المعهود فوق حقيقة أن النظام هو من دفع باتجاه الخيار العسكري عبر سلوك طريق الحل الأمني منذ اليوم الأول ، عبر القمع الدموي للمتظاهرين السلميين ، حقيقة أكدها رأس النظام عندما اعترف أن السلاح لم يظهر قبل رمضان أي بعد خمسة أشهر من بدء الانتفاضة ، ثم عاد وأكدها نائب الرئيس فاروق الشرع بقوله أن النظام كان يستجدي وجود مسلح واحد على سطح بناية ما ثم يتحدث عن اتجاه آخر مقابل اتجاه الخيار العسكري ، وهوالاتجاه الذي يضمه والنظام وإيران وروسيا ، اتجاه يدَعي أنه كان يحذر من خطورة ما يجري في سوريا ، وأن أي فرد أو عالم أو سياسي في هذا الاتجاه لم يصدر فتوى أو دعوة لقتل كل من يخالف النظام ، في مقابل فتاوى ودعوات من علماء وسياسيين معارضين لقتل كل من يؤيد النظام حتى لو كان مدنياً ، وهنا أيضاً قمة التضليل بل العهر في التضليل ، صحيح أن فتاوى ودعوات كالتي تحدث عنها قد قيلت من هنا وهناك ، وهي دعوات تافهة مرفوضة ومدانة من كل معارض ووطني شريف ، لكن بالوقت نفسه التظاهر بالبراءة عكس واقع الحال هو غاية الإجرام ، أولا النظام كان يقتل دون حاجة لفتاوى ، ونصر الله هنا إذ يذكر بعض الحوادث والتي ربما تكون صحيحة ، يتانسى عن عمد مشاهد القتل وإذلال الناس في الأيام الأولى للانتفاضة يوم كانت سوريا من أقصاها لأقصاها لا يوجد فيها مسلح واحد ، أم أنه لا يزال يصدق أن من داس على رؤوس الناس في البيضا هم بشمركا؟ أم ما زال يقول أن أطفال درعا كانوا قد نسقوا مع الموساد الاسرائيلي وإن كان قد أقلع عن إرسال هذه التهمة بعد قصة فايز كرم وتكرار كشف العملاء من خالص قيادات حزبه ؟ وقبل هذا وذاك يتناسى أن النظام – صديقه – قد استعد للانتفاضة قبل حدوثها بشعار أرسله على هواتف المواطنين المحمولة يقول ( إن كانت الشعوب تحرق أوطانها لتغيير رؤساءها فنحن سنحرق العالم للحفاظ على رئيسنا ) وتعامل مع الإنتفاضة بشعار ( الأسد أو نحرق البلد – الأسد أو لا أحد ) ، أليس سكوته عن هذه التصرفات إقرار لها ؟؟، من باب السكوت في موضع التصريح تخصيص أو إقرار ، على اعتبار أنه لم يترك شاردة وواردة في الشأن السوري إلا وتحدثت بها ، وأكثر من ذلك ألم يخرج نصر الله منذ البداية ليقنعنا بخطورة تغيير النظام في سوريا على القضية الفلسطينية ، ألا يعني ذلك وضع كل من يعارض النظام بموقع العميل لإسرائيل وبالتالي يحلل قتله ؟ ألم يقل ربيبه سمير القنطار أنه مستعد للذهاب إلى سوريا ليقطع يد كل من يحمل السلاح بوجه النظام السوري ، مستعيرا فكرة تقطيع الأطراف من سيده نصر الله ؟ ألم يكتب جان عزيز المحلل السياسي لحليفه عون : (لم يبق لأمريكا إلا خيار الخروج الهادئ ، فيما يشبه خيار التعامل مع صدام بعد حرب الخليج الأولى ... نموذج صدام يعني حتما أن حلبجة الثانية قريبة ، وأنها - المعارضة السورية - قد تباد كلياً ... فكيف إذا كانت البوادر قد بدأت مع اغتيال الحسن ) ، القتل وفتاويه لا تنفيه غياب فتوى صريحة بفعل التقية والمكر السياسي طالما أنه يمارس على الأرض ، وسكوت نصر الله عنه هو موافقة عليه ، والساكت عن الحق يكون احيانا شيطاناً أخرس وأحياناً شيطاناً فصيحاً ! ألم يتهم الراحل البوطي المتظاهرين بالكفر وأن جباههم لا تعرف السجود وكان قد هاجم برهان غليون فقط لأنه علماني؟ ألم يقل المفتي حسون أن عنده خلايا انتحارية نائمة في الغرب والعالم ستتحرك بالوقت المناسب ؟ وما أدرانا إن كان حسون قد بدأ باستدعائها إلى سوريا ؟؟.

نعم كان نصر الله وروسيا وإيران ينبهون من خطورة ما يجري في سوريا ولكن لجهة التخويف من امتلاك الشعب السوري لحقوقه وحريته ، لكن لا حزب الله ولا روسيا ولا إيران نصحوا النظام بأن يبتعد منذ البداية عن الحل الأمني الذي دمر البلد واستقدم الإرهاب ، بعد أن قضى على كل القوى المدنية الديمقراطية في الميدان ، هذه القوى التي كانت تريد حرية حقيقية وديمقراطية حقيقية للجميع ، ولم تثُر إلا على الاستبداد والقمع ، و هي بالوقت ذاته ممتلئة بالوطنية والقومية والحرص على القضية الفلسطينية ، هذه القوى المدنية تآمر عليها كل من النظام وروسيا وإيران وحزب الله ، وتمت تصفيتها إذ لم يكن لها من يدعمها ، ثم جاءت القوى الأخرى وأكملت المؤامرة ودعمت القوى الظلامية التكفيرية ، قوى أراد النظام وجودها بداية كي يبدو بمظهر من يحارب إرهاباً وليس من يواجه انتفاضة شعبية فكان له ما أراد لكن بصورة خرجت عن سيطرته ، نعم هذه هي أطراف المؤامرة على سوريا الشعب والوطن.

يقول نصر الله إن من يدعو للحوار من المعارضة يحارب من قوى المعارضة ذاتها ويضرب على ذلك مثال  مبادرة معاذ الخطيب" ، وأنا أقول له أن ذلك صحيح بشكل عام لكنه نصف الحقيقة ، والنصف الثاني والذي" يسكت عنه نصر الله بل متواطئ به ، وهو أن النظام قد قضى على كل من دعا لحوار لا يتضمن مقولة ( الأسد للأبد ) ، وإلا بماذا يفسر نصر الله قتل غياث مطر ، ومعن عودات ، و...و.... ومن قتل من المتظاهرين تحت التعذيب في سجون النظام وهم بالمئات ؟ لماذا اعتقل عبد العزيز الخير ... لماذا لا يجرؤ هيثم مناع على دخول سوريا ... لماذا أحيل ميشيل كيلو لمحكمة الإرهاب ... لماذا فُركت أذن قدري جميل عندما تجرأ وسمى الأمور باسمائها وطالب بتأميم شركة الاتصالات ، فتم تعنيفه من رامي مخلوف وأقيل من رئاسة هيئة الاستثمار رغم تنصله من تلك المطالبة ...؟؟؟ الحوار الذي يريده نصر الله للسوريين هو الحوار ذاته الذي يريده النظام والذي يفرضه نصر الله على اللبنانيين ، حوار الإذعان .... تعالوا وقولوا ما تريدون وأنا أفعل ما أريد طالما القوة بيدي ...!!

يتباهى نصر الله أن توقعات سقوط النظام خلال وقت قصير قد فشلت كلها ، وهو يتجاهل أن تلك التوقعات قد بنيت على اعتبار أن نظاماً ينتفض شعبه ضده لا يمكن أن يتشبث بالسلطة ، وليس على اعتبار أنه سيستعمل كل القوة التي تمتلكها الدولة ضد الشعب ويسير بالأمور لوضع الحرب الأهلية المدمرة منفذاً مقولة ( الأسد أو نحرق البلد ) وها هي تحترق فعلا .. ثم أن نصر الله ينسى بل ويريد أن يضلل الناس ويقنعهم أنه لم يكن من جماعة ( خلصت ) التي كانت تتجدد كل أسبوع أو كل شهر ، سواء على لسان مسؤوليه أو لسان صديقه الحص أو حليفه عون الذي حدد يوم الثلاثاء لإنتهاء الأزمة السورية ، أو على لسان الكذاب وئام وهاب أو بتحليلات شبيحته رفيق نصر الله وناصر قنديل.

على المستوى الاستراتيجي يكرر نصر الله التهديد بقوة محور أصدقاء النظام وهذا ليس جديداً بل هو إعلان المعلن وشد للعزائم ، أما ما ساقه في تبرير وحجج لتدخله في سوريا فلا يعدو كونه تأكيداً لهذا التدخل ولا يستحق المناقشة ، لكن أهم ما فيه استهانته بالدولة اللبنانية وتنصيب نفسه فوق كل مؤسساتها
لقد كان بحق خطاب تضليل وتزوير للحقائق ، لكني أعترف له أنه أشطر من يحاضر عن الصدق.

(101)    هل أعجبتك المقالة (102)

أبوشاكر الديمقراطي

2013-05-01

يقول الكاتب " يتباهى نصر الله أن توقعات سقوط النظام خلال وقت قصير قد فشلت كلها ، وهو يتجاهل أن تلك التوقعات قد بنيت على اعتبار أن نظاماً ينتفض شعبه ضده لا يمكن أن يتشبث بالسلطة " يعني أخي الكريم حضرتك تفاجأت من تشبث النظام بالسلطة وكنت تتوقع أن يترك السلطة بمجرد خروج الشعب ضده !!!، الحقيقة أن توقع سقوط النظام بسرعة من قبل الكثير من لمعارضين السوريين ومئات التصريحات عن ذلك ، حتى أن الكثير من المعارضين تورط في أعطاء تاريخ محدد لسقوط النظام ، كل هذا ناتج عن خلل في طريقة تفكير هؤلاء وليس لأن النظام فاجأكم بالتشبث بالسلطة ، على كل حال هذه مغالطة واحدة تضاف إلى مغالطات كثيرة يحتويها الكلام أعلاه تحتاج إلى وقت طويل لتبيينها.


علي جاسم

2013-05-02

السيد أبو شاكر الديمقراطي ، بما أنك ديمقراطي جدا فإنك استغربت أن يتوقع أحد من نظام ما التنازل عن السلطة لأن الشعب انتفض ضده ، فعلا توقع ساذج لأن الديمقراطية تقضي أن يقتل النظام الديمقراطي الشعب ليبقى في السلطة ، وواضح أن انشغالك الشديد بأمور ، الديمقراطية منعك من مناقشة المغالطات الأخرى التي تدعيها في المقال ، مقال جيد جدا وكل فكرة فيه تصيب كبد الحقيقة.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي