غابت شمسُها، واختفى بريقُها، معارضتُنا الحكيمة، كدنا ننساها. ذلك أن ثوار وناشطو الداخل غارقون في مهامهم العسكرية والإغاثية التي تنوء بحملها الجبال، وما عادوا يلتفتون إلى أنشطة المعارضة وانتخاباتها ومجالسها الموقرة.
مرت سنتان لم تقدم خلالهما هذه المعارضة أي شيء يذكر لمن هم في الداخل، لذلك وجدت نفسها مؤخراً ملزمة بإعادة اهتمام شعبها السوري بها، ولفت أنظار باقي دول العالم لوجودها.. فخرج علينا أحد جهابذة المعارضة بفكرة تطهيرها، وذلك بالقبض على المعارضين الواحد تلو الآخر، ووضعهم في مكان لم يحدد لنا جغرافيته بعد، وبدأ برأس المعارضة ورئيس ائتلافها (المستقيل مرتين)، بحجة "أن شيخنا الجليل.. لم يُفْتِ بزواج الدائرة من المستطيل!!.. ولا بولاية المسيحي على الإسلامي!!... لذلك وجب علينا "اعتقاله".
أوقع تصريحُ معارضنا الفذ بالحيرة مَنْ أوقع، وبالخوف والوجل مَنْ يفكر في إمكانية الوقوع بالخطأ من اليوم فصاعداً، وبخطر الاعتقال (وربما الشنق) إذا فكر شيخُ المحامين، مثلاً، بالدفاع عن أحد من الذين قد يصدر حكمٌ بالقبض عليهم مستقبلاً.
ربما ارتأى جهبذُنا هذا... وبعد تفكير طويل، حلاً سهلاً ومجرباً، وهو أن يبقينا في زمن الأحكام العرفية التي تصدر عن شخص واحد دون تبيان أسبابها، وتلتزم البقيةُ بتنفيذها.. فقد استذكر، بعد مرور سنتين على الصراع، أن هذه الطريقة الهمجية قد نجحت مع الدكتاتوريين عبر عشرات السنين، فنحن في رأيه (الذي يشبه رأي ذاك المخبول) لم نتهيأ بعد للحياة الديمقراطية، ولم نصل إلى مرحلة نستطيع فيها حل خلافاتنا بالتحاور وتقبل بعضنا للآخر، ورؤية فيمن يخالفنا الرأي شريكا لنا في الوطن وليس مجرماً يلزم اعتقاله..
هذا يعني أننا، بعد سنتين، ومية ألف شهيد، وعشرات الألوف من الأبنية المهدمة: تيتي تي تي.....
ليلة القبض على معاذ

فاطمة ياسين - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية